الإثنين 2019/12/09

آخر تحديث: 11:53 (بيروت)

سمعان خوام لـ"المدن": هذه ثورة اللامنتمي كي يبقى لامنتمياً

الإثنين 2019/12/09
سمعان خوام لـ"المدن": هذه ثورة اللامنتمي كي يبقى لامنتمياً
خوام: "كل حديث عن فن الثورة اليوم.. تفاهة"
increase حجم الخط decrease
قبل 17 تشرين الأول، كان سمعان خوام قد عقد خطه على رسم عصفوره الشهير، مقدماً اياه على ما هو في بيروت: يتعرض للتجميد، لكنه، في الوقت نفسه، لا يتوقف عن التحليق. وبهذا، بدا هذا العصفور حيواناً في أولئك الذين يتعرضون لوضعه، ومع ذلك، وعلى منواله، يواظبون على مواجهته، أو بالأحرى على أكلجته (بالمعنى الرحب لإيكولوجيا). يفعلون ذلك فرادى، مكابدين، ومتبعادين، كل في محله، لكي لا يبقوا عالقين في الوضع اياه. ومع وقوع الثورة، كان بديهياً أنها الحدث الذي يرسخ "عصفرتهم"، مطيحاً نظام التجميد، ومُطلقاً التحليق من عقاله.

من هنا، أن يحضر خوام في الميدان، الذي فتحه هذا الحدث، ليس مستغرباً، إنما بديهي، بحيث أن سبله إليه مختلفة. فبالتوازي مع سبيل رسمه، أو بالارتباط به، ثمة سبيل عيشه على بُعد من المشهد الفني الرسمي، لا في صالوناته، ولا في سهراته، مع مصرفيّي النظام وحاشياتهم من منتجي "الأعمال الفنية" وجامعيها والقيّمين على عرضها. إضافة إلى سبيل شِعره، الذي صار، ومنذ زمن بعيد، كتابة حرة من تداولها، عدا عن سبيل الغرافيتي، الذي واظب على مزاولته. فكل هذه السبل حملته إلى الميدان، حيث استمر في "عصفرته"، مشدداً على أن ثورته هي "ثورة اللامنتمي كي يبقى لامنتمياً"، كما يقول لـ"المدن".



لكن، وقبل الخروج إلى الشارع، كان خوام يحاول، وصديقه الفنان فادي شمعة، تنظيم مجال للعمل الفني، يقوم، بحسبه، بالاستقلال عن السوق، وبالتعاضد الفعلي بين شغيلته. على أن هذه المحاولة وُضعت جانباً، أو بالأحرى تبدلت، إذ إن كل شيء غدا في الشارع، حيث الهمّ الأساس هو استرداد المسلوب من الشعب، الذي سرعان ما توجه، وفي ساحة الشهداء، إلى "التياترو الكبير"، مقتحماً اياه. لكن الدرك أعادوا إغلاق المبنى بأمر من شركة "سوليدير". لذا، تحول مبنى البيضة، المفتوح مسبقاً، إلى مقصد من بعده. كان خوام من بين المقتحمين والمستردين للمبنيَين، وقد أخذ على عاتقه، مع عدد من رفيقاته ورفاقه، تنظيف "الدوم" من كل المتراكم فيها لإذابتها في ميدان الثورة. على أنه، وفي حين كان يُقدِم واياهم على ذلك، احتُلّ المبنى من قبل ما يسمى "نخبة اكاديمية"، سعت إلى جعله مطرحاً مغلقاً لها، منفصلاً، ولا علاقة له بما يجري من حوله. إلا أن هذا المسعى وصل إلى إخفاقه، وقد بدا معطوفاً على توجه ينتظم في الثورة، يتقدم كـ"مدني"، ويستقر على كونه مضاداً لها.

"صارت بيروت حية مع التخريب الذي خلفه المتظاهرون في أرجائها الفخمة والمحنطة"، يقول خوام لـ"المدن". فهو، وعلى أثر هذا التخريب، وجد أنها بدأت تتحرر من حبسها، وقد شارك في هذا البدء. فها هو "يطسّ" عباراته على جدرانها: "الله كبير لكن الثورة أكبر"، "شغب شغب شغب حيّ على الشغب"،" يا بيروت قومي قومي بدنا نسقط الحكومة"... أطلق خوام عنان "طسّه". وهو، بذلك، سجل مطالب وشعارات أينما كان، فكل المساحات غدت قابلة للكتابة عليها. والى جانب الغرافيتي، ينشغل خوام، مع صديقه فادي شمعة، بنشر جريدة حائط، سيعمدان إلى توزيعها في نواحي المدينة، إلى جانب "بوسترات" أيضاً، وهما أقدما على تصميمها، وسيشرعا في طباعتها مع توافر المال اللازم: "نحن نعتمد على التمويل الذاتي من بيع لوحاتنا، إذ اننا نعمل خارج اي منظومة، مدنية وغيرها".


في ناحية متصلة، يجد خوام ان ذلك الشعار المطسوس على جدار من الجدران في ساحة الشهداء، حول سقوط الشعر والشعراء، في محله. فهذه الثورة، في رأيه، هي "على الفن والثقافة، على الفنانين والمثقفين والشعراء، الذين جعلوا أوساطهم شبكة اجتماعية للنظام، شبكة تحمي طبقته، وتسندها". ولذلك، من اللافتات، التي صممها خوام، لافتة "فن الثورة، ثورة على الفن"، بحيث أنها تحرره، مع الثقافة، من تلك الأوساط، المعاصرة وغيرها، ليعود ويولد من جديد.

لكن، ثمة من لا يتقاسم مع خوام وجهة النظر هذه، بحيث ينظم "جولات فنية" في بيروت، أو معارض لـ"فن الثورة". وهذا، بحسب خوام، مجرد انتهاز واقتناص رديئين: "أين الفن وأين الثورة في رسم عَلَم أو ساحة؟! لا بد من إطاحة الفن مثلما كان بأشكاله الرسمية قبل 17 أكتوبر، وهذا يحتاج إلى وقت طبعاً. ربما، بعد عشر سنوات، أو أكثر، من الممكن الحديث عن فن الثورة، أما الآن، فكل حديث عنه تفاهة". 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها