الإثنين 2019/05/20

آخر تحديث: 13:39 (بيروت)

"من أجل سما".. هل يتبناه العالم وثيقة ضد الأسد؟

الإثنين 2019/05/20
"من أجل سما".. هل يتبناه العالم وثيقة ضد الأسد؟
"أوقفوا قصف المستشفيات" شعار رفعته وعد الخطيب مع زوجها حمزة وإدوارد واتس على سجادة "كان" الحمراء
increase حجم الخط decrease
شكل عرض الفيلم الوثائقي "من اجل سما" للصحافية والمخرجة السورية وعد الخطيب، والمخرج البريطاني إدوارد واتس، علامة فارقة في مهرجان "كان" السينمائي، ضمن فئة العروض خارج المسابقة الرسمية. فحُبست الأنفاس خلال عرضه، واعتبر نوعاً من وثيقة بصرية لإدانة نظام الأسد على جرائمه... فهل تشكل مادة الفيلم وثيقة دولية ضد ارتكابات نظام الأسد في سوريا؟ بالطبع من الصعب التكهن بأي شي أو توقع أي شيء، طالما أن ازداوجية المعايير سائدة في المحافل الدولية والثقافية والمجتمعية، وكثيراً ما تُشكل صور الجرائم لحظة عابرة في المهرجانات وتنتهي بانتهاء عرضها...

وكانت الخطيب دشنت، ظهورها على السجادة الحمراء في "كان" بعبارة قوية، حملتها في لافتة مع زوجها حمزة الخطيب، المشارك معها في الشريط الوثائقي، والمخرج البريطاني إدوارد واتس الذي قاسمها الإخراج، تقول: "أوقفوا قصف المستشفيات"، في الوقت الذي يشن فيه النظام السوري حرباً شرسة على محافظة إدلب. وأرفق المنشور برسالة قالوا فيها: "نداء إلى العالم من المخرجين وعد الخطيب وإدوارد واتس، والدكتور حمزة الخطيب: النظام السوري يستمر بقصف المستشفيات في إدلب المحاصرة، في الوقت الذي يعرض فيه فيلمهم لأول مرة في أوروبا".

وصورت الخطيب أكثر من 300 ساعة، ووثقت حياتها كصحافية في مدينة حلب المحاصرة والتي مزقتها الحرب، وبدأت التصوير في العام 2012 تزامناً مع اندلاع المعارك في مدينة حلب بين الفصائل المعارضة التي سيطرت على الأحياء الشرقية منها والقوات الأسدية في الأحياء الغربية. ولم تفارقها الكاميرا منذ ذلك الحين. وهي صوّرت بواسطتها كل المشاهد التي جرت على مرأى ومسمع منها، من القصف إلى الكلمات الأولى لابنتها، مروراً بتوافد الجرحى إلى المستشفى. فخلّدت لحظات وضع مولود ميت ونحيب صبيين تحسرّا على وفاة شقيقهما الأصغر. ورغم كل هذه الأوضاع قررت وعد وزوجها البقاء في حلب على أمل أن يتغير الوضع يوما نحو الحرية. لكن هذا الأمل طال أمده، ولم تزده الأيام المتعاقبة إلا هشاشة، ما كان يعرضها لنوع من اليأس وهي تعبّر عن أسفها لطفلتها "سما"، في بعض المشاهد من الفيلم، على أنها أخطأت في حقها عندما أتت بها إلى هذا العالم.


"لا أريد مغادرة حلب"، يقول الطفل ذارفاً الدموع أمام الكاميرا التي كان يحاول أن يتحاشاها، رغم أنه فقد الكثير من الأصدقاء جراء الحرب والدمار. وعندما استفسرت صاحبة الفيلم عن نظرته لهؤلاء الذين ودعهم يوماً وفضلوا الهروب لمناطق آمنة، قال بنبرة طفولية: "أسامحهم جميعاً، رغم أنهم تركوني وحيداً". لكن أسرة هذا الطفل كانت مرغمة يوماً على مغادرة المدينة، وذلك عندما بدأت قوات النظام تكسب المعارك في أحيائها. وصوّرت الخطيب رحلة العودة إلى حلب المحفوفة بالأخطار التي قامت بها مع طفلتها في تموز 2016 لتزور حماها المريض في تركيا. وقالت: "قاسينا الأمرين طوال خمس سنوات مع الأشخاص (الذين يظهرون في الوثائقي). وبما أنني أتقن استخدام الكاميرا ولديّ معارف في قنوات أجنبية، سعيت إلى الإضاءة على الوضع في حلب". وأكّدت بعزم: "كان أي شخص ليقوم بالمثل".
وخلال خمس سنوات، جمعت الخطيب تسجيلات تمتدّ مئات الساعات، نشرت جزءاً منها في الانترنت مع الحرص على التستّر على هويتها خشية توقيفها. لكن، في ظلّ سيطرة الجيش على الأحياء الشرقية لحلب بعد هجوم عسكري واسع وإجلاء عشرات الآلاف من المدنيين ومقاتلي المعارضة منها، اضطر حمزة ووعد وابنتهما سما، إلى مغادرة البلد. وباتت العائلة تقيم في لندن حيث تتعاون وعد الخطيب مع القناة التلفزيونية الرابعة. وسبق أن نالت الخطيب، بفضل تسجيلاتها هذه، مكافآت عديدة، أبرزها جائزة في مهرجان بايو لمراسلي الحرب سنة 2017. وهي أخبرت "عندما عرضت الأشرطة على أشخاص من حولي في حلب، قالوا لي جميعهم هذه قصتي. فأدركت أن الأمر يستحق العناء".

ويعرض فيلمها مزيداً من الأدلة التي تدعم الاتهامات الموجهة لنظام الأسد باستخدام الأسلحة الكيماوية، إذ يظهر أطفالاً وكباراً يتنفسون من خلال أقنعة وكمامات، أعقاب هجوم على حلب العام 2016، قالت الأمم المتحدة إنه استخدم غاز الكلورين السام حينذاك، بحسب صحيفة "واشنطن بوست". وكان "قلعة حلب الثانية" أول فيلم أخرجته الخطيب، والذي سلط الضوء على الحراك الثوري في جامعة حلب العام 2011، كما عرض فيلمها "آخر باعة الزهور" في مهرجانات جولية العام الماضي. ووصفت "سي إن إن" أفلام الخطيب بأنها "أكثر الأفلام إقناعاً بما حدث في حلب".

وانفتاح مهرجان "كان" على السينما السورية متواصل منذ سنوات، حيث شارك في المهرجان مخرجون سوريون بأفلام تروي في مجملها معاناة السوريين، التي اشتدت مع ظروف الحرب. ومن بين هذه الأفلام هناك "قماشتي المفضلة" الذي شاركت به المخرجة غايا جيجي في مهرجان "كان" في دورته الأخيرة ضمن فئة "نظرة ما".
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها