الأربعاء 2019/09/04

آخر تحديث: 10:54 (بيروت)

جائزة "أدفنتاج" للسوداني أمجد أبو العلا.. سينما الموت وفتنته

الأربعاء 2019/09/04
increase حجم الخط decrease
حصد المخرج السوداني أمجد أبو العلاء، جائزة مؤسسة أدفنتاج لهذا العام عن فيلم "ستموت في العشرين" المشارك في مسابقة أيام المؤلف في مهرجان البندقية السينمائي الدولي الـ76، وتمنح الجائزة لكونه الفيلم الأفريقي الأكثر تاثيراً في المهرجان.

يعتبر"ستموت في العشرين" الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج، بعد سلسلة أفلام روائية قصيرة، منها "ريش الطيور"، الذي "اعتبر عودة لصناعة السينما السودانية" بعد توقف عشر سنوات، والفيلم الآخر هو "ستديو" الذي أتمّه بإشراف المخرج الإيراني العالمي عباس كياروستامي، وحصل على جائزة التحكيم في مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية. 

يدور الفيلم حول "مزمل" وهو فتى، لدى ولادته، تنبأ لوالدته أحد الشيوخ أنه سيموت في العشرين. منذ تلك اللحظة بات مزمل يعيش تبعات تلك النبوءة، كما لو أنه وجد على هامش الحياة وليس في صلبها. لم يدخل المدرسة، اكتفى بحفظ القرآن وكانت أقصى تجاربه العاطفية أن يلمس يد فتاة في سن المراهقة. 

في حديث مقتضب لـ"المدن"، يروي أمجد أبو العلاء أنه استوحى حكاية الفيلم من قصة "النوم على قدمي الجبل"، للروائي السوداني حمور زيادة، واختار العمل عليها لدقة توصيف الروائي موضوعة الموت ولتعامل الشعب السوداني، رغم فرحه وبهجته، مع هذه الفكرة. هنالك نوع من الاستمتاع بحالة الحزن، وافتتان في استقبال الموت، ويعكس الفيلم معيوش المخرج الشخصي مع تجارب الموت والحداد التي اختبرها منذ طفولته.

قصة زيادة نفسها قرأها وهو في طريقة من دبي حيث يقطن، الى الخرطوم لدفن جدته التي ربته. ويذكر أبو العلاء، لحظة وفاة صديق له في مرحلة الطفولة، ولحظة ذهابه الى العزاء مع خالته، ثم توفيت الخالة التي ربّته بعد أشهر. أحداث الموت المتتالية شكلت صدمة لدى المخرج، الذي كان طفلاً وامتنع عن الكلام لفترة ليست بوجيزة، وبقي قليل الكلام حتى دخوله الجامعة. ومنذ تعرف على عالم السينما والمسرح "لم يتوقف عن الكلام". يحاول أمجد أن ينقل هذا الإحساس الغريب الذي راوده منذ الطفولة، اذ لا يزال حتى اليوم يجد أن تقبل الموت هو أمر صعبٌ جداً. يخاف مزمل من الماء والسباحة، كما يخاف أمجد. وتلك الفوبيا التي وصفها أبو العلاء في فيلمه، والحديث عن مدينة مدني، ليست الا فوبيا المخرج والسيناريست الذاتية تماماً، كما ورد في إحدى جُمل السيناريو: "كل الناس بتغرق في النيل".

تشارك المخرج كتابة السيناريو، مع السيناريست الإماراتي يوسف ابراهيم، وكانت، وفقاً لأبو العلاء، رحلة ممتعة، إذ يدرك ابراهيم جيداً طقوس الموت وما يرافقه، كونه إماراتي المنشأ ولأن هنالك تقارباً في الثقافة والعادات بين الإمارات والسودان.

استغرقت عملية البحث عن التمويل سنتين، حيث انضم أولاً حسام علوان، المنتج المصري الذي عمل على أفلام مستقلة عديدة، منها "علي، معزة وابراهيم"، ثم نجح في استقطاب منتجين من فرنسا، النروج وألمانيا. عندما عرض أمجد، الفيلم، على حسام علوان، العام 2016، تردد الأخير نظراً لصعوبة التجربة. وفقاً لعلوان، مرّ الإنتاج بكل الصعوبات الممكنة بدءاً من نقص الخبرات والمعدات لإنجاز فيلم في السودان، رغم تعدد المواهب، وبالتالي بدأ فريق العمل بالبحث عن أفراد من داخل السودان وخارجها لمزج المواهب المحلية مع خبرات مختلفة. يُسرّ علوان بأنه كان هناك افتراض خاطئ أن الفيلم ممكن تمويله بموازنة محدودة، انما تم تدارك هذا الخطأ من خلال الإحتكاك بالمتطلبات الفعلية للفيلم، ما حتّم التعاون مع شركاء أوروبيين في الإنتاج، وكان لهم النصيب الأكبر في الحصة التمويلية للفيلم. وقد لاقى الفيلم الدعم من جهات عربية كمعهد الدوحة للأفلام، آفاق ومهرجان دبي السينمائي وغيرها.

بالإضافة الى عمله كمخرج في دبي، أبو العلاء هو مدير برامج في مهرجان السودان للسينما المستقلة. أراد أبو العلاء أن يكون هذا المهرجان نافذة مفتوحة على السينما العالمية من غير أي حصر أو تصنيف أفريقي أو عربي. أراد أن يكون هذا المهرجان فرصة للمخرجات والمخرجين الشباب لمتابعة السينما العالمية، وهو يلمس حالياً حماسة كبيرة لدى المخرجين والمخرجات في السودان. اذ تخلق الثورات والحروب طريقة مختلفة عند الناس في التعاطي مع التفاصيل، وتولد الكثير من الحكايا التي لا تحصى ولا تعدّ، سواء قبل الثورة أو خلالها أو بعد ذلك، وهنالك تغيير ما في هذا الصعيد. 

الجملة الأخيرة التي يقولها أبو العلاء  للشباب في السودان: "خليكم ورا الموضوع وعمركم ما تملوا أو تحسوا انو ما فيش فايدة!".

(*) الممثلات والممثلون: مصطفى شحاتة، إسلام مبارك، محمود السراج، بونا خالد، أمال مصطفى، وطلال عفيفي.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها