جثة في منزل نانسي عجرم... رواية بوليسية فاشلة

المدن - ثقافةالثلاثاء 2020/01/07
نانسي.jpg
حجم الخط
مشاركة عبر
"جثة أو قتيل في منزل(فيلا) نانسي عجرم"، ليس عنوان رواية بوليسية أو فكرة فيديو كليب يجري تصويره حالياً، إنها واقعة حصلت قبل يومين أو ثلاثة، وبدأت حولها الزوابع والروايات والسيناريوهات والمحاكمات من كل حدب وصوب. غرق الفايسبوك في القيل والقال والتبريرات والتبريرات المضادة. قتيل في منزل فنانة شعبية، متزوجة من طبيب الأسنان فادي الهاشم، ولهما ثلاث بنات، ويتأرجح وجهها بين البراءة والاثارة"... وبالتالي ستأخذ قصة القتيل في منزلها الكثير من التأويلات والحبكات البوليسية والشعبوية والمتخيلة في المواقع الالكترونية والسوشيل ميديا والمجلات الفنية والصفراء وبرامج التوك شو "الساخنة" والتافهة...


ومن الحادثة يمكن استقراء ترهات المجتمع حول ما حصل، وهي تعطي جانباً من الواقع اللبناني السائد، وإلى حد ما الواقع السوري...


بدايات الخبر تحدثت عن أن زوج نانسي يقتل لصاً (يحمل الجنسية السورية) خلال محاولته سرقة المنزل، ومن هناك بدأت الهوبرة... رأينا زوابع الكلام تتحدث عن الطبيب و"الأب البطل" الذي دافع عن بناته وأبى أن يهرب، على الرغم من علمه أن اللص يحمل السلاح... قيل إن الطبيب الذي لا يجيد أطلاق النار، أطلق 16 رصاصة من مسدسه بطريقة شبه عشوائية، اصاب السارق المفترض (أو الداخل خلسة الى منزله)، واسرّة بناته في غرفة النوم وساق زوجته المطربة... كانت لحظة هستيرية بالنسبة إليه، وتبين أن الشاب الداخل خلسة الى البيت، يحمل مسدسا خلبياً بلاستيكيا... الواقعة المأسوية وقعت، والفضيحة تكمن في التعاطي معها... كان التركيز الفاضح في بعض الاعلام على كلمة "سوري"(جنسية القتيل) ولهذا دوافعه المسبقة والمبيّتة. أن تقول سورياً في ذهنية مجموعة من اللبنانيين، يعني أنهم يقدمون مبررات مسبقة ومزاعم لفعل القتل على اعتبار ان جسم السوري "لبيس"، ومن السهل اطلاق التهم ضده... ترافق ذلك مع نشر فيديوات كاميرا منزل نانسي عجرم، تبيّن ان الشاب السوري ملثماً ويحمل مسدساً(ثمة من شكك في الفيديوهات)، والمسارعة في نشر الفيديويات الهدف الأبرز منها اعطاء "صك" براءة لفادي الهاشم لدى الرأي العام، أو اعطاء دليل أنه قتل الشاب دفاعاً عن النفس (وهذا الأمر يبته القضاء أولا وأخيراً، وليست تغريدات الفايسبوك وتويتر ولا العواطف)... ومجرد ان أوقفت القاضية المثيرة للجدل غادة عون الطبيب هاشم، بدأت التنظيرات وصرخات التضامن معه من السياسيين والمواطنين، مع ان ما فعلته القاضية يصب في عملها الروتيني، ولم تخترع البارود(اطلق سراحه اليوم). أما نانسي عجرم، فنشرت صورتها وقد عالجت ساقها المصابة بشظية، وغايتها من نشر الصورة، تريد القول لمعجبيها إنها بخير، صورة تبيّن سذاجة الفنانة في اللحظة المأسوية.

واطلق الشارع أحكامه الاعتباطية على ما جري بناء على شائعات وصور... النائب المجاهد والعوني حكمت ديب  قال إن "زوج الفنانة نانسي عجرم فادي هاشم "عنصري": كان لازم يترك الحرامي يسرح ويمرح بالبيت ويقللو يعطيك العافية"... كأن السيد النائب يريد غسل تهمة العنصرية التي غالباً ما يتورط فيها تياره السياسي...
على أن سيناريو الفيلم البوليسي الركيك والمأسوي بدأت تتشعب خيوطه تباعاً وتستند في معظمها الى تكهنات صحافية وفايسبوكية، فنقل أحد المواقع السورية عن عائلة القتيل وهو من ناحية كفرنبل أنه كان عاملاً في حديقة منزل نانسي و"اكلو تعبه على مدى أشهر"، بينما نقلت مواقع أخرى أنه دخل البيت للمرة الأولى. أين تكمن الحقيقة؟ السؤال الذي طرح على أكثر من صعيد، لماذا اقتحم الشاب السوري البيت أو دخل خلسة؟...  هل دخل بالتواطؤ مع الحراس؟ هل هذه طريقة لتحصيل الحقوق؟ هل هو صاحب حقوق أم مجرد لص غبي؟

مجرد أن قيل إن الشاب القتيل كان عاملا في الحديقة، بدأت تكهنات من نوع آخر تراود الفسابكة... بعضها ايديولوجي يضع القضية في خانة "الصراع الطبقي"، وبعضها يضعه في خانة "المظلومية السورية" والعنجهية واجواء فيلم "طعم الاسمنت"...

باختصار حادثة وقعت في منزل، مكانها الطبيعي في القضاء، وعلى الرأي المساهمة في كشف الملابسات وليس اختراع الافلام الهندية التي تطمس الوقائع، وتدخل القضية في أتون الصراع المجتمعي... وهي حتى الآن رواية بوليسية فاشلة، خالية من أي تحقيق شفاف، ومسرح محاكمتها في الفايسبوك.


التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث