الأحد 2014/12/21

آخر تحديث: 13:29 (بيروت)

طاهر البهي: حليم رأى في ناصر.. أباً بديلاً

الأحد 2014/12/21
increase حجم الخط decrease
أصدر الصحافي المصري طاهر البهي كتابه "اليتيم .. عبد الحليم حافظ" (دار العلوم)، يبحث فيه ظواهر وتداعيات اليتم وأثره في كاريزما شخصية عبد الحليم وفنه، ويدعو الكتاب القارئ إلى التأمل والبحث في أسرار كاريزما هذا الفتى الموعود بالعذاب والحب والنجاح، حيث لازالت هذه الأمور تعدّ لغزاً يشغل الباحثين رغم رحيل العندليب منذ 38 عاماً. وكانت مع طاهر البهي هذه الدردشة...

- ما الجديد الذي أضفته في كتابك "اليتيم عبد الحليم حافظ"، إلى الكتب الأخرى التي صدرت أو كُتبت عن العندليب؟

* الجديد في هذا الكتاب هو الزاوية التي ناقشت من خلالها شخصية العندليب الأسمر وجوانب من أسرار الكاريزما التي حيّرت الباحثين في فنه، حاولت أن أرصد جانباً نفسياً واجتماعيا في حياته، ولا أخفى عليك أنني أحب عبد الحليم، لكني لست من "دراويشه"، بل سبق أن دونت في كتاب سابق لي بعنوان "المغني"( 1999) نهاية عصر حليم بسبب انصراف الناس وإجهزة الإعلام عن تراثه، ولاقى هذا الرأي ردود أفعال غاضبة من مؤسسة عبد الحليم التي ما زال لها رموزها. باختصار أحب عبد الحليم واحببت صوته في حقبة من الزمن، لكن لا بدّ من التوقف العاقل لدراسة الظاهرة التي يمثلها، فهو لم يكن الأفضل بين جيله، لكنه الأقرب الى القلب.

- ما الأسرار السيكولوجية التي اكتشفتها في شخصية عبد الحليم؟

* الأسرار السيكولوجية ملخصها أن عبد الحليم كان يفتقد الدفء الأُسري، لذلك بحث عنه عند بعض الأسر التي تعرف اليها، مثل السيدة أم أمين زوجة محمد الموجي رفيق دربه، وعند والدة الفنانة عزة بلبع، والإذاعية جيداء بلبع التي كانت تستضيفه عند نزوله الاسكندرية، والحرمان كان يظهر من خلال عينيّ حليم وعذوبته ليحط في قلوب العشاق والمحبين.

- ألا تعتبر أنّ اليتم والشقاوة كانا سائدين لدى الكثير من الفنانين والمطربين، ولا يقتصران على عبد الحليم وحده؟

* لم أدرس الشخصيات التي تتحدث عنها وإن كنت أعرف أن أقيمهم فنياً، ولم أقل أن اليتم فقط هو صانع نجاح عبد الحليم، لكني أتكلم عن رأس الظاهرة ومثلها الأوضح، وللقارئ أن يقف معي أو عكس اتجاهي واحترم كل من يتفضل بالنقد أو الاختلاف.

- هل اليُتم هو الذي جعل عبد الحليم يعتبر جمال عبد الناصر بمثابة الأب الروحي له؟

* لا أستطيع أن أقول ان حليم اقترب من الزعيم جمال عبد الناصر لأنه كان "يتيماً"، كما أكون مهرجاً ولست ناقداً إذا قلت أن سرّ حب الزعيم لحليم هو لكونه عاش يتيماً، لكن يمكنني القول بوضوح إن عبد الحليم كان من داخله يرى في جمال عبد الناصر أباً بديلاً وحماية يفتقدها وظهراً يستند اليه، ساعد في ذلك أن عبد الناصر سمح لعبد الحليم بالاقتراب منه كما لم يقترب غيره، وصحيح أن كلا الطرفين (الزعيم والمطرب) كانا مؤمنين ببعضهما البعض، وكانت بينهما أبوة وبنوة وأخلاص ومؤازرة، لكن كل هذا لم يكن يمنع أحدهما من عالمه الخاص ولم يحتكر الآخر، فأحب عبد الناصر أم كلثوم. واقترب عبد الحليم من شعرائه وملحنيه، وعلى رأسهم موسيقار الجيل محمد عبد الوهاب، ومحمد الموجي.

- هل دموع عبد الحليم وشجنه الحزين صنعا كاريزماه؟ أم حاجة الجمهور العربي عموماً، والمصري خصوصاً، الى هذا النوع من الغناء، ربما لإحساسهم بفقدان الحب وغيابه؟

* الدموع لم تصنع شهرة عبد الحليم ونجاحه، لكن الجمهور يحب نجمه ويتوحد معه بشكل عام. وعندما نستمع إلى مطرب ما، نقول هذا جيد ثم ننساه، وثمّة تعابير كانت في ملامح العندليب ومظهره، جعلت الجمهور يتوقف أمامه ويسأل: من هذا؟ من أين جاء؟ ماذا يقدم؟ هذه الاسئلة كانت تعني الاهتمام، ومصدر الاهتمام الاول ـ رغم ان المزاج العام رفضه في أولى حفلاته بالاسكندرية، إن الضعف والخوف من الجمهور في ثاني تجاربه، ولمعة في عينيه أفسرها بلمعة الحرمان واليتم، كانوا وراء انطلاق أسئلة "الفايف دبليو" (ماذا؟ مَن؟ متى؟ أين؟ لماذا؟) التي يتدرب عليها كل صحافي، ولا داعي لأن أستثير أحداً وهذا اجتهاد شخصي أناقشه مع اقتراب الذكرى الـ38 لرحيل عبد الحليم.

- هل الحزن يرتبط باليُتم؟ والشقاوة والبيئة الفقيرة؟ أم هو طابع اجتماعي وربما ديني وفنّي كما في العراق مثلاً؟

* نعم، الحزن يرتبط باليتم وبالفقر، لكنه ليس جواز السفر للعبور أو الانطلاق. لكن دعني أذكرك بالنظرة الاجتماعية عند التأمل في أحوال اليتيم، خصوصاً في مجتمعات الشرق، قد لا تعني هذه الأمور الغربيين، لكننا في الشرق متعاطفون مع الضعيف بشكل عام، وإن كنت أؤكد مجدداً أن نجاح العندليب مبعثه ليس الشفقة به، بل هو فنان يمتلك صوتاً رائعاً واًحساساً نادراً يغني وكأنه يهمس داخل قلوبنا.

- هل اكتشفت أموراً جديدة في ما يتعلق بعلاقة عبد الحليم بالحب والنساء والنجمة سعاد حسني تحديداً؟

* بالطبع، هناك بعض الجوانب الجديدة في علاقاته العاطفية العذرية، ملخصها أنه يستحق الدخول في موسوعة الحب والغرام، وقد حصرت عدداً كبيراً من قصص الحب والاعجاب، وأدخر الحكايات لقارئ كتاب "اليتيم".


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها