السبت 2019/01/12

آخر تحديث: 14:20 (بيروت)

غازي العريضي يكتب "زمن الانهيار العربي"

السبت 2019/01/12
غازي العريضي يكتب "زمن الانهيار العربي"
موقعاً كتابه في معرض الكتاب في بيروت
increase حجم الخط decrease
في 400 صفحة، كما في يومياته، ثمة عبارة تلازم الوزير السابق غازي العريضي. لا يتوانى عند مقاربة أي نقاش سياسي عن التعبير عن أسفه وسخطه لما آلت إليه أحوال العرب. يقول فوراً: "نعيش زمن الإنهيار العربي، وإنها أسوأ الأزمان التي يعيشها العرب".

لازمة "الإنهيار العربي" (الدار العربية للعلوم) اختارها العريضي عنواناً لكتابه السنوي الدوري والذي اعتاد إصداره سنوياً، مبتدعاً أسلوباً جديداً، في القراءة السياسية من خلال كتبه، تقوم على استخلاص أحداث العام يوماً بيوم ووضعها في إطار سياسي عربي إقليمي دولي جامع، قائم على الربط بين أحداثها وتقديم خلاصتها واستشرافها للمرحلة المقبلة، وفق قراءة استراتيجية وتفصيلية في آن.

في مقدّمة الكتاب، يشير العريضي إلى أنه أراد اختيار عنوان غير الإنهيار العربي له، انتقى عنوان "أميركا لن تحكم العالم". لكن جملة معطيات، من بينها الترهل العربي، والهروب إلى الأمام من دون إيجاد أي رؤية سياسية عربية جامعة لمواجهة الأخطار، فرضت اختيار الإنهيار العربي، لا سيما في ضوء الإذلال الأميركي الممنهج من قبل إدارة الرئيس دونالد ترامب للعرب، سواء بادعاء تأمين الحماية عليه وبالتالي يتوجب عليهم دفع الأموال، أو من خلال التلاعب الأميركي على حبال التناقض والتحالف مع العرب والإستثمار في خلافاته لا سيما في الأزمة الخليجية، ناهيك عن تسليمهم بصفقة القرن وعدم الدفاع عن فلسطين والقدس.

اختيار العنوان الأول، جاء بنتيجة السياسات الأميركية التي هدفت إلى مواجهة الحلفاء وتطويعهم، بما يسمّيه الكاتب موازنة حصار وخراب العالم، في إشارته إلى تحكم المسار المالي الأميركي بالسياسة الخارجية، ومواجهة أميركا لتركيا، وأوروبا، ومحاولة استقطاب الهند لإبعادها عن روسيا والصين.

يتركز الكتاب حول القضية الفلسطينية ويضيء على جوانب مظلمة من صفقة القرن. الصفقة التي يعتبرها الكاتب مكمّلة للسعي الأميركي للدخول في خلافات مع حلفاء واشنطن، وتنمّ عن نية أميركية لتسيّد العالم، خصوصاً في استعراضه لانسحاب واشنطن من منظمة الأونيسكو ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة واتفاق المناخ الموقع في باريس وتمويل صندوق الأمم المتحدة للإسكان والاتفاق العالمي بشأن الهجرة الآمنة والنظامية. إضافة إلى اتفاق التجارة الحرة لأميركا الشمالية واتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ، وبيان كندا بعد قمة السبع ساعات، والاتفاق النووي الإيراني، والمعاهدة بين روسيا والناتو المتعلقة بعدم نشر قوات قتالية والموقعة العام 1997، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية فيينا بشأن العلاقات الديبلوماسية، واتفاقية الصداقة الموقعة مع إيران العام 1955، والتهديد بالانسحاب من معاهدة الأسلحة النووية الموقعة العام 1987 مع رئيس الاتحاد السوفياتي ميخائيل غورباتشيف. والانسجاب الأميركي من منظمة التجارة العالمية التي كان الانتساب إليها هدية، بل مكافأة تقدم من اميركا لأي دولة كشهادة حسن سلوك وانخراط في المجتمع الدولي أو العالم الحر. ويعتبر العريضي أن كل هذه الانسحابات هي بهدف التفرّد واستباحة كل شيء من أجل المصلحة الأميركية.

وبالإضافة إلى هذه الانسحابات، فإن العريضي يعتبر في كتابه أن هذا العام أيضاً كان عام الهجوم على الشرعية الدولية وقراراتها ومؤسساتها، والهجوم على أوروبا والدعوة إلى تفكيكها وابتزازها، والعقوبات المفتوحة والغرامات والضرائب والحروب التجارية من جانب أميركا ضد كندا والمكسيك وكوريا الشمالية وروسيا والصين وتركيا وإيران وأوروبا وغيرها، وزيادة موازنات التسلّح في أميركا والتسابق على السلاح النووي والفضاء الخارجي، والازدياد السكاني وارتفاع نسبة البطالة والجوع والفقر والعنف والعنصرية والإرهاب في العالم، والجنون ضد إيران وإرهابها وتمددها في الشرق الأوسط وتهديدها الأمن والاستقرار في العالم وفرض عقوبات أحادية عليها.

حصار قطر
يغوص العريضي في كتابه، في أبعاد الإستثمار الأميركي، باللعب على التناقضات العربية والخليجية خصوصاً، مرتكزاً على قراءته في الإستثمار الأميركي بالبعبع الإيراني لإخافة العرب وخاصة الخليجيين، وإبقائهم في حاجة ماسة إلى صفقات التسلح من واشنطن وإلى حمايتها الدائمة. ولا يغفل عن الغوص في أبعاد الأزمة الخليجية وحصار قطر، التي يعتبرها خطأ تاريخياً، خصوصاً في ظل التناقض في المواقف الأميركية التي تهدف إلى استنزاف الخليجيين.

وهذه لا يفصلها عما تتسبب به من فراغ سياسي عربي على الساحة العربية، ما يفسح المجال أمام سدّها من قبل قوى غير عربية كتركيا وإيران اللتين تجدان العديد من المنافذ للدخول إلى المجتمعات العربية بالإستناد إلى رفع خطابات مدافعة عن فلسطين ومناهضة لصفقة القرن. واستمرار الرهان الأميركي الإسرائيلي على ضعف العرب، والتحكم بالمسار النفطي العربي، وفق نظرية كيسنجر القديمة.

وفي أبعاد الحرب السورية، يبين الكتاب أن سوريا أمام جولات جديدة من القتال والصراع على النفوذ، لا سيما في ضوء الضغوط الأميركية الإسرائيلية على إيران، وجعل سوريا ساحة لقتال النفوذ الإيراني. ما يعني أن الحرب لم تنته بعد. فيما يذهب في أبعاد تقسيم الجغرافيا السورية انعكاسات قمة هلسنكي في الوضع السياسي والعسكري وملف اللاجئين، خصوصاً في ضوء القانون رقم 10 الذي لا يتيح عودة السكان الأصليين إلى مناطقهم. وربطاً بين الملفين اللبناني والسوري، يرى الكاتب أن ملف لبنان الحدودي والنفطي، مرتبط إرتباطاً وثيقاً بالصراع على سوريا، والمطالب الإسرائيلية بضمان مصالحها الإستراتيجية على الحدود، من خلال منع لبنان من استخراج نفطه قبل الوصول إلى تسوية شاملة. معركة الحدود في لبنان، لا تنفصل عن معركة الطرق والمعابر والموانئ المفتوحة في المنطقة ككل، وتجلّى أبرزها في أبعاد زيارة نتنياهو إلى سلطنة عمان برفقة وزير المواصلات الإسرائيلي، لمواجهة المبادرة الصينية "حزام وطريق".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها