حجم الخط
مشاركة عبر
1
عندما قال سعد الحريري ان مقررات مجلس الوزراء امس هي مطالبه وليست مطالب المليوني لبناني، صدقوا الشطر الاخير من حديثه فقط.
أولاً، المقررات صادق عليها ودعمها «شركاؤه في الحكم»: حزب الله، حركة امل، التيار الوطني الحر، كتلة المستقبل، القوات اللبنانية (المؤيدة لها منذ البداية) والحزب التقدمي الاشتراكي (عدا تحفظ هنا وهناك).
ثانياً، هذه ليست مطالب سعد الحريري ولا حتى مطالب شركائه في الحكم. هذه املاءات البنك الدولي وصندوق النقد و«سيدر»: تقشف، وقف الهدر، وقف الفساد، خصخصة: اذا كنتم لا تستطيعون زيادة الرسوم والضرائب، بيعوا املاك الدولة، اي الشركات والمؤسسات التي تدرّ مداخيل معقولة للخزينة (المرفأ، الميدل ايست، خدمات المطار، بورصة بيروت، الريجي، الكازينو، شركة انترا، منشآت النفط، الخ.).
أولاً، المقررات صادق عليها ودعمها «شركاؤه في الحكم»: حزب الله، حركة امل، التيار الوطني الحر، كتلة المستقبل، القوات اللبنانية (المؤيدة لها منذ البداية) والحزب التقدمي الاشتراكي (عدا تحفظ هنا وهناك).
ثانياً، هذه ليست مطالب سعد الحريري ولا حتى مطالب شركائه في الحكم. هذه املاءات البنك الدولي وصندوق النقد و«سيدر»: تقشف، وقف الهدر، وقف الفساد، خصخصة: اذا كنتم لا تستطيعون زيادة الرسوم والضرائب، بيعوا املاك الدولة، اي الشركات والمؤسسات التي تدرّ مداخيل معقولة للخزينة (المرفأ، الميدل ايست، خدمات المطار، بورصة بيروت، الريجي، الكازينو، شركة انترا، منشآت النفط، الخ.).
وهو ما حصل. لا يستطيع الحريري وشركاؤه في الحكم فرض ضرائب جديدة وقضم المزيد من مداخيل الناس ومستوى معيشتهم، ولا يستطيعون ولا يريدون وقف الانتفاع من اموال الدولة، قرروا ما هو صعب التصديق لكنه حصل: قرروا الممانعة.
قرروا ان تمتنع الحكومة عن الانفاق على المشاريع الاستثمارية اي وقف كل المشاريع المتعلقة بالبنى التحتية وذات المنفعة العامة والمحفزة على النمو والمولدة للوظائف (شق او استصلاح طريق، بناء مستشفى حكومي، محطة ارشاد زراعي، مركز تدريب صناعي، مدرسة جديدة تخدم مجموعة قرى نائية في البقاع الشمالي او عكار، الخ).
هذه المشاريع الاستثمارية سوف يتولاها من الآن فصاعداً رأس المال الخارجي الخاص بتمويل من «سيدر». وصدّقوا ايضا ان التزامات راس المال الخارجي الخاص لا تتضمن العمولات والخوات والانتفاع المحلي!
الاهم، لا يزال في لبنان من يصدّق، بعد ثلاثين سنة من الدجل النيوليبرالي المكشوف عالميا، ان توفير افضل البنى التحتية يستجلب بذاته تدفق استثمارات خارجية خاصة لتنمية القطاعات الانتاجية من زراعة وصناعة؟ جرّبناها مطلع سياسات الاعمار في عهد الحريري الاب: تدفق راس المال الخارجي الخاص وتوظف في معظمه في سندات الدولة والمضاربة العقارية. ولما انخفضت فوائد الاولى وارباح الثانية، حمل حاله وفلّ.
2
المديونية: من جيوب الناس الى المصارف
إذاً، تقرر ان يكون وقف انفاق الدولة على البنى التحتية والمشاريع التنموية الثمن الذي سوف يدفعه المواطنون لعدم اضطرار الدولة الى الاستدانة العام القادم.
ولكن ماذا عن الانفاق الاكبر في موازنة الدولة: خدمة الدين (٦ مليارات دولار)؟ سوف يتولى مصرف لبنان (وهو الاسم الآخر للدولة ولأموال المواطنين) سدّ ٥٠٪ من خدمة الدين، أي ٣ مليارات دولار، من فوائد الديون المستحقة للمصارف على الدولة (الباقي بواسطة طبع عملة إضافية). اما المصارف، صاحبة الدين، فكل مساهمتها لا تتعدى دفع ضريبة استثنائية على الارباح لعام واحد تبلغ ٦٠٠ مليون دولار.
هذه المصارف ذاتها ارتضت، في مناسبة سابقة واقل خطورة من هذه، عشية «باريس ٢» العام ٢٠٠٢ بتسليف الدولة ٣،٦ مليار دولار بصفر فائدة على ثلاث سنوات. ويبدو انه رد في مداولات مجلس الوزراء الاقتداء بمثل هذه السابقة وأحبط.
للمعلومات:
-بلغت ارباح اول مصرفين لبنانيين (اربعة ملايين نسمة) للعام ٢٠١٧ =٧٣١ و٥٥٩ مليون دولار. وهي توازي ارباح السادس والسابع من أكبر المصارف البريطانية (٦٠ مليون نسمة).
-اما بالنسبة لحجم الاقتصاد، تقارب ارباح آكبر ١٤ مصرفا في لبنان 4,5% من الناتج الاجمالي العام، في حين انها 0,2% في المانيا و0,9% في الولايات المتحدة.
-في العام ٢٠٠٠ كانت ارباح مجموع مصارف لبنان لا تزيد عن ٤٣٦ مليون دولار. هذا المبلغ يحققه الآن مصرفٌ واحد. اما الارباح المجمعة للمصارف للعام ٢٠١٨ فتبلغ ٢،٢٧ مليار دولار.
3
-معيشة الناس
لنتفاهم: تقرر عدم فرض اي ضريبة مباشرة او غير مباشرة جديدة او زيادة ما هو موجود، خلال العام ٢٠٢٠ فقط. وهذا يشمل كل الضرائب وليس مجرد الضرائب على الاستهلاك! أي ان كل الضرائب إما معلّقة او مؤقتة. الضريبة الإضافية على أرباح المصارف بقيمة ٦٠٠ مليون استثنائية ولعام واحد. اعتماد ضريبة تصاعدية موحدة على الدخل مشروع للبحث. اما مشاريع فرض ضرائب على الثروة والارث والتحسين العقاري فلا تزال خارج البحث.
في المقررات عن "الحماية الاجتماعية":
-المعاش التقاعدي لا يزال قيد الدرس منذ عقود!
-الوعد بتخفيض العجز في قطاع الكهرباء سيتم، اغلب الظن، خفض ساعات الانارة او برفع التعرفة. اما وعد الكهرباء ٢٤/٢٤ في العام ٢٠٢١ فالناس سمعته كثيرا.
-ثمة قرض كويتي لدعم مشروع الإسكان.
-تقرر اعادة تفعيل "مشروع معالجة الفقر"، الموجه لحوالي خمسين الف من المصنفين «الأشد فقراً». توقف فجأة ولا احد يعرف لماذا ولا ما الذي حققه. والمشروع فلة احسان مولتها الدولة والبنك الدولي والحكومة الايطالية تقدم إعفاءات من الاقساط المدرسية ومن اشتراكات الكهرباء والمياه ويقدّم بطاقات طعام والمال نقداً في بعض الأحوال.
-تقرر احياء مشروع توحيد شراء الادوية من مؤسسات الدولة وصندوق الضمان الاجتماعي، مع اعطاء الاولوية للصناعة المحلية، ما يعني ان النية ليست في استيراد الدولة للادوية مباشرة من المصدر، بل عن طريق وسطاء، لأن الشراء من المصدر يكشف اسعار كلفة مستوردي الادوية وارباحهم.
وهذا اقتراح جرى التداول فيه في العام ١٩٧٢ واحبطه مستوردو الادوية وأطاحوا بالوزير اميل بيطار الذي اقترحه لآنه يفضح ارباحهم!
-لم يخطر في البال مشروع شراء الدولة للمحروقات مباشرة من دولة لدولة، عندما ورد هذا الاقتراح سابقاً خنقته مافيا المحروقات.
4
4
- لا توجد قوانين لمكافحة الفساد في الجمهورية!!
بعد ثلاثين سنة من الهجوم على الفساد، بعد ثلاثين سنة من ربط شروط البنك الدولي منح قروضه للحكومة اللبنانية بمكافحة الفساد والالتزام بقواعد الشفافية، بعد ثلاثين سنة من شفط المليارات من مشاريع وعقود الدولة والتزاماتها ومن خلال النفوذ في الدولة، لا يوجد في الجمهورية اللبنانية قانون لمكافحة الفساد ومقاضاة الفاسدين وناهبي المال العام!!
وهذا ما يؤكده اصلا القرار رقم ١٧ من مقررات "الإصلاح" الحكومية حين يلحظ:
وهذا ما يؤكده اصلا القرار رقم ١٧ من مقررات "الإصلاح" الحكومية حين يلحظ:
١) البدء بمناقشة «مشروع قانون استعادة الاموال العامة المنهوبة» المقدم من وزارة العدل. السؤال: هل يوجد جردة بالأموال العامة المنهوبة وبالناهبين او المشتبه بهم؟ اغلب الظن ان لا. وانهم قدّموا العربة قبل الحمار.
٢) يدعو لاقرار «الستراتيجية العامة لمكافحة الفساد» ومخططها التنفيذي.
كل الموجود كله «قانون الاثراء غير المشروع» الذي يقضي باي يصرّح كل موظف في الخدمة العامة –من مدير عام الى رئيس الجمهورية – عن أمواله المنقولة وغير المنقولة في ظرف مختوم يودع لدى المجلس الدستوري في مهلة محددة بعد تسلمه وظيفته. ويستعيد الظرف بعد انتهاء وظيفتة مختوما مثلما قدّمه. لا يفتح الظرف الا في حال التقدّم بشكوى ضد الموظف. في المقابل، يعاقَب المدّعي بغرامة مالية قدرها ٢٥ مليون ليرة (١٥ الف دولار) اذا لم تثبت تهمته، هذا عدا حق المدعى عليه بملاحقته قضائيا بتهمة القدح والذم وإساءة السمعة.
فلا عجب ان أحدا لم يتقدّم بدعوى اثراء غير مشروع الى الان منذ صدور القانون العام ١٩٩٩.
هذا القانون مسخرة لاي تشريع. لأن الاثراء غير المشروع يفترض ان يتم خلال مهلة خدمة الموظف لا عند بدايتها.
وحتى لا يقتصر الامر على ملاحظة غيابات، يمكن تعديل «قانون الاثراء غير المشروع» بالاتجاهات الآتية:
١-اشراف هيئة قضائية عليا او المجلس الدستوري ذاته على تطبيق القانون.
٢-عند انتهاء خدمته، يقدّم المشمول بالقانون تصريحا جديدا بأملاكه ومداخيله وتتولى الهيئة القضائية العليا التدقيق فيه والمقارنة بين التصريح الثاني والاول، لتقرير ما إذا وقع، خلال الخدمة، اثراء غير مشروع على حساب الدولة او من خلال استخدام النفوذ، فيحال المعني الى القضاء المختصّ.
٣- يحق لاي مواطن ان يتقدم بشكوى فساد او استغلال نفوذ او انتفاع على حساب الدولة لدى الهيئة القضائية المعنية بتطبيق القانون، دون ان يتعرّض لأي غرامة مالية او ملاحقة قانونية حتى لو ان الحكم الصادر لا يثبت التهمة التي وجهها.
كذلك الامر، يمكن سنّ «قانون تضارب المصالح» conflict of interests بين المصلحة العامة وبين المصالح الخاصة، المعمول به في غير بلد من بلدان العالم، يحتوي على:
-اعلان كل نائب ووزير ورئيس من الرؤساء الثلاثة عن استقالته من ادارة مؤسساته وشركاته التجارية عند توليه المسؤولية الحكومية.
-منع الرؤساء والوزراء والنواب والمدراء العامون ومن يوازيهم في الخدمة العسكرية والامنية، وأقرب اقربائهم، من المشاركة في عقود تنفيذ اشغال لصالح الدولة تحت طائلة الغاء العقود والملاحقة القانونية.
(*) مدونة نشرها المؤرخ والباحث فواز طرابلسي في صفحته الفايسبوكية.
(*) مدونة نشرها المؤرخ والباحث فواز طرابلسي في صفحته الفايسبوكية.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها