
تدور هذه الحكاية، أو الجملة السردية للفيلم، بين زمنين. في الأول، وهو الحاضر، ثمة يد مبتورة، تنتقل من مكان إلى آخر في باريس، وفي الثاني، وهو الماضي، هناك صاحب اليد، الذي يدعى نوفل، الذي ينتقل من طفولته في تونس إلى نشوئه وبدء شبابه في فرنسا. العلاقة بين زمنين ليست عويصة: كلما تنقلت اليد في الحاضر، تكشف ماضي نوفل، أو ترتبه. وعلى هذا النحو، يتداخل مساران في الفيلم، أي مسار مغامرة اليد، التي تخط مسار عيش صاحبها، من عمله إلى وقوعه في حب غابريال. وعلى النحو نفسه، يحمل التداخل ذلك على التساؤل طوال الفيلم حول وجهة اليد. فإلى أين تذهب هذه اليد؟
إنها فعلياً عضو القدرة، وفي الوقت نفسه، عضو الذنْب. فها هو يتذكر كيف أنه، وبيده، حاول امساك الضوء من خلف النافذة، وكيف صمم بيتاً من خشب. الا أنه يتذكر أيضاً كيف انه حين أخرج يده نفسها من نافذة من نوافذ سيارة اسرته، أدى ذلك إلى موت والديه. في النتيجة، وعندما انفصلت عن جسده، بدا، وعلى سريره، أنه يتأرجح بين أمرين: من ناحية، أنه فقد قدرته، ومن ناحية أخرى، أنه تخلص من ذنبه، أو دفع ثمن غلطته. وربما، لا مبالغة في القول أن الجملة السردية للفيلم تستمد سحرها من هذا التأرجح، الذي، وحين انتهى، خلصت إلى خاتمة جذلة. فقد عاد نوفل إلى الحياة من دون ذنب، أما قدرته، فمع أنه خسر عضوها، غير أنه ربح جسده، الذي صار جسدها.
لا مبالغة في القول إن فيلم جيريمي كلابان بمثابة أنشودة تقرظ عصيان الموت، وعصيان شعوره، اي الذنب. لكن ما يثبته على هذه الحال هو جملته الموسيقية، التي ألفها دان ليفي، والتي تمكن فيها من توظيف التكنو بطريقة دقيقة. إذ إنها، وحين تصل الى مقطع سردي وبصري تراجيدي، تستنتج دوماً الحي منه، وتطلقه. كما لو أن هذه الجملة هي التي كانت تعين، ومنذ بداية الفيلم، على التفتيش عن الجسد المفقود، وهذا، إلى أن وجدته، من دون يد، لا بأس، لكن بأذنين.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها