بما، يهتم كوكيبير بالقسم الثاني من الجيل واو اكثر من قسمه الأول، لكنه، يؤكد، وحيال القسمين، ان السمات، التي صنعت له، لا تتطابق معه فعليا. فقد قُدم ذلك الجيل بطريقة حددتها في العام 1993 مجلة من مجلات الماركتينغ، التي وجدت انه جيل المستهلك الفرح، الذي يتميز بالوعي، والذي لا يتلافى المشاركة، وبمسؤولية، في كل النضالات الاجتماعية، كما أنه، وفي صعيد مهني، يواصل الانتقال من عمل إلى ثان، ومن مؤسسة إلى أخرى، باحثا عن خبرات متغايرة. الا ان تقديم المنتميين إلى هذا الجيل على هذا المنوال أدى إلى اشاحة النظر عن مشكلات المنتميين اليه، وعلى رأسها انعدام ثباتهم على العموم، أكان في وضعهم الاقتصادي، الذي يتسم بالتجمد في التدور أو التجلد المعيشي، أو في وضعهم الاجتماعي، الذي يتسم بالتفتت ثم صعوبة لحمه، أو في وضعهم النفسي، الذي يتمحور حول الانتضاب (burn-out). بالإضافة ايضا إلى تحملهم مآزق عالمية، لا يمكن أن يصلوا إلى حلها بالاكتفاء بتبني طريقة عيش وتفكير ذاتية بعينها. بالتالي، هم، فعليا، مكرهون على تجييلهم من قبل الماركتينغ، وهذا التجييل يطيح بأن يكونوا على بينة من أوضاعهم بعيدا منه، ولذلك، لزم فكهم عنه، أو، وعلى الاقل، أن يدركوا انها ليست من خلقهم.
لا شك أن كوكيبير هنا هو بمثابة ناقض لخطاب التجييل من باب انه اداة من أدوات الماركتينغ المتقادمة، وهذا، في الواقع، ما يصيب في الكثير من جوانبه، داعيا إلى الانصراف منه، اي إلى حديث يكون مضادا للتقسيم الجيلي، ولا يؤلفه مثقفو اليسار، لأنه حينها لن يسمعه احد. وفي السياق نفسه، يشير إلى أن الماركتينغ الجديدة تحاول أن تحقق هذا الانصراف، ومعه حديثه، بحيث أن مؤسساتها لا تريد الاستمرار في النظر إلى المستهلكين بالانطلاق من كونهم أجيال، بل من كونهم يشكلون "طوائف انفعالية" تعبر الحدود الطبقية، والهوياتية على انواعها، بينهم. وفي النتيجة، الماركتينغ ستجعل من اللا-تجييل سلاحها أيضا.
*Vincent Cocquebert, Millennial Burn-Out: X, Y, Z.. Comment l'arnaque des "générations" consume la jeunesse. Éd. Arkhé.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها