الإثنين 2018/05/07

آخر تحديث: 13:17 (بيروت)

التمسك بالبلاد ضد البلاد

الإثنين 2018/05/07
التمسك بالبلاد ضد البلاد
التمسك بالبلاد ليس تمسكاً بمحاولتها بقدر ما هو دفاع عنها
increase حجم الخط decrease
بعد الاستحقاق الانتخابي البارحة، وفي السابع من أيار تحديداً، يجب التمسك بالبلاد. وهذا اللزوم ليس تفكيراً إيجابياً، على قول الرفاق في عالم "لايف ستايل"، وليس كلاماً قذراً، على قول الرفاق في عالم البورنو، لكنه، واقعي، أو يبغي أن يكون هكذا على الأقل. فالبلاد انتخبت، وقد فعلت ذلك بنسبة عددية لا بأس بها، وبالتالي، مالت إلى أن تحدث أمراً ما، من المساهمة في صناعته إلى ترقب نتيجته، التي لا تزال مبهمة حتى الآن. لكن، من المتاح الإعتقاد بأنها لن تكون مباغتة. اختارت البلاد ممثليها، بجدية وبهزل، بخوف وبتهور، اختارتهم من المقدم لها، ساعيةً إلى إنتاج معناها السياسي، الذي ظهر شكلياً، أو مسلوقا على وجه الدقة.

بدت البلاد أنها تحاول، وطبعاً، أخفقت في غالبية الجوانب، إلا أنها حاولت. الذين اقترعوا، أو لم يقترعوا، شاركوا، كل منهم بحسب قناعاته، في هذه المحاولة التي من الممكن وصفها بأنها خائرة، بحيث أن صاحبتها، أي البلاد، مرهقة، وبالكاد تحوز على دوافع فعلية لكي تستكمل حياتها السياسية. وعلى الرغم من ذلك، مضت إلى الإنتخاب كأنها تمضي إلى واقعة، تدرك أنها لن تغيرها، لكنها تدرك، في الوقت نفسه، أنها ستشير إلى بقائها قيد الدأب. طوال يوم الأحد، كانت البلاد تقول أنها مواظبة على القيام بنفسها، على إدعاء ذلك، وعلى نفي هذا الادعاء من خلال بعض العنف هنا، أو بعض اللامبالاة هناك.

التمسك بالبلاد ليس تمسكاً بمحاولتها، بقدر ما هو دفاع عنها بعد اتمامها للمحاولة إياها. أي، وبعبارة ثانية، دفاع عنها في مواجهة تطبعها، الذي قد يوصلها إلى المزيد من التقوض والظلامية. فعلياً، يجب التمسك بالبلاد ضد البلاد، ويجب التمسك بميلها إلى الإحداث ضد ميلها إلى جعله تأكيداً على السابق عليه، وعلى مضاعفته، وتحويله راهناً دائماً. لا يمكن بعد انتهاء جلبة الإنتخاب سوى البحث في كيفية تجنيب البلاد لما فعلته، وكيفية تخليص محاولتها من عُقبها، وكيفية تخليص اللائح من طاقتها من القبض عليه. التمسك بالبلاد من أجل تحريرها من وقت انتخاباتها، ومن أجل تحريرها من وهم الإنجاز الذي يدعى "إعادة إحياء الحياة السياسية".

ليس رائجاً في هذه اللحظات سوى النظر إلى أن "الأحد الصندوقي" كان بلا معنى بالمطلق. غير أنه لم يكن كذلك. فالذين انخرطوا فيه، وأياً كانت نسبتهم، عقدوا النية على تفعيل حضورهم، على الشعور بأنهم ينشطون في شأن عام، وبأنهم يحوزون على أثر. والذين لم ينخرطوا، هم أيضاً، وأياً كانت نسبتهم، عبّروا عن كون الطريق إلى ذلك الشأن لا صلة له بالإقتراع. لم يكن الأحد الصندوقي "عرساً وطنياً"، ولم يكن لا شيء. بل بدايةً، رغبة في الإحداث، ونهايةً إعادة تدوير لنظام بأكمله. إعادة تدوير تمثيلي لا ينفع سوى، وكالعادة، بسد الفراغ. ولهذا، بالتحديد، كان الأحد الصندوقي شبيهاً بالإثنين 31 تشرين الأول 2016.

هناك في أوساط المجتمع المدني، تلك العبارة التي لا يتوقف كثيرون عن تردادها، وهي "مع انتهاء الانتخابات، يبدأ العمل السياسي الحقيقي". وهذه العبارة، وبعيداً من قائليها، هي في سياق ما، في سياق مخالف لسياقها الأساس، صحيحة. ففي حال كانت جلبة الانتخابات، وضجيج الأحد الصندوقي، علامة على شيء معين، فعلى أن السياسة، التي تريد أن تواجه السياسة الطاغية، لم تولد بعد، وأن البلاد، وكوضع من أوضاع التمسك بها، تحتاج إلى هذه الولادة بالذات. بلا ذلك، ستظل البلاد تدور في حاضرها المقفل، حيث تحاول لتفشل، على أساس أنها تنجز العكس. وخلال وقائع البارحة، بدت أنها قد تكرر هذه المحاولة أسبوعياً.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها