من الممكن تحويل استنتاج ميشيا إلى معادلة لقياس اللعب في كرة القدم. فكلما كان الفريق نشيطاً في تمرير الطابة بين لاعبيه الذين يجهدون في تنسيق الهجوم، يكون فريقاً بارعاً. أما عندما يعتمد على إبقاء الطابة مع لاعب واحد، يمضي إلى الهجوم اليسير فقط، يكون فريقاً مخفقاً. وهذا، حتى لو أن الفريق الأول هو الذي خسر أمام الفريق الثاني. فمعنى اللعبة ليس في نتيجتها، أو عدد الأهداف، بل في طريقة لعبها، أو بالأحرى في استنزاف كل طرق لعبها. على هذا النحو، وباختصار، قيمة كرة القدم في ارسائها لصلة متحركة بين أعضاء فريقها تؤدي بهم إلى الفوز بابتكار، وليس في حث هؤلاء على التحرك، وكل منهم دون غيره، إلى تسجيل الهدف مباشرةً وبشكل ممل. ومع انقلاب كرة القدم إلى لعبة محكومة بالمنطق الربحي، فإنها تنتج تشجيعاً خاصاً بها. من هنا، يرى ميشيا أن المشجع، بما هو مهتم بالفوتبول ومطلع على تقنياتها واساليبها، بالإضافة إلى كونه هاوياً لها، قد اختفى. وحل مكانه المشجع الذي يذهب إلى التفرج على المباراة من أجل جعلها ذريعة لمعركة يخوضها ضد أغياره، وذلك، بلا أن يتابع مجريات اللعبة فعلياً. المشجع الملم لا يصفق عندما يقدم فريقه على إحراز هدف فحسب، بل عندما يقدم الفريق الخصم على إحراز تمريرة مميزة مثلاً، أي أنه يشجع على اللعب الخلاق، وليس على الربح.
يشوب حديث ميشيا عن الفوتبول بعض النوستالجيا، بحيث أنه لا يتوقف عن الإشارة إلى ماضيها، مفتشاً عن الضائع فيها، مؤكداً أنها على وشك فقدان كل بريقها. لكن هذه النوستالجيا لا تبعده عن الإعتقاد بأن كرة القدم، وعلى الرغم من وضعها الحالي، لا تزال حقلاً حياً، ومن الممكن الوقوع فيه على فِرَق لا تكترث باللعبة "الواقعية"، متمسكةً بتلك اللحظة التاريخية، التي تبدلت فيها كرة القدم من لعبة دحرجة انكليزية إلى لعبة إمرار اسكتلندية.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها