الخميس 2018/06/28

آخر تحديث: 18:37 (بيروت)

جرائم كأس العالم.. مَكانية

الخميس 2018/06/28
جرائم كأس العالم.. مَكانية
الاكتظاظ من السماء
increase حجم الخط decrease
أحداث مختلفة حصلت ليل أمس في بيروت وطرابلس عقب خروج ألمانيا من المونديال، وهي جريمة قتل في حي السلم ودهس أحد المشجعين في النبعة، وإشكال بين مشجعين في حي البداوي في طرابلس. الرابط بين هذه الأحداث هو حصولها في أحياء مكتظة وفقيرة شهدت أيضاً عدة تفاعلات خلال الأيام الماضية، فقد انتشر فيديو يظهر حياً كاملاً في صبرا مغطى بأعلام البرازيل صار يعرف بحي ساوباولا، كما حصلت مسيرات عدة في هذه الأحياء أدى بعضها لحصول إشكالات.

المشكلة ليست ثقافية أو طبقية كما يرغب أي تحليل عنصري وبليد، بل هي مشكلة مكانية بامتياز، فنحن نتكلم عن أكثر الأحياء إكتظاظاً وعشوائية في المدينة، تظهر على صور الأقمار الإصطناعية كجُزُر من لون واحد بعكس محيطها المنقط بالمباني، ويتجاور في هذه الأحياء أشخاص لا يرغبون بهذا التجاور بالضرورة، ويجدون أمكنتهم الخاصة متداخلة مع مجالات خاصة أخرى، ومع المجال العام الذي يتسلط عليه شلل شوارع، غالباً ما تكون مدعومة أو منتمية إلى جهة سياسية.


خلال المونديال مثلاً يمكن للساكن في أحد هذه الأحياء غالباً أن يسمع صوت المعلق الرياضي نفسه يتردد في البيوت المتجاورة، أو مثلاً خلال خطب السيد حسن في حالة الضاحية الجنوبية أو وقت نشرات الأخبار. والحي يصبح كأنه منزل واحد كبير يعيش فيه أولاد يتناحرون أحياناً، يفرض عليهم سلطة شخص واحد. في حالة حي ساوباولو في صبرا، يقول أحد أولاد الحي في مقابلة على تلفزيون الجديد، وهو مشجع للمنتخب الألماني، أن مشجعي البرازيل في الحي مدعومون من الحركة، وهم الذين فرضوا على الحي لوناً واحداً لا يمكن لأحد أن يعترض عليه أحد، وهذا ما أكد عليه طفل آخر يشجع البرازيل قال إنه يفضل أن يقتل على أن يضع أحدهم علم ألمانيا في حيّه.

يؤكد هذا طبيعة ظاهرة رفع الأعلام التي قبل أن تكون إعلاناً لتشجيع منتخب معين، هي ظاهرة موجهة للآخرين وتهدف لاستفزازهم، كما هو حال المسيرات التي تخرج من المقاهي وتحدث عادةً تحت المباني التي يسكنها مشجعو المنتخب الخاسر، محاولين أحياناً إزالة أعلامه، هاتفين بكل أنواع التعابير أو الشتائم الإستفزازية التي ستصل حكماً، بما أننا نتحدث عن أحياء لا يتعدى ارتفاع المباني فيها الطابقين أو الثلاثة في أحسن الأحوال، ما ينطبق على حي السلم التي قتل في أحد مقاهيها شاب بعد أن وضع المفرقات تحت بيت أحد سكان الحي، وقد ركزت القصة التي انتشرت عن الحادث على المنطقة التي ينتمي إليها الإثنان، وهي بعلبك في حال القاتل والجنوب في حال المقتول، تجعلنا نتخيل سيناريوهات أخرى عن الأسباب المؤدية للحادث، التي ساهم في تفاقمها الإستفزاز المونديالي.


طبعاً هذه المسيرات هي السبب الرئيسي لأكثرية المشاكل. والقصة التي انتشرت أمس عن الإشكال الذي حصل في النبعة يتحدث أن قيام مشجع ألماني بدهس أحد الأشخاص المشاركين في مسيرة من هذا النوع، أما في الزاهرية في طرابلس فقد ارتجلت إحدى المسيرات تابوتاً خشبياً مغطى بعلم ألمانيا، وقد انتهت أيضاً بإشكال وإطلاق نار، كما أن هذه المسيرات تأخذ طابعاً طائفياً وسياسياً أحياناً، كما حصل منذ فترة في النبعة عند دخول مشجعي أحد الفرق الأوروبية الذين ينتمون إلى حزب الله وحركة أمل، إلى مناطق القوات اللبنانية، وحصل فيها إطلاق نار أيضاً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها