الأحد 2018/06/24

آخر تحديث: 16:45 (بيروت)

عندما كان صليبا الدويهي من "الآمال اللبنانيّة"

الأحد 2018/06/24
عندما كان صليبا الدويهي من "الآمال اللبنانيّة"
increase حجم الخط decrease
نجاح "الصالون" الذي تداعى الفنّانون التشكيليّون إلى تنظيمه في بيروت العام 1938، جعلهم يعيدون الكرّة في العام التالي، 1939، ودوماً بخليط من الأسماء اللبنانيّة والفرنسيّة والأجنبيّة، إنّما بعدد أقلّ من المشاركين في "الصالون" الأوّل. فغاب فيكتور دي رافاييل، وغالنتز، وبلوندو، ليحضر سائر المعنيّين بالحدث الفنّي السنوي، وفي عدادهم فنّاننا صليبا الدويهي.
وقد أكملت مجلّة "فينيسيا" التي كانت تصدر باللغة الفرنسيّة في العاصمة اللبنانيّة معروفها بالإضاءة على العارضين، وعلى الأعمال المعروضة التي أوسع لها مبنى البرلمان اللبناني في طابقه السفلي.

فريد العاصي الذي كتب إنطباعاته في المجلّة عمّا شاهده أخذ على بعض الفنّانين تعاطيهم مع "الصالون" الذي نظّمته جمعيّة "أصدقاء الفنّ" كسوق، وكفرصة للبيع، تحت وطأة الظروف الإقتصاديّة الضاغطة، دون أن يسقط من الإعتبار ان المعارض الفنيّة، على العموم، تشكّل سانحةً لجامعي اللوحات تسهّل عليهم الإختبار. فيما المطلوب هو الإنشغال بما هو إنسانيّ، والتعبير الصادق عنه. والباقي يأتي لاحقاً. فخلف الطريقة الخاصة بالرسم التي يتعيّن على كلّ فنّان أن يجدها يكمن الجوهر الحقيقي العميق للناس والأشياء.

كما أخذ العاصي على "الصالون" احتضانه لعدد من الأعمال التي كانت إستبعدت فيما لو غربلتها لجنة تحكيميّة مشكّلة لهذا الغرض. مقتفياً بذلك أثر جوزيف أوغورليان الذي سبقه الى الكتابة عن "الصالون" الأوّل. فظلّت الشوائب التي إعتورته هي هي، من عام الى آخر، إنمّا دون أن تلغي أهمّية التظاهرة الفنيّة التي أتاحت لمتذوقّي الفن، ومقتني اللوحات، الوقوف أمام آخر ما أنجزته ريشة بلانش عمّون، وجورج سير، وج. ميشليه، ومرسال لوسور، وماكاروف فاضل، ومصطفى فروّخ، وعمر الأنسي، وقيصر الجميّل، وماري حدّاد، وناديا بيضون التي كانت أوّل مسلمة تعرض لوحات في بيروت تميّزت بألوانها الحارة، والحيّة.

وكما جاری العاصي، أوغورليان في انتقاد "الصالون" لقبوله عرض ما لا يصلح جنباً الى جنب ما يتألّق، هكذا جاراه في الثناء على صليبا الدويهي الذي إكتفى بعرض عملين من أعماله، لم تنشر مجلّة "فينيسيا" سوى لوحة واحدة منهما.


عدا ان ما عرضه، على قلّته، كان يكفي لإظهار بأيّة حماسة، وبأيّ إتقان، كان الدويهي يرسم، وبعدم تبذيره لمهارته الفنيّة على مشاهد، أو على هيئات، سطحيّة اللمعان. فتبدو لوحته، وهو يبحث عن الجوهر الكامن خلف ما هو ظاهريّ، وكأنها تضيء بنفسها.

والدويهي كان حمل الى الصالون، عام 1939، نموذجين إهدينيّين دمغتهما شمس الجرد الواطئة، وضرورات السعي وراء الرزق. العاصي لم يكن يحتاج إلى أكثر من ذلك للبرهنة على مدى إخلاص هذا الفنّان الشاب لأرضه، وعلى طريقته في التعبير بالرسم المفعمة بالحضور، والحيويّة، والحساسيّة التي تلتقي على وضعه في مصاف الآمال اللبنانيّة.

مجلّة "فينيسيا" التي أتاح لنا صديقنا عبّود معوّض فرصة تقليب صفحاتها أفسحت لنا المجال لنعود الى الوراء في الزمن، ونتلمّس بأيّ مقدار من الثقة كان صليبا يخطو خطواته الفنيّة المتلاحقة، وأيّة درجة من الترحاب كانت تلاقيه ريشته السخيّة المبهرة للأنفاس.
ومتابعة الدويهي، في ما تعاقب من مراحله الفنيّة، أمر يستحق العناء.

(*) مدونة كتبها الباحث محسن أ. يمّين في صفحته الفايسبوكية
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها