الخميس 2017/02/16

آخر تحديث: 10:17 (بيروت)

ريما أميوني: ألوان تستقطع الطبيعة

الخميس 2017/02/16
increase حجم الخط decrease
عند تخوم الخطوط الطفولية، والألوان المشبعة السميكة، وضربات الفرشاة الثقيلة، تضع الفنانة اللبنانية ريما أميوني حملها في غاليري أجيال.

تتميز الفنانة أميوني بالميل إلى الطبيعة، والانسحاب باتجاه التصوير للعناوين المختارة من الواقع المنظور، وهي إذ تمثله، لا تهدف إلى توصيفه بقدر ما تسعى إلى الإحاطة ببعض ظواهره، فهي تركز على الجوانب المرئية من العالم المحيط، لا تدع بالا كبيرا للمنحى السردي، ولا تسلط الضوء إلا على الفواصل اللونية المنعكسة من الطبيعة، وهذه الفواصل تتبلور كمرتكزات للقطات التصويرية التي اختارتها الفنانة، وبرزت بضربات ريشتها القوية والسميكة.

تعمد الفنانة لوصف مظاهر الطبيعة بطريقة تقربها من الانطباعية، مع التخلي بشكل ما عن التلويح بالبعد الانساني من خلال هذه التصويرات والتصورات، فالانسان لا يحضر إلا بشكل طيفي عبر ما تختزنه اللوحة من أبعاد معيارية لونية وفق مفهوم التبدل والعبور والزوال. وتصرح عن الحركة في اللوحة باللون، فحالتها غير ثابتة في الواقع، إنما اللون يعكس لنا حالتها حين تنفيذ العمل الفني ليس إلا، بطريقة توحي بعملية انعكاس زمن ما وتثبيته على كانفاس بالالوان، أو قل تخليد اللحظة لما هو متبدل بالضرورة، بصور متتابعة تعلوها الشفافية.

قد يتفاعل المشاهد مع الأعمال الفنية لأميوني، آخذا في الاعتبار ما يصح وصفه بالبقع البارزة التي تفكك بماهيتها وذاتها الأشياء المصورة، وتحيلها إلى لطخات لونية، تعكس الضوء، فهي توحي بعمق التناول، وتريح الباصرة، وتوقد في الذهن حنينا إلى الطبيعة، بعد غزوات الإسمنت التي باتت تحتل القسم الأكبر من حياتنا ومعيشتنا. وهنا تجدر الإشارة، إلى أن أميوني قد لا تكون تنطلق من مواقف مسبقة، أيديولوجية أو سياسية او فكرية مجردة، بل لعلها أقرب إلى تفعيل البعد الحسي وما تمليه القوة الباطنة واللاشعور والانفعال في التكوين والتوظيف والتناول.

يسجل للفنانة أميوني أهمية ادراك اللحظة الراهنة، بأسلوب تتحول فيه اللوحة من بياض إلى مساحة حرة للتجريب والصقل، وكانت الطبيعة هي الاختيار، وكان المفعل هو إحساس الفنانة وشعورها نقلا عما يحيط بها من مشاهد، وهي إذ تنحو بعيدا نسبيا عن المفاهيم التي تعتبر الفن محوراً لإعادة بناء العالم وتنظيمه أو ربما نقده وهدمه، تسعى جاهدة عبر تدوين اللحظة وترسيخها باللون والضوء والحركة إلى بناء صرح تشكيلي عنوانه الانفعال. ونذكر بالإطار عينه نأي الفنانة عن رتابة تصوير الأشياء كما هي في الواقع، بل لعلها تعيد صوغها وقولبتها في عينها ويدها لتصنع منها إخراجا أقرب إلى المسحة الطفولية، وتنقيتها وفق إطار من البساطة في التصميم، والبدائية المقصودة في التشكيل، والعفوية في التناول والانسكاب.

يبدو أن أميوني من خلال تناولها للطبيعة لم تتخط بطريقة أو بأخرى عناوين العالم الموضوعي، فلم تحيلها إلى أشياء مبهمة او غير مفهومة، بل بقيت أمينة لذوات تلك العناصر في التناول والتأليف، مع توجه معين إلى إهمال نسبي للحدود الفاصلة المشكلة لتلك الذوات، وتغليب نسبي للحيز الإيهامي، مع بروز تحديدات أولية للشكل والخط، وغنى يصل إلى حد الإشباع في اللون.

يستمر المعرض حتى 11 آذار المقبل في غاليري أجيال – الحمرا.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها