لكن، في زحمة الغضب، يلمع شيء ما، وهو لقاء أنجيلا بالرفيق سعيد، الذي يقع في حبها. هذا اللقاء، ونتيجة تعثره، يؤدي إلى حرف حكاية الفيلم، بحيث تدور حول الثورة، التي تبدأ في منزل الأب لتطاول كل المجتمع، ولتصير حكاية تدور قبل هذا المنزل وهذا المجتمع، أي في صلة انجيلا بأمها. إذ تكتشف أن أمها طرحت على ابيها ان تنتقل الابنة للعيش معها، أي أنها لم تتخلَّ عنها كما كان قد أخبرها ابوها نفسه سابقاً. إذاً، كانت تعيش في كذبة، ولم تشك فيها قبل هذا، ومن هنا، تذهب إلى امها، وهناك، في بلدة صغيرة، بعيدة من باريس، يقع أمران.
الأول، انها تتحدث مع امها، أو بالأحرى تكتشفها. والثاني، وفي نتيجة هذا الاكتشاف، يسقط وهم العائلة، الذي يختزله الصهر. ربما، من أفضل مشاهد الفيلم مشهد حوار الصهر مع صديقة انجيلا، حوار رجل الأعمال الماكروني مع الفنانة المناضلة، وانفجاره المباغت، لا حنقاً، ولا تهكماً، بل بؤساً ضدها. فكل هذه الشخصية التي يؤديها عن حاله، تضيق به. وهو، رغم كل تباهيه بالنجاح، لا يشعر به، بل هو مجرد ستر لتعاسته. لاحقاً، ينضم الصهر إلى صفوف الثورة، وحينها يكتشف ان كل نجاحه لا يعينه على صياغة جملة مفيدة واحدة للتعبير عما يريد.
بعد ذلك، تضمحل تركات الثورة، ولا يبقى منها سوى انجيلا، بحيث يغيب الأب والأم والشقيقة، وتمضي إلى سعيد. ماذا بقي من الثورة؟ لا شيء، وكل شيء. لا شيء، لأنها ثورة الأهل، ولا تُعدّ موجودة عندما لا يعودون أهلاً. لكن، كل شيء، لأنها اتاحت للإبنة ألا تعود ابنة، وحينها تستكمل اجتماعاتها مع الرفاق بطريقة أخرى.
ما حرر الابنة من بنوَّتها، ومن ثورة هذه البنوة، من تركاتها، هو الشك. الشك في سردية الأب، في صورة الأم، في نجاح الصهر، في سعادة الشقيقة، وقبل ذلك كله، وبالتوازي مع ذلك كله، الشك في الذات. هذا الشك هو فعل غائب يسارياً في الوقت الراهن. ولهذا، غالباً ما يأخذ الخطاب المؤامراتي محله. وعندما تركن اليه دايفس في فيلمها، تبدو أنها تشير إليه كسلاح النضج الثوري، وليس الإحباط ثم التنازل، وطبعاً، ليس الحب.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها