الثلاثاء 2020/02/25

آخر تحديث: 12:48 (بيروت)

"بيروت آند بيوند".. بيروتي قحّ هذا العام

الثلاثاء 2020/02/25
increase حجم الخط decrease
قرر منظمو مهرجان "بيروت آند بيوند"، الذي تأسس بالشراكة مع مهرجان أوسلو Oslo World، حصر نسخة هذا العام "استثنائياً" في الفرق اللبنانية (من 28 شباط حتى 2 آذار)، خلافاً للنسخ السابقة التي كانت تعطي الحيز الأكبر للفنانين العرب بالدرجة الأولى، والأوروبيين بالدرجة الثانية. ويأتي هذا القرار بحسب النص التقديمي للمهرجان: "من أجل مواكبة اللحظة اللبنانية".. و"التزاماً بالمشهد المحلي المستقل الذي يرغب المهرجان في دعمه وإعطائه كل طاقته واهتمامه". 


يمكن رؤية القرار متناقضاً مع الهوية "العالمية" للمهرجان الذي سمّي في الأصل Beirut And Beyond  أي "بيروت وما أبعد" وهو اسم ينسجم مع الهدف من إنشائه: ربط المشهد البيروتي بما هو أبعد منه. لكن يبدو أن ما وصفه المنظمون بـ"اللحظة اللبنانية"، حتّم كسر القاعدة التي لطالما كانت سارية على المهرجان منذ تأسيسه العام 2013، مقدمة بذلك سبباً للإحتفال بما يوحد الموسيقيين الذين منذ 17 تشرين الأول وجدوا أنفسهم أمام صيغة مستجدة من الوطنية، لم يختبروها سابقاً، لا سيما أن الفنانين يعتبرون من الفئات الحاضرة بقوة في التظاهرات.

هكذا ولدت نسخة وطنية من "بيروت أند بيوند"، تعتبر الأكبر في تاريخ المهرجان، إن كان من ناحية عدد الفرق المشاركة والذي يبلغ أكثر من عشرين، أو من ناحية عدد الأندية الليلية التي تنظم فيها الحفلات في مختلف أحياء بيروت. يضم البرنامج عدداً ضخماً من الأسماء الناشطة في عالمَي الموسيقى الإلكترونية والكهربائية (بوست روك، إندي، روك تجريبي، تكنو، نويز، درون  ...)، بالإضافة إلى حضور فناني جاز، وتواجد لأسماء من عوالم وأنماط موسيقية مثل الراب، الموسيقى العربية، والصوفية.

يحاول المهرجان تقديم برنامج "وطني" ومتنوع، يضم أكبر عدد من فرق الصف الأول، لكن مع ذلك يبقى حضور الأنماط الكهربائية والإلكترونية الأكثر طغياناً عليه. يشبه هذا، حال مشهد الأندرغراوند اللبناني بشكل عام، والذي رغم تنوعه، يشهد نشاطاً للأنماط الكهربائية والإلكترونية أكثر من غيرها. 


يمكن تفسير سيطرة هذه الأنماط على المشهد العام من زوايا عديدة. من ناحية الموسيقى الإلكترونية، تعتبر مهنة منسق الإسطوانات، مهنة مستقرة نسبياً، ولم يتوقف الطلب عليها من الأندية الليلية منذ التسعينيات، رغم أصعب الظروف التي مرت على لبنان، ما سمح للموسيقيين الإلكترونيين بالازدياد ومراكمة تجاربهم خلال أكثر من عقدين، ليصبحوا اليوم الأكثر نشاطاً في المشهد. ساعد التنوع في الأندية الليلية، ووجود أندية تشجع الأنماط غير التجارية والتجريبية، في ولادة موسيقيين من مستوى عال، أسسوا مجموعات لهم وساهموا في ولادة وسط حولهم يضم جمهوراً ومؤسسات.

من ناحية الأنماط المتفرعة من الروك التي تسيطر على المشهد العام، يمكن رؤية تشجيع الأهل الأولاد على اقتناء الغيتار في سن مبكرة (وبدرجة أقل آلة "درامز")، كعامل يعزز فرص التوجه إلى الأنماط الدائرة في فلك الروك، بالإضافة إلى توجه فئات كثيرة إلى الغناء بالإنكليزية، وهذا ساعد أيضاً في زيادة الطلب على الغيتار الذي يشكل مرافقاً مثالياً للمغني أو المغنية عندما يريدون الغناء والعزف في الوقت نفسه. استفاد الموسيقيون الأصغر سناً من تجارب الأجيال السابقة، التي أسست فرق روك وهارد روك وبانك وبوست روك منذ بداية الألفية (سكرامبلد إغز، ذا إنكومبيتانتس، لومي، ذا نيو غوفيرمنت، بلند...) وشكلت إلهاماً لهم. 


من الفرق القريبة من الروك التي ولدت هذا العقد وتشارك في المهرجان يمكن تسمية "بوست كاردز" (إندي) التي  تعتبر زائراً دائماً في المهرجانات، بالإضافة إلى "غيزمو" التي تتحرك بين الإندي والجاز، "آلان أبي" التي تتشكل من موسيقي واحد هو عازف الغيتار الكهربائي البارع آلان أبي سليمان، "كيد فورتين" (المغني الأقرب إلى "بانك")، أما الفرق المنتمية إلى الجيل الأكبر، والمشاركة في المهرجان فمنها "كالاميتا" (كراوت روك وروك تجريبي) التي تضم مؤسس مهرجان "ارتجال"، شريف صحناوي، "ذا باني تايلرز" التي تعتبر من المؤثرين في الجيل الأصغر (تحديداً "كينماتيك" و"كوزو") وساهم أحد اعضائها في تسجيل ألبومات فرق  الروك الجديدة ضمن الإستديو الذي يمتلكه (تيونفورك ستوديو)، كما يقدم "غوروميران" حفلة منفردة ويعتبر أيضاً من الجيل الأكبر الذي كان مؤثراً في فرقة "مشروع ليلى" عبر فرقته "بلند" التي كانت ناشطة في منتصف العقد الماضي. 

من ناحية الموسيقى الإلكترونية، تشارك مجموعة أسماء عرفت بميلها التجريبي والمحب للضجيج، مثل أنطوني صهيون الذي يقدّم عرضاً منفرداً (أحد أعضاء فرقة كينماتيك) ويعرف باستعماله الزائد لأصوات الدرون، زياد مكرزل الذي يعتمد الأسلوب الإختزالي (Minimal)، جواد نوفل الموجود في المشهد منذ أكثر من 15 عاماً ويمتلك عدداً ضخماً من الألبومات المتنوعة من ناحية الأسلوب والمضمون (شارك لفترة في العزف إلى جانب مؤدي راب)، بالإضافة إلى ليليان شليلا التي قدمت العام الماضي عرضاً رائعاً ضمن "بويلر روم"، وهي أيضاً من الأسماء الناشطة منذ مدة طويلة وتعاونت مع أسماء كثيرة ضمن المشهد، ما ينطبق على هذه الحفلة التي تتعاون فيها مع عازف الجاز طارق يمني في حفلة ستكون ذات طابع إرتجالي خام. 


كرس المهرجان حيزاً جيداً لموسيقى الجاز، وبالإضافة لعازف البيانو طارق يمني الذي يمزج الجاز مع الموسيقى الشرقية، يقدم المهرجان حفلة لدونا خليفة التي تمتلك خطاً خاصاً بها ويمكن القول إنها الإسم الأكثر حيوية ضمن مشهد الجاز المحلي الغارق في بَلادته، كما تشارك في المهرجان فرقة "رباعي جازمين باي" بعازفيها المتنوعين، وبعضهم ذو باع طويل في الموسيقى الشرقية، لكن الفرقة تبقى أقرب للخط التقليدي بشكل عام.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها