newsأسرار المدن

تبغ وزيتون من زمن مقاوم

المدن - ثقافةالأربعاء 2017/09/06
Tobacco-and-Olives-BookCover.jpg
حجم الخط
مشاركة عبر
في كتاب "تبغ وزيتون: حكايات وصور من زمن مقاوم"، الصادر حديثًا عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في سلسلة ذاكرة فلسطين، يرسم معين الطاهر لوحةً تجمع شتلات تبغ الجنوب اللبناني وجذور الزيتون الفلسطيني العتيق، متجاوزًا كتابة سيرة ذاتية إلى إضاءةٍ على سيرة جماعية مكتملة بشخوصها وحوادثها وأطوار نموها ومناخات ازدهارها وحيثيات تراجعها.

في هذا الكتاب 13 فصلًا يجمع فيها الطاهر قصة "الكتيبة الطلابية"، ويوثق ما قدّمه رواد تجربة نضالية وطنية أدت دورًا مميزًا في الثورة الفلسطينية المعاصرة. في الفصل الأول، بدايات، يلخص الطاهر فترة انتظار الفلسطينيين طلائع الجيوش العربية التي قيل إنها آتية لنصرتهم بعد النكبة، ولم تأت، وهجرة العائلة إلى يافا، وإقامته في الإسكندرية، ثم في نابلس عشية حرب 1967، والحرب فالنكسة، وانضمامه إلى حركة فتح.  

في الفصل الثاني، إربد 1968، يروي المؤلف قصة انتقاله إلى مدينة إربد الأردنية، وتجديده التواصل مع فتح، وتعرّفه إلى هاني الحسن الذي تولى شرح نشرات فتح، ومشاركته في معركة الكرامة.  

في الفصل الثالث، لبنان 1973، يقصّ الطاهر قصة أول اشتباك بين الفلسطينيين والجيش اللبناني، وقذيفة الـ "آر بي جي" التي حسمت الموقف، وكمائن التنظيم الطلابي في الكولا والجامعة العربية، ومناقشة ياسر عرفات الذي أراد القبول بالدخول في تسوية سياسة بعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر، وبدولة فلسطينية حتى لو كانت في أريحا وحدها.

في الفصل الرابع، الحرب الأهلية 1975، يروي الطاهر قصة بداية الحرب الأهلية اللبنانية، وانقسام اللبنانيين، ودخول المقاومة الفلسطينية طرفًا في هذا الصراع. يكتب: "فجأة، وجد التنظيم الطلابي نفسه أمام مرحلة جديدة فرضتها عليه أوضاع الحرب الأهلية وعودة عدد من منتسبيه إلى مدنهم وقراهم وأحيائهم، ما فرض عليهم مهمات جديدة في الدفاع عن هذه المناطق ومحاولة منع الممارسات الطائفية فيها، وبهذا امتدت مهماته لتشمل عمليًا جميع لبنان من شماله إلى جنوبه، ومن بقاعه وجبله. حلّت البندقية مكان الكتاب، وأصبح تلاميذ الأمس قادة للمحاور وروادًا للعمل السياسي والعسكري والاجتماعي في أحيائهم ومناطقهم، إضافةً إلى المرابطة في خطوط التماس أشرفنا على إنشاء اللجان الشعبية والوطنية لتسيير أمور الأحياء، وأقمنا نوادي ومستوصفات طبية وروابط اجتماعية لخدمة الجمهور".  

لا يغادر الطاهر تفصيلًا عن المعارك في الجنوب اللبناني إلا ويذكره في الفصل الخامس، الجنوب 1976، يكتب عن ثلاث معارك كبرى شهدتها بلدة مارون الراس على الحدود اللبنانية - الفلسطينية، حين حاولت قوات سعد حداد التقدم نحو بنت جبيل واحتلال قريتي الطيبة ورب ثلاثين، وصدّتها الكتيبة الطلابية واقتحمت مارون الراس نهارًا.  

في الفصل السادس، بين حربين: 1978–1982، يروي يومياته الجنوبية. يكتب: "تدفّقت على الكتيبة أعداد كبيرة من المتطوعين الذين وصلوا خلال الحرب وبعدها، جزء منهم حضر لفترة وجيزة راوحت بين أسابيع وشهور عدة، فيما اختار آخرون البقاء والالتحاق نهائيًا بجسم الكتيبة، وبذلك تمكّنت الكتيبة من تعويض خسائرها البشرية الكبيرة التي لحقتها خلال الحرب".

أما في الفصل السابع، الانتقال إلى النبطية – الشقيف، فيتناول انتشار الكتيبة الطلابية في النبطية، ويتذكر: "كان الوضع صعبًا للغاية، ففي الحدّ الأمامي للقوات لا توجد أي تحصينات يمكن أن يحتمي بها المقاتلون من قصف العدو اليومي والمتواصل، كنّا في العراء تمامًا، والقلعة قد دُمّرت بالكامل ولم يعد ممكنًا البقاء داخلها، لذا أصبح من الضروري إقامة مجموعة من المواقع حولها".  

في الفصل الثامن، عبور النهر، ينتقل الطاهر إلى الأردن حيث "لم تكن الأمور بهذه السهولة، فثمّة مخاوف لدى النظام الأردني من عودة أي صورة من صور العمل الفدائي إلى الساحة الأردنية.  

يتذكر الطاهر في الفصل التاسع، الاجتياح 1982، روايتان لمعركة الشقيف في عام 1982: رواية إسرائيلية أتت متأخرة في عام 2013، ورواية فلسطينية تجعل من هذه المعركة أسطورة المعارك. تحدّثت الرواية الإسرائيلية عن وجود 27 مقاتلًا كانوا في القلعة استشهدوا جميعًا، وتصفهم بالمقاتلين البارعين الذين لم يُبدِ أحد منهم رغبة في الاستسلام، وكانت المعركة بالنسبة إليهم مسألة كرامة.

في الفصل العاشر، 1982–1983: العمليات خلف الخطوط، يسرد الطاهر وقائع عدة لعمليات نفتها المقاومة الفلسطينية واللبنانية خلف خطوط العدو الإسرائيلي بعيد اجتياح عام 1982، شاركت فيها الكتيبة الطلابية.

في الفصل الحادي عشر، الانشقاق وطرابلس، يتذكر الطاهر قصة الانشقاق في فتح. وبحسبه، كان أبو عمّار متأكدًا من ترتيبات الانشقاق حين اتخذ قراراته التي عُدّت دافعًا للإعلان عن حركة الانشقاق، إلا أنّ قرارات عرفات لم تكن كافيةً لمواجهة الانشقاق، فهي قد اعتمدت بالدرجة الأولى على معايير الولاء والطاعة التي لم تكن لتنجح في مواجهة حالة انشقاق جديّة مدعومة من سورية وليبيا، وتُغلّف نفسها بشعارات الإصلاح الداخلي، ومُحاربة الفساد، ومُناهضة التسويات المطروحة، والدعوة إلى عودة القوات التي خرجت من بيروت إلى الساحة اللبنانية.  

في الفصل الثاني عشر، عودة إلى الأردن، يقول الطاهر إن عددًا كبيرًا من الإخوة عاد إلى الأردن بوسائل مختلفة، بعضهم عبر المنافذ الرسمية وآخرون متسللون عبر الحدود.  
أما في الفصل الثالث عشر والأخير، ما بعد اتفاق أوسلو، فيتحدث الطاهر عن الكفاح الفلسطيني بعد اتفاق أوسلو، متسائلًا: ماذا تغيّر في فتح؟ ماذا بقي منها بعد خمسين عامًا من انطلاقتها يوم أن أطلقت الكفاح المسلح الفلسطيني في الأول من كانون الثاني/ يناير 1965؟ يجيب: "اليوم، وبعد خمسين عامًا، تغيرت الصورة كليًا. أضحت محاولة امتلاك عناصر القوة تعني في عُرف العدو أنّ الطرف الفلسطيني غير مؤهل للمشاركة في عملية التسوية التي لا قرار لها، وكان من شروط هذا التأهيل بعد استشهاد ياسر عرفات، الموافقة على خطة دايتون، والتنسيق الأمني مع العدو، وإنهاء ما تبقى من الانتفاضة الثانية، وتجلّى هذا الموقف خلال الحرب الأخيرة على غزة. وتحوّل التمرّد على موازين القوى السائدة، وهو المبرّر الوحيد لقيام جميع الثورات، إلى ضرورة الاعتراف بهذه الموازين والإقرار بها كحقيقة أزلية غير قابلة للتغيير، والتحذير من الاقتراب من حدودها.

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

  • image
  • image
  • image
  • image
  • image
subscribe

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث