وشهدت أحياء وسط لوس أنجلوس، اشتباكات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن، مع إعلان السلطات الفيدرالية نشر نحو 2000 عنصر من الحرس الوطني لحماية المنشآت الفيدرالية، خاصة مبنى "إدوارد آر رويال" الفيدرالي ومركز الاحتجاز الحضري.
وأغلقت الحشود الغاضبة الطريق السريع 101، وأضرم بعض المحتجين النار في مركبات ذاتية القيادة، بينما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والقنابل الصوتية لتفريق المتظاهرين، واعتُقل ما لا يقل عن 27 شخصاً، فيما أصيب مصور بريطاني برصاصة إسفنجية، وخضع لجراحة طارئة في ساقه.
وامتدت الاحتجاجات إلى مدن أخرى في كاليفورنيا، منها سان فرانسيسكو، حيث أعلنت الشرطة عن 60 حالة اعتقال، ووصفت الوضع بأنه "تجمع غير قانوني تخللته أعمال تخريب واعتداء على الشرطة".
تصعيد غير مبرر
وندد والي مقاطعة لوس أنجلوس (رئيس المجلس التنفيذي للمقاطعة)، بتصرفات الحكومة الفيدرالية، معتبراً أن "نشر الحرس الوطني بهذا الشكل العسكري يُعد انتهاكاً للثقة الاتحادية"، مؤكداً أن المقاطعة "لم تطلب أبداً دعماً عسكرياً"، وأن "إدارة ترامب تتعمد تحويل الأزمة إلى مشهد انتخابي يعيد إنتاج خطاب الخوف من المهاجرين".
كما عبّر حاكم ولاية كاليفورنيا، جافين نيوسوم، عن استيائه في رسالة رسمية بعث بها إلى البيت الأبيض، دعا فيها إلى "الانسحاب الفوري للقوات"، واصفاً القرار بأنه "انتهاك خطير لسيادة الولاية".
جدل قانوني
ويعتمد قرار ترامب على بند نادر من قانون القوات المسلحة، يتيح للرئيس وضع قوات الحرس الوطني تحت قيادة فدرالية إذا وُجد "تمرد أو خطر على تنفيذ القوانين الفيدرالية".
لكن هذا البند ينص أيضاً على أن يتم تنفيذ الأوامر "من خلال حكام الولايات"، وهو ما لم يحدث في هذه الحالة، ما يفتح المجال أمام طعون قانونية دستورية قد تصل إلى المحكمة العليا.
وأكد المحامي والناشط الحقوقي روبرت باتيلو على منصة "اكس"، أن "إرسال القوات دون إذن الحاكم يُعد تجاوزاً واضحاً للصلاحيات الفدرالية"، مشيراً إلى أن "ما فعله ترامب يتجاوز حتى ما هدد به خلال احتجاجات 2020، حين امتنع في النهاية عن تفعيل قانون التمرد".
شرارة الأزمة
تأتي هذه الاحتجاجات في أعقاب إعلان إدارة ترامب حملة واسعة تستهدف ترحيل ما يصل إلى مليون مهاجر غير نظامي خلال عام واحد، بدأت بمداهمات مفاجئة في جنوب كاليفورنيا يوم الجمعة، شملت متاجر، مواقف سيارات، وأحياء سكنية.
وخلال يومين، أعلنت وزارة الأمن الداخلي أن أكثر من 100 مهاجر تم اعتقالهم، دون أوامر قضائية، وفق تقارير حقوقية.
وعلى التوازي، دخل قرار جديد لترامب بحظر دخول مواطني 12 دولة حيز التنفيذ، معظمها دول إسلامية أو إفريقية، ما أثار موجة استنكار دولية، واعتُبر استكمالاً لسياسات "حظر السفر" التي أثارت جدلاً واسعاً خلال ولايته الأولى.
هل يعيد ترامب 1965؟
هذه هي أول مرة منذ عام 1965 التي يُنشر فيها الحرس الوطني في ولاية أميركية دون موافقة حاكمها، حين أرسل الرئيس ليندون جونسون قوات فدرالية إلى ألاباما لحماية المتظاهرين السود خلال مسيرة الحقوق المدنية الشهيرة في سيلما.
وفي عام 1992، نُشرت قوات فيدرالية في لوس أنجلوس لاحتواء أعمال الشغب بعد تبرئة رجال شرطة ضربوا المواطن الأسود رودني كينغ، لكن تم ذلك حينها بطلب رسمي من حاكم الولاية.
وفي عام 2020، هدد ترامب باستخدام قانون التمرد لقمع احتجاجات "حياة السود مهمة" بعد مقتل جورج فلويد، لكنه تراجع تحت ضغط شعبي ورسمي، واكتفى بدعوة حكام الولايات لنشر قواتهم.
أما اليوم، فإن ترامب أرسل القوات دون طلب، متجاهلًا اعتراضات الحكومة المحلية، ومهدداً بتوسيع نطاق التدخل، ما يؤشر إلى تحول خطير في العلاقة بين المركز الفدرالي والولايات.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها