وجاء في تعريف الناشر أن الشاعر يُشيِّدُ مُدناً من الخراب، يرتِّب الأنقاضَ بقصائد مؤلمةٍ، وذاكرة تعجُّ بأصواتِ القنابل والانفجارات، كأنَّ كلَّ نهايةٍ دمار، وما يأتي لاحقاً هو عدمٌ ولا شيء، فالمنافي الباردة، تزيدُ من الألم وتُعمِّقُ الجراحَ البعيدة. هنا تبدو العتبتان اللَّتان استهلَّ بهما الشاعر كتابه، بخلفيتِهما السوداء وبياضهما المؤلم، مهمِّتَيْن للمضي في رصدِ أنطولوجيا الحرب ومآسيها؛ وسيرة آخر الجنود، يكتبُ البكر: "الألمُ ذلك الشيءُ/ الذي لا يُسبِّبهُ أحد..." ويضيف: "ما عدا القنابلَ/ والأطلالَ/ والدمعةَ في العين/ لا شيءَ/ أيَّتُها البلاد".
نقرأ: لا ترى ما يقرؤُهُ الصَّمتُ/ في كتابٍ أبيضَ بلا كلام/ يتحدَّثُ عن أطفالٍ من سُورية/ حاولُوا عُبُور البحرِ/ وطافوا هناك.
هكذا، يصبحُ تدوينُ الكوابيس وتسجيلُ المناماتِ عملاً يوميّاً، يحدثُ كأيِّ شيءٍ يوميٍّ في دورة الحياة. هل ستكونُ الكتابة منجاة؟ أم هي عكسُ ذلك، حتّى وإن ارتبطت بالتفاصيلِ العادية، لرجلٍ ضائع ما بين الجمر والرمّاد، رجلٌ تحيطُ ببيتهِ أشجار الحدائق في لندن، بينما تتسَّللُ إلى غرفة نومه رائحةُ شجرةٍ من الغوطة في الخريف.
عن المؤلّف:
بشير البكر كاتب وصحافي وشاعر سوري، مواليد مدينة الحسكة نهاية الخمسينات. مقيم حالياً في باريس، صدرت له ستُّ مجموعات شعرية هي: معلقة الكاردينال، قناديل لرصيف أوروبي، أرض الآخرين، ليس من أجل الموناليزا، ما بعد باريس، عودة البرابرة. وفي السياسة صدر له: القبيلة تنتصر على الوطن، القاعدة في اليمن والسعودية. تُرجمَ عدد من أعماله إلى الفرنسية، الإنكليزية، والتركية.
عمل في جرائد وصحف عربية عديدة منذ 1980، ونال العام 2008 جائزة الصحافة العربية. شارك العام 2013 في تأسيس صحيفة "العربي الجديد"، وعمل رئيساً للتحرير حتى منتصف 2019. يعمل حالياً رئيساً للتحرير في "تلفزيون سوريا".
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها