ورغم أن الملل يأتي سريعاً إلى عالم الأحمدية، يبدو في السنوات الأخيرة ثابتاً على الصيغة التي تحاول المزج أو التوفيق بين الموسيقى الغربية والموسيقى "الكلاسيكية" العربية. تأتي هذه الصيغة بشكل منوع، فيمكن أن نرى الأحمدية مع عازف واحد كما في العمل الذي قدمه مع منير مهملات (تشيلو) أو مع عازفين كما في عروض عديدة من بينها "المعبد" العرض المميز الذي قدمه مع يوسف زايد (إيقاع) وإيلي معلوف (بيانو)، أو مع أوركسترا يكون العود فيها أقرب إلى القائد والدليل، وهي نوعية عروض نراها من وقت لآخر في لبنان، مع عدد من الموسيقيين، والتي ينتمي إليها عرض الأحمدية الثلاثاء القادم "بيروت رابسودي" Beirut Rhapsody ("مترو المدينة") الذي يقدمه مع أوركسترا مصغرة Chamber وليس كما كان كان الحال مع النسخة السابقة منها التي قدمها في مدينة جنيف السويسرية.
واجه العود في هذا العرض مجموعة آلات هي ثلاثي كمنجات (كمنجا 1، كمنجا 2، وفيولا) إيقاع، ناي، تشيلو، ودبل باص وهي بقيادة روبرت كليرك ومن تأليف الأحمدية الذي يشارك فيها مغنياً وعازفاً. يعتمد العرض على المهارات العزفية والتوزيعية للموسيقى المكتوبة هارمونياً، حيث لا يخسر العود فيها من هويته (حسب تعبير الأحمدية) ولا تتنازل الأوركسترا الكلاسيكية عن هويتها، وهي الميزة التي تعطي هذا النوع من العروض قابلية للمشاركة في مهرجانات متخصصة بالموسيقى الكلاسيكية في أوروبا حيث يبقى المزج مع الشرقي حدثاً بحد ذاته فيها.
من اللافت أن نماذج لا بأس بها من الأعضاء السابقين في الفرق السياسية اليسارية توجهوا نحو هذا النمط، ربما تأثراً بنموذج مارسيل خليفة الكلاسيكي، كما أن جزءاً لا بأس بهم دخل العمل الأكاديمي، مثل الأحمدية الذي ينسق اليوم قسم الموسيقى في الجامعة اللبنانية الدولية LIU، ما يبدو متناسباً مع التوجه إلى هذا النمط الذي يركز على الجوانب الهارمونية والاوركسترالية.
لكن طبعاً تجربة الاحمدية لا يمكن أن تختصر بهذا الجانب، خاصة أنه حاضر في مترو المدينة منذ افتتاحه، أي في عالم مختلف كلياً وأقل جدية. حضور الأحمدية هو إما في الكواليس أو على المسرح في المكان، حيث تولى العزف والتوزيع في عدد من أعمال المترو، أبرزها "هشك بشك" (وصل إلى عرض رقم 385) الذي قدم إحدى نسخه مع أوركسترا تضم 60 عازفاً وعازفة (خلال مهرجان جبيل العام الماضي) وتولى توزيعه أيضاَ الاحمدية، وهو من التجارب النادرة في هذا المجال. بالإضافة لذلك، قدم الأحمدية في المترو تجربته الوحيدة مع الموسيقى العربية التقليدية والطربية، بمرافقة عبد الكريم الشعار في أغاني أم كلثوم التي استمر فيها لفترة طويلة أسبوعياً وتكون أغنية واحدة في العادة، تأخذ فيها التقاسيم واللوازم والعرب الصدارة، لكنها تجربة لم تتكرر عند أحمدية، غالباً بسبب التوجه الذي غلب على أعماله والمشاهد التي يشارك فيها، حيث يكون العود جزءاً من عالم متعدد الخيارات، ولا يمكن أن يختصر بنمط واحد.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها