الأربعاء 2019/04/24

آخر تحديث: 13:23 (بيروت)

شمس الدين بلعربي.. جزائري في هوليوود

الأربعاء 2019/04/24
increase حجم الخط decrease
كثيراً ما ندخل صالات السينما، خصوصاً تلك التي تعرض أفلاماً أجنبية، نتأمل ملصقاتها أو أفيشاتها الملونة والبراقة، قبل أن نلج الى الصالة حيث تلاقح الضوء والعتمة. وفي الملصق عادة نقرأ اسم الصالة والفيلم وأبطاله ومخرجه، نرى الوجوه والأشكال وطيف فكرة الفيلم ونوعه (رعب، رومنسي، حب، أكشن)، ولا نفكر أن نسأل عن مصمم الملصق، حتى ولو أعجبنا... لكن الصدفة، جعلتنا نتواصل وندردش مع الفنان التشكيلي الجزائري شمس الدين بالعربي بعد موجة التظاهرات ضد ترشيح عبد العزيز بوتفليقة، ليتبين لنا بعد البحث، أنه أحد مصممي الأفيشات الهوليوودية. ولا نخفي أن الدردشة، شابها بعض التردد، بسبب جهلنا الفعلي بصنّاع ملصقات السينما... هنا الحوار مع شمس الدين بالعربي أو المعروف بـ"شمسو"...

- ما المسار الذي سلكته حتى أصبحت رساماً ومصمماً لملصقات أفلام عالمية؟
 
* أنا من مواليد 1987 في بلدية عين تادلس ولاية مستغانم. في مرحلة الطفولة، كنت مهتماً بالرسم، وتدفعني الموهبة إلى الرسم في كل وقت خصوصاً في المدرسة، عندما كنت أعود من المدرسة، في الطريق أجد الجرائد مرمية على الأرض، وكانت تجذبني الصور البراقة لنجوم السينما، فأجمعها وآخذها الى البيت لأرسمها. وبدأ الأساتذة يكتشفون موهبتي، وصرت أعطي الأهمية لمادة الرسم، أكثر من باقي المواد كالرياضيات والفيزياء... هذا الى جانب أني من عائلة فقيرة جداً واضطررت الى التوقف عن الدراسة والخروج الى الشارع لاحتراف الرسم، فعملتُ في تزيين المحلات التجارية والديكور، وأحياناً كنت أتعرض للاستغلال من قبل عديمي الضمير الذين امتصوا طاقتي الفنية، إذ اعمل عند أشخاص ويتهربون من دفع مستحقاتي المالية، وفي المقابل التقيت أشخاصاً ساعدوني وشجعوني. على أن الضغوط الاجتماعية والظروف أثّرت كثيراً في مساري الفني، بحيث كنا عائلة مكونة من ستة أفراد، وكنا نعاني كثيراً في فصل الشتاء، والكثير من رسومي أتلفه دلف الأمطار من السقف.
كنتُ دائماً أذهب الى صالات السينما مساء، أتفرج على الأفيشات والصور الضخمة لنجوم السينما عند مدخل القاعة، وشكلت السينما بالنسبة إليّ حافزاً كبيراً لكي ارسم ملصقات ولقطات الأفلام، وقررت بناء ورشة صغيرة في غابة قريبة من منزلي، وبعد مدة، رحتُ أرسل الرسوم الى شركات الإنتاج السينمائية الاميركية، لكن تلك الرسوم كانت منفّذة بأدوات شبه بدائية (الطباشير والألوان المائية المخصصة للأطفال) لأني لم أكن استطيع شراء أدوات الرسم الخاصة بالمحترفين، واتكلت على الله لإنه هو من اعطاني هذه الموهبة وواصلت المثابرة والعمل.

- من أوصلك إلى هوليوود؟

* سبق أن رسمت الممثل وبطل الملاكمة jimmy gourad وقد زارني في وهران مع وفد مرافق له وأخذ اعمالي وعرضها على بعض السينمائيين العالميين ونالت اعجابهم.


- هل تابعت زمن الرسم البدائي للملصقات، وهو في الغالب كان يُتبع في مصر واشتهر به فنانون أرمن؟
* نعم تأثرت بالفنانين المصريين كثيراً، وتواصلت مع الفاعلين منهم في هذا المجال، وهم من وجهوني ونصحوني بل ساعدوني في إشهار أعمالي إعلامياً ومعنوياً وشجعوني كثيراً، لأن المصريين أبدعوا في تحويل ملصقات الأفلام الأجنبية (الغربية) الى ملصقات محلية تتماشي مع ثقافة وأحاسيس المصريين، والفنان المصري له ذوق نستطيع ان نصفه بالتصوف الفني، مع التذكير بأن الكثير من الفنانين اليونانيين والأرمن اشتهروا بهذا الفن في مصر، وظهور الملصق السينمائي لم يحدد في تاريخ معروف، فالبعض يرد ظهوره للفنان جول شيري (1836 ـ 1932) لكن المصادر مختلفة ومتنوعة.

- إلى أي مدرسة تنتمي في رسم وتصميم الملصقات؟

* انتمي إلى المدرسة الكلاسيكية المصرية لرسم الأفيش، وقد أضفت إليها بعض التقنيات لمواكبة العصرنة.

- هل يمكن التمييز بين ملصقات هوليوود وملصقات الأفلام الأوروبية؟
* أكيد، ملصقات الأفلام الأوروبية تعتبر صامتة وخالية من الإثارة في غالبيتها، وذات ألوان باردة لا تتعدى الثلاثة ألوان، أما ملصقات الأفلام الأميركية فمحتواها يقوم على المبالغة والإثارة والألوان الجذابة، وتستعمل فيها تقنية النقطة الذهبية في الملصق للفت الانتباه بشكل مميز.

- ما أبرز مدارس الملصقات في العالم؟

* المدارس الفنيّة الخاصة بالملصقات مقسمة بحسب تصنيف الدول الناجحة سينمائياً، مثلاً الأفيشات الأميركية تتصدر اللائحة. وبما أن الملصق يشرح محتوى الفيلم، بحسب ثقافة المتلقي، فستجد للفيلم الواحد أكثر من ملصق رسمي، لأن كل ملصق يتوجه إلى جمهور معين. حتى الأفلام الهوليوودية، عندما دخلت مصر، تغيرت ملصقاتها الى أفيشات مرسومة بتقنيات الأفيش المصري، وهذا لكي يتشوق المتلقي لمشاهدة الفيلم لأنه بطريقة ما فهم محتوى الفيلم. وهناك التقنيات الصينية والروسية في صناعة الأفيش، والتي بدأت تتميز وتبرز ولهذا لم تتضح بعد الملامح الأكاديمية لمدارس هذا الفن.
- كيف تستوحي "كائنات" ملصقاتك، هل بالتعاون مع الشركات أم من بنات خيالك؟
 
* أرسم الملصق بحسب الطلب الذي أتلقاه من المنتج والمخرج، بحيث يرسل إليّ ملخص السيناريو، مع صور الممثلين الرئيسيين وبعض الاقتراحات، وابدأ في بناء خلفية الفيلم بألوان تعطيك إحساساً بمحتوى الفيلم، ووضع الشخصيات بأحجام ووضعيات مختلفة، وفقاً لدور الممثل وملامح الوجه. وفي بعض الأحيان يكون الفيلم عن قصة تتعلق بشيء أو مادة، وهنا استعمل هذه المادة أو الشيء لأعطيه منظوراً وشكلاً يُفهم من خلالهما الى ماذا يرمز هذا الفيلم.

- ما أبرز الملصقات التي صممتها؟

* The News.. وHonor وGarra Mortal وBucks of America وأفلام أخرى.. وهناك مشاريع مستقبلية.



- كيف يتعاطى الغرب معك كجزائري أو عربي أو كهوية؟

* لقد حاولت قدر الامكان نشر الثقافة الإسلامية والعربية ومناصرة القضية الفلسطينية عن طريق الفن، وفعلاً نجحت في تغيير أفكار الكثير من الأشخاص، حتى ممن كانوا متعصبين ضد العرب والمسلمين، ورفضت عروضاً سينمائية شارك فيها أشخاص يعادون العرب والمسلمين، وتعاملت مع الكثير من مشاهير المسلمين من أمثال عائلة الملاكم محمد علي كلاي، التي تحتفظ بأعمالي الفنية في منزلها، والممثل الأميركي المسلم عبد السلام عبد الرزاق، والممثل فران طاهير الذي يعتبر من أشهر المسلمين في هوليوود والعالم...

- كجزائري كيف تقيّم واقع بلادك الآن؟

* الشعب الجزائري أبهر العالم بسلمية المظاهرات، وأتمنى مستقبلاً أفضل لنا ولكل الشعوب العربية، التي تمتلك الكثير من الطاقات والثروات الفكرية، ويمكنها أن تقدم للبشرية الكثير إذا استُثمرت.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها