الإثنين 2021/01/11

آخر تحديث: 12:59 (بيروت)

سيجارة فيروز وأم كلثوم وأسمهان

الإثنين 2021/01/11
increase حجم الخط decrease
في عالم الكتابة، كثيراً ما يتعاطى الكتّاب والشعراء مع السيجارة كجزء من نسيجهم الإبداعي، أو هي الشيء الموازي للقلم، ولا ينزل الحبر على الورقة البيضاء من دون تصاعد دخان اللفافة، تلك هي الصورة النمطية والتقليدية، حتى أن أبرز صور الشعراء والمثقفين تتصدرها سيجارة أكثر من القلم، من سارتر الى ألبير كامو وغسان كنفاني ونزار قباني ونجيب محفوظ... 

في المقابل، في عالم الطرب تبدو السيجارة كشيطان. فحين ظهرت الفنانة اللبنانية، ياسمين حمدان حاملة السيجارة، في أكثر من صورة فنيّة وليس في الأيام العادية، اعتُبِر فعلها، تمرّداً... فهي لا تدخن فحسب، بل ترفع السيجارة كتحدٍ للصورة النمطية للغناء التي تقول إن التدخين مضر بالحنجرة، ويؤثر في مستقبل الصوت... وفي هذا السياق حين نُشرتْ في صفحات "فايسبوك"، صورة للفنانة فيروز وهي تحمل السيجارة، خلال جولة لها مع فرقتها في اميركا في بداية السبعينيات، بدتْ سيجارة فيروز "مستغربة" بالنسبة لبعض الفضوليين، إذ كيف لصاحبة الصوت الذي يسحر الملايين أن تدخن؟ أو حتى كيف تخرج عن صورتها المألوفة، وقد اعتاد الجمهور على صورة فيروز الإيقونة، الخاشعة أو "الما فوق انسانة"؟ مع أن لفيروز تجاربها في أطوار الحياة، وسبق أن نشرتْ صورة وهي تدخن وتشرب القهوة... فهل يحرّم الصوت ملذات الحياة؟

وامتد الجدل حول السيجارة إلى أم كلثوم، فسبق أن نشرت صفحة أرشيف مصر صورة نادرة لها وهي تدخن سيجارة. وقالت الصفحة إن أم كلثوم تدخن سيجارة خلال جلسة لاتحاد النقابات الفنية ويعود تاريخها إلى 8 يوليو 1952 أثناء "وصلة خناق" دخلت فيها في نقاش حاد مع جميع من حولها. وأضافت الصفحة أن أم كلثوم اتهمت خلال الجلسة يوسف وهبي بالتقصير في حضور جلسات الاتحاد، فردّ أنه كان مشغولًا في تصوير أكثر من عمل ولم يقصد التقصير. وجمعت صورة نادرة أم كلثوم، مع زوجها الدكتور حسن الحفناوي، خلال متابعتهما مباراة مصر وروسيا العام 1955، وهي تدخن سيجارة...

وقصة أسمهان مع التدخين تبدو أكثر وضوحاً وجموحاً، فالكثير من الكتابات تركز على أن إنها ما كانت تترك الكأس من يدها، وكانت تقول "إنها لا تحب أن ترى الكأس فارغًا"، وكانت تدخن بشراهة. ورغم من أنها كانت تدخن علناً ونرى ذلك في صورها، اعترض بعض ورثتها على المخرج شوقي الماجري لأنه اظهرها كمدخنة في مسلسله (أسمهان) الذي صوره عن سيرة حياتها، وبدا أن بعض الورثة يريدونه "ما فوق إنسان" أيضاً، أميرة مناضلة، ناطقة بلسان الجماعة، قائدة لا تخطئ ولا تشرب ولا تدخن، ومنزهة من أي جانب "سلبي" إذا جاز التعبير.

بالطبع أصحاب الأصوات الماسية الكلاسيكية (الأيقونية)، يلفتون الانتباه إذا ما اقتربوا من السيجارة، وصورهم نادرة في هذا المجال، ويتحولون إلى موضوع جدل في فايسبوك، كأن الفضوليين يريدون حماية الصوت حتى بعد رحيل صاحبه. مع التذكير بأن عشرات المطربين الآخرين (أصالة، وائل كفوري، معين شريف، محمد منير، وغيرهما) يدخنون ويتناولهم الإعلام بطريقة ثانوية. 

وإذا كانت صورة أصحاب الأصوات الكلاسيكية الماسية، مع السيجارة، "مستغربة" أو غير "مألوفة"، في المقابل ثمة أسماء فنية بارزة مجّدت التدخين في الأغاني. فموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، له أغنية شهيرة بعنوان "الدنيا سيجارة وكأس". أما الفنان سيد درويش، ملحن النشيد الوطني المصري، فقد غنى للكوكايين في عشرينيات القرن الماضي. أما شيخ الثوريين إمام عيسى فيقول "دلي الشكارة جنب الشكارة واقعد يا حفني ولعلك سيجارة فكّر شوية".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها