الجمعة 2018/07/13

آخر تحديث: 13:47 (بيروت)

رئيس "رابطة الكتّاب السوريين": مَن أنتم؟

الجمعة 2018/07/13
رئيس "رابطة الكتّاب السوريين": مَن أنتم؟
يصعب الدفاع عن "الرابطة"، ما دام مكتبها التنفيذي يعلن مسؤوليته "عن هذا المآل الذي آلت إليه"
increase حجم الخط decrease
يبدو أن الأيام المقبلة، ستحفل بالعديد من المعارك والنقاشات الساخنة على وقع الهزيمة المريرة التي يشهدها السوريون. معارك تحت عناوين عديدة، بدءاً من العنوان الشهير "ألم نقل لكم!"، أو "إبكِ مُلكاً مضاعاً لم تحافظ عليه كالرجال"، إلى "النقد الذاتي بعد الهزيمة"، وفي ترجمات أخرى "جَلد الذات"، إلى سواها من عناوين.

لا يبدو من قبيل المصادفة أن معركة حامية بدأت بالفعل حول واحدة من أولى المؤسسات المواكبة للثورة السورية هي "رابطة الكتّاب السوريين"، حيث ثار جدال بلغ مرحلة التهديد بانشقاق يكاد يطيح المؤسسة من أساسها، على ما توقّع البعض.

معركة "رابطة الكتّاب" تشمل أطرافاً ثلاثة. الأول اعتبرَها مجرد "دكانة لتجارة الأوهام لا تفتح إلا وقت الانتخابات"، بحسب بيان شخصي للشاعر السوري حسان عزت، متسائلاً عمّا قدمته الرابطة للثورة السورية "غير الشِّلَلية والمحسوبية والنفعية وعلاقات شخصية أسوأ من علاقات مؤسسات النظام". لكن عزت لا ينكر أنه صمتَ عن أحوال الرابطة تلك "يوم كان الراحل الكبير صادق العظم رئيساً فخرياً لها". أما الآن، فيبدو أنه اتخذ قراره بالكلام: "أنا مع شعبي وثورة وكرامة شعبي، وثورة درعا الثانية، وهي أعلى من كل الكرامات ودكاكين الشِّلَل والتهافت".

أما طرفا المعركة الرئيسيان فهما "المكتب التنفيذي" للرابطة من جهة، ورئيسها الشاعر نوري الجراح من جهة أخرى.

يصعب على المرء أن يدافع عن "الرابطة"، ما دام مكتبها التنفيذي يعلن، بلا لبس في بيانه، مسؤوليته "عن هذا المآل الذي آلت إليه الرابطة، كما أنه مسؤول عن أي نتائج ستترتب على الخلاف الحاصل"، وهو يشير إلى بعض أخطائه في أكثر من موقع في البيان. وهو اعتراف لا يجب أن يدفع إلى التسامح معه، ولن يعفي من نقاش تفاصيل مسيرة السنوات الفائتة. لكن، في الوقت ذاته، لا بدّ من ملاحظة الفارق الكبير بين بيان "المكتب التنفيذي" للرابطة، وبيان رئيسها نوري الجراح. إذ بدا بيان الأول أكثر شفافية، متواضعاً وأقرب إلى التصديق، خصوصاً ونحن نتحدث عن سلوك رئيس الرابطة، وقد جاء بيانه مصدّقاً لبيان "المكتب التنفيذي"، إذ كتب بعنجهية وغرورِ زعيم عربيٍ يواجه ربيع بلاده بتعالٍ. انظروا مثلاً كيف يخاطب زملاءه بعبارة "أعضاء المكتب التنفيذي المنتهية ولايته"، التي يكررها بالضبط سبع مرات، كما لو أنه يتقصّد المناكفة لا الحوار، كما لو أنه أراد أن يقول لهم: "من أنتم؟".

هذا بالإضافة إلى عبارات عديدة مماثلة في صلفها، وصولاً إلى اتهام سياسيّ "يرقى" إلى التخوين، حين يتحدث عن "ظهور محاولات مريبة من البعض لجرّ الرابطة، عن طريق التمويل، إلى سياسة المحاور، وهو ما يهدد استقلاليتها ويعرض للمصادرة قرارها الثقافي وحريتها الفكرية بوصفها أول مؤسسة ديموقراطية أنتجها الحراك الثوري للسوريين". وكان حريّاً بالجراح، إن صحّت مزاعمه، أن يكشف على الملأ الوثائق التي بحوزته، فمن دونها سيصبح ذلك الاتهام مجرد تنويع على عبارة لطالما قيلت في وجه المتظاهرين السوريين السلميين: "مُندسين". وفي حين يعتبر الجراح، "المكتب التنفيذي"، منتهي الولاية، يبدو هو نفسه، بحسب تأكيدات "التنفيذي"، غائباً عن الفعالية، خصوصاً في فترة رئاسته. ليست المشكلة هنا وحسب، بل في أن الرجل تصرّف كزعيم سياسي أكثر من كونه رئيساً لرابطة كتّاب، وما بيانه في حق زملائه إلا شاهداً. لكن الجراح، والشهادة لله، ورغم كل الصلف والتعالي على زملائه في الرابطة، يعلن بوضوح في آخر البيان، أنه لم يكن ينتوي الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.

يعامل الجراح "زملاءه الذين رشّحوه وانتخبوه كأتباع أو جنود"، بحسب بيان "المكتب التنفيذي"، ولا ندري أي ذعر كان ينتابهم كي يقبلوا، تجنباً للإشكاليات، على ما قالوا، تكليفه شقيق زوجته، بإنشاء الحساب الذي يرسل المرشحون أسماءهم إليه. وصولاً إلى اجتراح موقع الكتروني بديل للرابطة، وإعلان المكتب التنفيذي منتهي الولاية، على الرغم من أنه ظل حتى وقت قريب ينسق معه ويماطل في ترتيب الانتخابات.

هكذا، فإن "المكتب التنفيذي" للرابطة، لا تنحصر مسؤوليته في المآل الذي آلت إليه الأمور. فـ"المآل" لم يولد أمس، لقد بدأ مع بدايات التأسيس، مع تغاضٍ هنا، وتواطؤ هناك، مع صمت وإذعان تجنباً للإشكالات، أو سعياً لمطمع ما هنا أو هناك.

أما الطرف الثالث، المشار إليه آنفاً، فغريب حقاً أنه يهاجم "رابطة الكتّاب السوريين"، ثم يصطف على الفور إلى جانب الجراح عند إصدار بيانه، كأن الرجل ليس مؤسساً وليس رئيساً. فإن كان هناك عطل ما، فهو تحتَ بصره وسمعه، وإن كان غائباً، فالمصيبة أعظم.  
 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها