حجم الخط
مشاركة عبر
حين سربت الصحافة العربية والغربية معلومات عن الأب بولس مسعد الذي قتله جورج غصن، والد رجل الاعمال كارلوس غصن، وعن علاقة القتيل بالفنانة صباح، قلنا في البداية، إن الأمر مجرد بحث عن الإثارة والتشويق ولفت الانتباه... لكن مع البحث البسيط والتدقيق، تبيّن أن القضية أعمق مما ذكر، وتكاد تكون فيلماً بوليسياً بامتياز، خصوصاً أن الجريمة شبه موثقة من خلال رواية بعض الشهود... ويزيد من تشويق الفيلم، هوية بولس مسعد الدينية، وانتسابه السياسي في مرحلة إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، وتقربه من الزعيم انطون سعادة، وعلاقته بتهريب الألماس بين أفريقيا ولبنان، وفوق ذلك ما روته عنه الفنانة صباح.
ففي المذكرات، التي نشرتها صباح على شكل حلقات مُسلسلة في مجلة الشبكة اللبنانية، كتبت اعترافاتها، وكان أهمها ما جاء في الحلقة العاشرة، عن طلب الخوري بولس مسعد منها الزواج وكان يريد التضحية بالرهبنة من اجلها، بحسب عنوان مجلة الشبكة. قالت صباح" كنت أتردد على إبرشية الموارنة في حي شبرا في القاهرة؛ لأقوم بخدمة القداس الإلهي، وكان أحد رعاة الإبرشية المرحوم الأب بولس مسعد الذي قتل 1960 على طريق مجدل بعنا في لبنان، واتهم في قتله كل من الصيرفي جورج غصن، وسليم عبد الخالق. وتضيف صباح: كان الأب بولس مسعد شابًا وسيما يحب الحياة، وكنت ألاحظ نظراته تطاردني باستمرار، وأنه يدبر المناسبات ليلتقي بي وجها لوجه، ثم يرشدني إلى طريق الخير والجمال الحقيقي.
ففي المذكرات، التي نشرتها صباح على شكل حلقات مُسلسلة في مجلة الشبكة اللبنانية، كتبت اعترافاتها، وكان أهمها ما جاء في الحلقة العاشرة، عن طلب الخوري بولس مسعد منها الزواج وكان يريد التضحية بالرهبنة من اجلها، بحسب عنوان مجلة الشبكة. قالت صباح" كنت أتردد على إبرشية الموارنة في حي شبرا في القاهرة؛ لأقوم بخدمة القداس الإلهي، وكان أحد رعاة الإبرشية المرحوم الأب بولس مسعد الذي قتل 1960 على طريق مجدل بعنا في لبنان، واتهم في قتله كل من الصيرفي جورج غصن، وسليم عبد الخالق. وتضيف صباح: كان الأب بولس مسعد شابًا وسيما يحب الحياة، وكنت ألاحظ نظراته تطاردني باستمرار، وأنه يدبر المناسبات ليلتقي بي وجها لوجه، ثم يرشدني إلى طريق الخير والجمال الحقيقي.
والحقيقة لقد اعجبتني ثقافته، فأصبحت استعذب لقاءه، ومن ضمن الذي كان يقوله لي "الله محبة، والسماء محبة، والأرض محبة، والجمال محبة، لأن الله جميل يحب الجمال"، ولم أكن أعرف أن هذه المحبة كانت نارًا تضرب في قلبه، لقد أحبني كما أحب الكاهن بنت الرعية، بل أكثر وربما كان حبه مثل حب الجار لبنت الجيران.
وأدهشني حين وقف مرة معي وقال:
وأدهشني حين وقف مرة معي وقال:
- "لقد طفح الكيل يا جانيت"، فسألته: "أي كيل يا أبونا"؟
ولاحظت أن كلمة أبونا قد جمدته تماماً، وأكمل:
- "كيل المحبة يا جانيت".
قلت له: "لم أفهم"، فتابع:
- "لقد تحولت محبتي لك إلى حب.. حب صاعق.. لكنه بريء"، فسألته: "أتعني أنك تحبني يا أبونا"، فأجاب: "أجل، أنا أحبك بقلبي وضميري وطهري، لكن أرجوكِ لا تقولي كلمة أبونا مرة ثانية بعد اليوم".
فقلت له:
- "وماذا تحب أن أناديك الآن"؟
فأجاب:
-"قولي يا بولس"...
فقلت له:
فقلت له:
- "لكني استحي"، فقال: "لا تستحي يا جانيت؛ لأنك حين تنادينني ببولس فقط فإنك تلامسين القلب والحقيقة والواقع".
فقلت:
-"إي حقيقة يا مولانا"؟
فأجاب:
-"لأني سأخلع ثوب الكهنوت يا جانيت إذا.. إذا.. إذا رضيت بي زوجًا، أجل يا جانيت، سأخلع ثوب الكهنوت، وقد فكرت مليًا بالأمر، ووجدت أنه لا يحق لي ككاهن نذر نفسه لخدمة الرب أن ينحدر للدنيويات وهو يرتدي الثوب المقدس، لذلك وإخلاصًا مني لربي وصيانة مني لكرامة الكنيسة قررت أن أخلع ثوب الثوب إذا رضيت بي زوجًا، فهل تقبلين؟"
فأطرقت للحظات وأنا أفكر في هذه المفاجأة، وقلت له:
-"أنا أيضا أحبك يا أبونا، لكن كما تحب أي مؤمنة رجل رب، وكان يسعدني أن أقرن حياتي بشاب ذكي لو كنت عازبًا ولم تكن كاهنًا، اعتذر يا ابونا واستودعك الله".
وتضيف صباخ "عصر قلب أبونا العذاب فطلب نقله من القاهرة إلى لبنان، وكنت أتصور كل شيء في هذه الحياة إلا أن أغيب عنه 15 سنة، فأعود لأجده مقتولا على درب مهجور في إحدى قرى لبنان".

وما قالته صباح في مذكراتها، فصل من فصول علاقتها بالرجال هي "الدون جوان الأنثى"، صاحبة القصص الغرائبية مع الرجال، سواء الشبان او السياسيين وصولاً حتى رجال الدين والأمراء... وبغض النظر عن حقيقة أو لاحقيقة قصة صباح مع بولس مسعد، السؤال من هو هذا الرجل؟ ما قصته؟ كيف جمع كل هذه التناقضات في شخصيته؟ نقرأ على موقع لبيب ناصيف، وهو من المنتسبين الى الحزب السوري القومي الاحتماعي، عنوان "الرفيق الاب بولس مسعد صعد كثيراً، ثم هبط اكثر"، ويورد ان الأب بولس مسعد من مواليد عشقوت (كسروان) 1913، سافر الى روما وفيها اكمل دروسه اللاهوتية في مدرسة "البروبوغندا" حيث حاز على دبلوم في اللاهوت والفلسفة. عاد الى لبنان وسيّم كاهناً عام 1936. تقلّب في عدة مناصب رهبانية وارسل عام 1952 الى افريقيا برفقة مواطنه القس الياس الحاج حيث وضعا الحجر الاساسي لبناء كنيسة ومدرسة ومستشفى في مدينة "اكرا". هو صاحب كتاب "همجية التعاليم الصهيونية"... يتطرق لبيب ناصيف إلى الزيارة التي قام بها الاب مسعد الى مركز الحزب القومي في العام 1937، نقلاً عن القومي الآخر جبران جريج الذي يقول في كتابه "من الجعبة"، وصل بولس مسعد الى المكتب وسأل:

وما قالته صباح في مذكراتها، فصل من فصول علاقتها بالرجال هي "الدون جوان الأنثى"، صاحبة القصص الغرائبية مع الرجال، سواء الشبان او السياسيين وصولاً حتى رجال الدين والأمراء... وبغض النظر عن حقيقة أو لاحقيقة قصة صباح مع بولس مسعد، السؤال من هو هذا الرجل؟ ما قصته؟ كيف جمع كل هذه التناقضات في شخصيته؟ نقرأ على موقع لبيب ناصيف، وهو من المنتسبين الى الحزب السوري القومي الاحتماعي، عنوان "الرفيق الاب بولس مسعد صعد كثيراً، ثم هبط اكثر"، ويورد ان الأب بولس مسعد من مواليد عشقوت (كسروان) 1913، سافر الى روما وفيها اكمل دروسه اللاهوتية في مدرسة "البروبوغندا" حيث حاز على دبلوم في اللاهوت والفلسفة. عاد الى لبنان وسيّم كاهناً عام 1936. تقلّب في عدة مناصب رهبانية وارسل عام 1952 الى افريقيا برفقة مواطنه القس الياس الحاج حيث وضعا الحجر الاساسي لبناء كنيسة ومدرسة ومستشفى في مدينة "اكرا". هو صاحب كتاب "همجية التعاليم الصهيونية"... يتطرق لبيب ناصيف إلى الزيارة التي قام بها الاب مسعد الى مركز الحزب القومي في العام 1937، نقلاً عن القومي الآخر جبران جريج الذي يقول في كتابه "من الجعبة"، وصل بولس مسعد الى المكتب وسأل:
- "هل حضرة الزعيم موجود؟ سأل الأب المحترم. من شكله يبدو أنه كاهن ماروني. كاهن وفي مركز الحزب، ويسأل عن الزعيم وهو ليس على موعد؟ أنه لأمر مريب.
ــ كلا يا ابونا، أجبته، وانا أرحّب بمقدمه بكل ما وسعني من لطف وكياسة، ودعوته الى الدخول الى مكتب عمدة المالية، مكتبي، فلبى.
"عرّفني بنفسه: الاب بولس مسعد. قادم، وان على غير موعد، لتقديم نسخة من كتابه عن "ابن سينا". انه يهدي هذه النسخة الى الزعيم ويرجوني أن أقوم، بالوكالة عنه، بها العمل.
"عرّفني بنفسه: الاب بولس مسعد. قادم، وان على غير موعد، لتقديم نسخة من كتابه عن "ابن سينا". انه يهدي هذه النسخة الى الزعيم ويرجوني أن أقوم، بالوكالة عنه، بها العمل.
" قرب ظهر ذلك النهار حضر الزعيم الذي كنت أحاول الاتصال به فلم أوفق. حكيت ما جرى مع الكاهن المحترم وقدمت له النسخة. تناولها مني وابتسم وقال: انه الرفيق بولس مسعد، جميل منه هذا الاهداء يحمله بنفسه الى الزعيم".
ولا تتوفر معلومات حول علاقة مسعد بالحزب القومي بعد اعدام سعادة، وقتل مسعد في 9 ايار عام 1960 والروايات عديدة حول مقتله. منها أنه راح يتعاطى، تهريب الألماس بين افريقيا ولبنان. وقد اتهم شريكه في التهريب جورج زوين باغتياله. وكانت "البناء" قد نشرت في عددها بتاريخ 23/10/1960 القرار الظني الصادر بحقه. وبتاريخ 15/03/2005 نشرت "النهار" نص الرسالة الواردة من المهندس فواز محمد عبد الخالق وفيها: "ورد في صحيفتكم الغراء الصادرة في 16/02/2005 في الصفحة 13 تحت عنوان "احصائية للاغتيالات السياسية قبل عام 1975" كان من ضمنها مقتل الاب بولس مسعد بتاريخ 13/05/1963 في مجدل بعنا. يرجى العلم بأن مقتل الاب بولس مسعد كان نتيجة خلاف بين اعضاء احدى شبكات مافيا تجارة الالماس بين افريقيا ولبنان، وذلك بحسب صحيفة "لسان الحال" في الاعداد الصادرة في 15، 16، 17، 18 و 19/05/1963 ولسوء حظ البلدة فقد وقعت الجريمة في خراجها...
أما المعلومات الأكثر شمولية فوردت في كتاب "سيفنا هو القلم" لإياد موصللي، اذ يقول "لم ينشغل اللبنانيون بقصة أو حادثة كما انشغلوا بقصة اكتشاف جثة رجل مقتول حوالي العام 1959 وبداية العام 1960، والجثة مرمية في خراج بلدة مجدل بعنا قضاء عالية". ويسأل من هو هذا الرجل لا أحد يعرف من هو القتيل؟ لماذا قتل؟ ما الذي اتى به الى المنطقة؟ ثم ان ثياب الرجل تدل على أنه أجنبي... وحدها جريدة "لسان الحال" صدر في صفحتها الأولى مانشيت مقتل خوري في مجدل بعنا والكثير من التفاصيل، ينقل اياد موصللي تفاصيل عن الجريمة التي انكشفت وقبض على رجل الاعمال المالي جورج غصن وعلى شخص من مجدل بعنا يدعى سليم عبد الخالق بتهمة القتل...
ويسرد موصللي رواية عبد الخالق في السجن، تبين وجها من وجوه عقلية العصابة في سلوك جورج غصن، يقول عبد الخالق "عندما دخلنا سجن بعبدا كان فيه 17 سجيناً ارمنياً، ثم جاء أرمني آخر متهم بجريمة قتل. بدأت بين جورج غصن والارمني صداقة وكثر تداول الحديث. كنت مبتعدا عن هذا الجو، حذراً جداً من مكيدة قد تدبر ضدي. حتى جاءني الارمني مرة وقال: سليم، انت "همشري" وانا بحب احكي معك شوية. انت شو باتقول لو بتاخد 10 الاف ليرة(نتركها بالعامية كما وردت في النص) وبتقول إنك قوصت الخوري، شغلة بسيطة بعدين بتطلع من الحبس". يضيف عبد الخالق "وصرخت بالرجل، ابتعد عني يا انسان، انا ما ابريد حدا يحكي معي ابداً. وبعد هذا الحادث وفي جلسة استجواب عند المستنطق تشاجرت مع جورج غصن فحاول ضربي" قلت له: ولو كمان بدك تضربني قدام البيك". وانقطع كل حديث منذ ذلك الحين.
أما المعلومات الأكثر شمولية فوردت في كتاب "سيفنا هو القلم" لإياد موصللي، اذ يقول "لم ينشغل اللبنانيون بقصة أو حادثة كما انشغلوا بقصة اكتشاف جثة رجل مقتول حوالي العام 1959 وبداية العام 1960، والجثة مرمية في خراج بلدة مجدل بعنا قضاء عالية". ويسأل من هو هذا الرجل لا أحد يعرف من هو القتيل؟ لماذا قتل؟ ما الذي اتى به الى المنطقة؟ ثم ان ثياب الرجل تدل على أنه أجنبي... وحدها جريدة "لسان الحال" صدر في صفحتها الأولى مانشيت مقتل خوري في مجدل بعنا والكثير من التفاصيل، ينقل اياد موصللي تفاصيل عن الجريمة التي انكشفت وقبض على رجل الاعمال المالي جورج غصن وعلى شخص من مجدل بعنا يدعى سليم عبد الخالق بتهمة القتل...
ويسرد موصللي رواية عبد الخالق في السجن، تبين وجها من وجوه عقلية العصابة في سلوك جورج غصن، يقول عبد الخالق "عندما دخلنا سجن بعبدا كان فيه 17 سجيناً ارمنياً، ثم جاء أرمني آخر متهم بجريمة قتل. بدأت بين جورج غصن والارمني صداقة وكثر تداول الحديث. كنت مبتعدا عن هذا الجو، حذراً جداً من مكيدة قد تدبر ضدي. حتى جاءني الارمني مرة وقال: سليم، انت "همشري" وانا بحب احكي معك شوية. انت شو باتقول لو بتاخد 10 الاف ليرة(نتركها بالعامية كما وردت في النص) وبتقول إنك قوصت الخوري، شغلة بسيطة بعدين بتطلع من الحبس". يضيف عبد الخالق "وصرخت بالرجل، ابتعد عني يا انسان، انا ما ابريد حدا يحكي معي ابداً. وبعد هذا الحادث وفي جلسة استجواب عند المستنطق تشاجرت مع جورج غصن فحاول ضربي" قلت له: ولو كمان بدك تضربني قدام البيك". وانقطع كل حديث منذ ذلك الحين.
وقلق جورج من غضبي، وبدا يوسط الارمن وبقية السجناء ليصالحني، ولكني تمنعت وانزويت لوحدي لا أكلم احداً، خشية من ان يدبر شاهدين يزعمان أنني تكلمت امامهما أنني القاتل... كنت وحيداً ولكني في يقظة دائمة. وسعى جورج كثيراً لاقناعي فلم يفلح، وأخيراً ارسل إلى نائباً بارزاً لاقناعي بما يريد، عرض على الوسيط الجديد مبلغ 15 الف ليرة ومعاشاً شهرياً ل"حرمتي" 250 ليرة على اساس ان اعترف بأني القاتل. فرفضت، وارسلت وراء اقاربي وطلبت منهم ابلاغ بشير بك الاعور (النائب) اني اريد مقابلته. وحضر بشير بك فأخبرته القصة كلها فقال: "يا قطيعة لهون وصلت معهن" ثم قال لا تتكلم عند المستنطق بشي الا اذا كنت اناً حاضرا". وفي مختصر الخبرية حصل الهروب بعد التخطيط وقص حديد السجن، وما يرويه عبد الخالق ان جورج غصن دبر خطة لقتله ودفع مبلغ 4 الاف ليرة لشخص أرمني لهذا الغرض، لكن عطلاً في السيارة أنقذه..
وبين هروب الامس، أي هروب الأب، وهروب الابن، كأن التاريخ يعيد نفسه بقصة مختلفة.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها