الإثنين 2019/05/06

آخر تحديث: 12:51 (بيروت)

"كيف بيروت، كيف مارساي؟".. أبناء المتوسّط هنا وهناك

الإثنين 2019/05/06
increase حجم الخط decrease
على جدران سبورتينغ كلوب–لي دوفين في كورنيش مارسيليا، رسوم وكلمات عن بيروت ومارسيليا وعمّا بينهما من بحر وشمس وناس. تقول لينا مرهج إنها في رسومها هذه، لا ترغب في معالجة "أزمة الهوية"، ولا الجذور الضائعة أو الأصول المخفيّة، رغم أن اللبنانيين في لبنان وخارجه مأزومون في هويتهم إلى أقصى حدّ، ورغم كون البحر والشمس والناس هي مسائل هوياتية إلى أقصى حدّ أيضًا. تضيف أنها ترغب في أن تحكي فقط عن بيروت، وعن كل مرة يسألها فيها الناس في مارسيليا: كيف بيروت؟ وهي أيضًا ترغب في أن تحكي عن مارسيليا في كل مرة يسألها فيها الناس في بيروت: كيف مارساي؟ فتجد نفسها تراجع كل الأحداث التي واكبتها في الجانب الآخر من المتوسط.

الصدفة قادت لينا مرهج إلى مارسيليا في المرة الأولى، عندما تبنت دار نشر فرنسية في العام 2016 ترجمة أحد كتبها من العربية الى الفرنسية، وهذا أمر نادر الحدوث مع كتب رسوم متحركة. لكن في المرة الثانية، وبعد عامين، عادت مرهج إلى مارسيليا عن سابق تصميم لتعمل على مشروع خاص في مشغلها الفرنسي، الذي يقع قرب سيدة مارسيليا (نوتردام دولاغارد) أو حاريصا مارسيليا كما يحلو للبنانيين هناك تسميتها.

تقول مرهج إن مارسيليا هي بيروت "مضبضبة" أو منظّمة بعض الشيء. والشبه بين المدينتين، سببه ليس البحر والشمس والهواء فقط، بل لأن مشاعر الناس تجاه المدينتين متشابهة جدًا. فالناس في المدينتين يحبون ويكرهون مدينتهم في آن، ولأن في المدينتين ناس مختلفون في هويتهم الثقافية والعرقية والدينية أيضًا، ولأن كثيرين في المدينتين يرغبون في مغادرتهما. بيروت ومارسيليا هما فقط المعبر إلى  قلب أوروبا أو أماكن أخرى من العالم. 

"كيف مارسيليا؟ كيف بيروت؟" هو تعاون فنيّ بدأ في 27 نيسان الماضي ويستمرّ حتى 17 أيار الجاري، بين لينا مرهج، القاصة البصرية اللبنانية، وسيلفيا باز، المغنية الجزائرية-الإسبانية-الفرنسية كما تعرّف عن نفسها.


باز التي ولدت في الجزائر بعدما غادر أهلها إسبانيا نتيجة الحرب الأهلية الإسبانية، تعرف جيدًا معنى أن يكون المرء ابن المتوسط. ابنة "الهجرة  المعاكسة" أو "الزيارة المعاكسة"، تقول إن الناس لا يدركون معنى هذا الشباك الذي اسمه المتوسط. ليس لأنهم لا يدركون، بل لأنهم لا يرغبون في أن يعترفوا بأن هناك، في الجانب الآخر من البحر، أناساً يشبهونهم إلى أبعد حدّ. لا يرغبون في الاعتراف بالأخوّة كما تقول، فالشمس قد تجمع بين الناس أكثر مما قد يفعل رابط مواطنيّ قائم في ما بينهم.

إبداعات في أزمة
المعرض الذي يحكي عن العلاقة القائمة بين المدينتين من وجهة نظر فنّانيه، هو من تنظيم مجموعة Créations en Urgence أو "إبداعات في حالة الطوارئ" المعنية في دعم الفنانين والمثقفين الذين أرغموا على مغادرة بلادهم في ظروف قاهرة من "حروب واضطهاد عنصري وثقافي وجندري...".

وعمل الجمعية هذه ليس محصورًا في نطاق جغرافي محدد، تقول سمر كعدي، واحدة من الأعضاء المؤسسين للجمعية فكرة وتنفيذاً، بل يكفي أن يكون الفنان أو المثقف قد أرغم على ترك "أدواته"، حتى تسعى الجمعية إلى توفير أدوات عمل جديدة له، مهما كانت هذه الأدوات. إذ تعمل المجموعة التي بدأت نشاطها في كانون الثاني الفائت، على "ربط الفنانين بالممولين أو بفنانين آخرين".

تقول كعدي إن واحدة من الأساسات التي اجتمع عليها أعضاء وأصدقاء المجموعة هي عدم قبول أي شكل من أشكال التمويل الحكومي، بل السعي إلى تأمين الأموال اللازمة من كل من يجد نفسه معنيًا بفكرة المجموعة، وأيضًا تأمين الأموال والدعم عبر شبكة الفنانين أنفسهم. فيدعم فنانون فنانين آخرين، وهكذا. ومن أجل ذلك أقيم معرض "كيف بيروت؟ كيف مارساي؟" والذي يعود ريعه إلى الجمعية، ومن أجل ذلك أيضًا سيقام نشاطان، الأول في بداية حزيران، والثاني في 13 و14 و15 أيلول المقبل في مدينة مارسيليا الفرنسية. "لذا فإن المجموعة ترحّب بمن يشعر بنفسه معنيًا بنشاطها. أي في دعم هؤلاء الزوار الذين غادروا بلادهم. فكلّنا هنا في نهاية المطاف زائر طارئ. لا أعرف لماذا ينسى الإنسان ذلك أحياناً"، تختم سمر حديثها. 

يستمر المعرض حتى 17 أيار الجاري: الجمعة، من الخامسة حتى التاسعة مساءً، ويوما السبت والأحد من الثالثة حتى التاسعة مساءً.
Les Dauphins - 178 Bis Corniche Président John Fitzgerald Kennedy
13007 Marseille
09 79 07 40 15
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها