يبرز في الآونة الأخيرة اسم ميليشيا يتزعمها المدعو "ياسر أبو شباب"، تتخذ من رفح جنوبي قطاع غزة مكاناً لنشاطها بدعم من الاحتلال الإسرائيلي، لكن التحول الجديد هو وقوع اشتباك منتصف الليلة الماضية بين أفراد المجموعة وقوة أمنية من "حماس"، تدخلت على إثره مسيّرات إسرائيلية وقتلت عدداً من أفراد الأمن المحسوبين على الحركة.
إفلات من كمين "حماس"
وأكد مصدر من "حماس"، لـ"المدن"، أن الاشتباك وقع عند الطريق الشرقي لرفح وخانيونس، بالقرب من دوار بني سهيلا، بعد استدراج قوة من "كتائب القسام" وأمن "حماس"، أفراداً من مجموعة "أبو شباب"، وقامت مسيّرات إسرائيلية على إثره باستهداف عناصر أمن الحركة و"القسّام"، فقتلت وأصابت عدداً منهم، بينما أفلت أفراد "أبو شباب" من الكمين الذي هدف إلى اعتقالهم والتحقيق معهم؛ للحصول على معلومات عن الميليشيا وارتباطاتها وطريقة عملها وأهدافها.
بدوره، زعم نائب قائد مجموعة "أبو الشباب" غسان الدهيني، أن أفراده نصبوا كميناً لأفراد من "حماس"، مستخدمين "قاذفات مضادة للطائرات لأول مرة". ونشر الدهيني قائمة بأسماء عناصر "حماس" الذين ادّعى قتلهم بالاشتباك.
تحول خطير
وبغض النظر عن مساعدة مسيّرات إسرائيلية لميليشيا "أبو شباب"، فإن التحول الخطير هو تبني المجموعة لقتل أفراد من "حماس"، ما يؤشر لخطر الانتقال إلى نهج "النار.. بالنار" في الفترة المقبلة، يقوم على استهداف عناصر "حماس" وتبني ذلك علناً.
وجاء الاشتباك بعد يوم من دعوة المجموعة التي تسمي نفسها "القوات الشعبية" للسكان الفلسطينيين، لتولي مناصب مدنية ضمن جهاز مدني يُقام في القطاع، ما يشكل دليلاً آخر على المآرب من إنشاء الميليشيا، وفرضها من الاحتلال كبديل لـ"حماس" أو السلطة الفلسطينية في حكم غزة.
خطورة "أبو شباب"
وأكد المصدر الحمساوي المقيم في غزة، لـ"المدن"، أن الخطورة الحقيقية لحالة "أبو شباب" تكمن في استمرار الحرب ومآل عملية "عربات جدعون" في خانيونس"، إذ أن القلق هو أن يضغط الاحتلال السكان عسكرياً ويحشرهم في أضيق مساحة بخانيونس، ومن ثم إنشاء "حلابات" (نقاط فرز وفحص هوية النازحين نحو الجنوب)، بحيث يُجبر آلاف الفلسطينيين تحت وطأة التجويع، على الانتقال عبر "الحلابات" إلى رفح جنوباً، ليصبح عدد كبير من الناس رهينة تحكم وسيطرة مجموعة "أبو شباب".
وبهذا، تقدّر "حماس" أن مدى عملية خانيونس ومواجهتها سيناريو مماثل لرفح من حيث التدمير والإخلاء الواسعين، إلى جانب استمرار الحرب، كلها عوامل تخدم الميليشيا المدعومة إسرائلياً.
وبشأن قدرات "حماس" الأمنية لمواجهة المجموعة، أكد المصدر وجود تحديات تعترض التصدي لحالة "أبو شباب" في ظل الحرب؛ خصوصاً أن المجموعة تنشط في منطقة محمية من الاحتلال، عدا عن استهداف قدرات الحركة إدارياً وسلطوياً، وقصف جوي وبري لأي حركة لأفراد "حماس" و"القسام" على الأرض. لكنه أكد أن هناك قراراً من قيادة "القسام" ببذل الجهود لملاحقة أفراد المجموعة سواء بالقتل أو الاعتقال.
كيف تشكلت الميليشيا؟
وبينما ذكرت تقارير عبرية أن تأسيس مجموعة "ياسر أبو شباب" هو فكرة رئيس جهاز "الشباك" المقال رونين بار لإحداث توازن ميداني ضد "حماس"، قال مصدر من حركة "الجهاد الإسلامي"، لـ"المدن"، إن المجموعة تضم أشخاصاً كانوا مقيمين في منطقة الدهينية بأقصى جنوب شرق رفح، وهي منطقة عُرفت تاريخياً بإقامة عملاء للاحتلال فيها بوصفها "آمنة" لهم.
وأوضح المصدر المتحدّر من رفح، أن اسم قائد المجموعة "ياسر أبو شباب"، برز مع استمرار الحرب وجلب معه أشخاصاً متعاونين مع الاحتلال؛ ليؤدي مهمة "قصاص الأثر" لصالح الاحتلال، عبر تزويده بمعلومات عن أهداف لـ"حماس" في رفح.
ووفق المصدر، حصل أبو شباب على ضمانات إسرائيلية بالبقاء في منطقة محددة في رفح دون التعرض له ولمجموعته، ونشط بشكل رئيسي قرب معبري رفح وكرم أبو سالم.
وأضاف المصدر أن مجموعة "أبو شباب" برزت في البداية كعصابة تسطو على شاحنات المساعدات بشكل كامل، دون أن تتوفر حينها دلائل ملموسة على تعاونه مع الاحتلال، قبل تكشّف عمالته أخيراً بعد 20 شهرا على الحرب، وسط رغبة الاحتلال بإحداث تحول جديد في مهمة الميليشيا.
من هم قادة المجموعة؟
وبحسب المعطيات، فإن "ياسر أبو شباب" برز كقائد للميليشيا، وغسان الدهيني كنائب له، لكن بقيت أسماء أخرى ضبابية حتى اللحظة. وينتمي أبو شباب (32 عاماً) ومعظم أفراد مجموعته المقدر عددهم بنحو 300 شخص، إلى قبيلة "الترابين" البدوية، التي تضم عائلات "أبو شباب، معمر، العمور، أبو عادل وغيرها. في حين، نشط بعض أفراد المجموعة سابقاً في جماعات سلفية قبل الحرب على غزة.
ووفق المصادر، فإن أبو شباب كان مسجوناً لدى "حماس" على خلفية تهم جنائية بينها تهريب مخدرات، لكنه خرج من السجن بعد اندلاع الحرب، وتتهمه الأمم المتحدة بالوقوف وراء عمليات سطو على شاحنات المساعدات خلال الحرب.
وخرج أبو شباب بتسجيلات صوتية نفى فيها صلته بالاحتلال، مدعيا أنه يعمل بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، وهو زعم نفته الأخيرة.
أما غسان الدهيني فيبلغ من العمر 38 عاماً، وهو نائب لياسر أبو شباب، المنتمي إلى القبيلة نفسها، وسجنته "حماس" في السنوات الماضية لتهم أخلاقية وجنائية، ثم اعتبرته عميلاً للاحتلال عام 2023 وأمرت بملاحقته.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها