تُعطي الحكومة السورية أهمية خاصة لسوق دمشق للأوراق المالية (البورصة) بهدف جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية وأصحاب الأموال الذين يحرصون على التعامل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وذلك بعد افتتاح السوق مجدداً أمام التداول بعد توقف ستة أشهر، منذ سقوط النظام.
وتعكف الحكومة على إصدار حزمة تشريعات "عاجلة"، لإصلاح سوق الأوراق المالية، وفق ما كشف المدير التنفيذي للسوق، باسل أسعد، الذي أوضح أن الإصلاحات تشمل إدخال أدوات استثمارية مبتكرة، مثل صناديق الاستثمار والصكوك الإسلامية.
ويرجع الأكاديمي والخبير الاقتصادي يحيى السيد عمر، اهتمام الحكومة السورية بالبورصة، إلى كونها تعد من الأدوات الهامة في السوق المالية، وإلى دورها الهام في الاقتصاد، بجانب كون البورصة قناة هامة للاستثمار، من خلال الاكتتاب على أسهم الشركات الجديدة، أو تداول أسهم الشركات القائمة.
الإعمار يتطلب تفعيل دور البورصة
ويقول لـ"المدن" أن الاقتصادات التي تنشط بها البورصات غالباً ما تقترن بنشاط اقتصادي واستثماري كبير، وبالنسبة لسوريا، فإن العمل على تعديل القوانين الناظمة لعمل سوق دمشق للأوراق المالية، يعد خطوة هامة نحو زيادة فاعلية البورصة، خاصةً أن الدولة مقبلة على إعادة إعمار، وما يرتبط به من تأسيس شركات جديدة ودخول شركات أجنبية، ما يتطلب تفعيل دور البورصة، والذي بدوره يحتاج لبيئة قانونية وتشريعية حديثة وقادرة على دعم أداء أسواق المال.
أما عن الأدوات الاستثمارية الجديدة مثل صناديق الاستثمار والصكوك الإسلامية، فمن شأنها، بحسب السيد عمر، تحفيز السيولة الراكدة وتحريك رؤوس الأموال، خاصة أن نسبة لا بأس بها من المستثمرين يفضلون التعامل وفق مبادئ التمويل الإسلامي، كما أن توسيع قاعدة المستثمرين يسهم في زيادة حجم التداول داخل السوق، وهو ما يرفع من كفاءة السوق المالية ويعزز دورها كأداة تمويلية فعلية.
وتستهدف الصكوك الإسلامية شريحة مهمة من المستثمرين الذين يفضلون التعامل بأدوات مالية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، ما قد يمكن السوق السورية من استقطاب رؤوس أموال محلية وإقليمية جديدة.
ويؤكد السيد عمر أن الصكوك ليست مجرد وسيلة للتمويل، بل ترتبط غالبا بمشاريع تنموية ملموسة، ما يسهم في ربط السوق المالي بالاقتصاد الحقيقي، ويضفي بعداً إنتاجياً على أدوات الاستثمار المتاحة.
في المقابل، تتيح صناديق الاستثمار فرصة تجميع الموارد المالية من عدد كبير من المستثمرين وإدارتها باحترافية، الأمر الذي يحقق استقراراً في السوق، ويخفف من حدة المضاربات الفردية، كما أن هذه الصناديق تمكن من توجيه التمويل إلى قطاعات استراتيجية، مثل الصناعة والزراعة والخدمات، بما يواكب أهداف التعافي الاقتصادي ويسهم في خلق فرص عمل جديدة.
مصادر التمويل
الأكاديمي والخبير الاقتصادي، فراس شعبو، أشار بدوره إلى أهمية الأسواق المالية في خدمة مسعى الدول بتغيير مصادر التمويل.
ويضيف لـ"المدن" أن الحكومة السورية تحاول من خلال إدخال الأدوات المالية الجديدة إلى البورصة، زيادة التداول وجذب شركات جديدة للتخلص من سمة "الضعف" التي تحكم عمل بورصة دمشق، نظراً لمحدودية القطاعات فيها.
وبحسب شعبو، فإن توجه الحكومة نحو إصدار الصكوك الإسلامية الرديفة للسندات التقليدية، يشي بأن الحكومة تمتلك معطيات عن رغبة شريحة واسعة بالاستثمار في سوريا، غير أن نجاح ذلك يعتمد على وجود مصارف إسلامية "قوية" قادرة على إصدار هذه الصكوك.
ترتيب المصارف الإسلامية
ويمكن إدراج قرار مصرف سوريا المركزي حل مجلس إدارة "بنك سوريا الدولي الإسلامي" أواخر الشهر الماضي، في إطار ترتيب وضع المصارف الإسلامية العاملة في سوريا، لخدمة أداة الصكوك الإسلامية التي تعتزم الحكومة إدخالها في البورصة.
وذكرت مصادر "المدن" أن التغييرات لن تقتصر على "بنك سوريا الدولي الإسلامي" فقط، وإنما ستشمل كل البنوك الإسلامية العاملة في سوريا (بنك البركة- سوريا) و(البنك الوطني الإسلامي) و(بنك الشام الإسلامي).
ولا يعني أن ما سبق، أن مهمة الحكومة ستكون سهلة، حيث تواجهها تحديات أهمها ضعف الثقة بالاقتصاد السوري، ومحدودية الأرباح والتداول في البورصة، بجانب ضرورة تعزيز الشفافية في السوق المالية، وتعزيز مؤشرات الحرية الاقتصادية، والاهتمام قضايا تبييض الأموال.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها