الثلاثاء 2025/06/10

آخر تحديث: 20:28 (بيروت)

الكنيست الإسرائيلي أمام أول امتحان لحلّه غداً

الثلاثاء 2025/06/10
الكنيست الإسرائيلي أمام أول امتحان لحلّه غداً
تصويت لحل الكنيست وسط أزمة تجنيد الحريديم والنساء تقاتل (Getty)
increase حجم الخط decrease
يجري الكنيست الإسرائيلي، صباح غدٍ الأربعاء، تصويتاً أولياً على مشروع قانون لحل نفسه، في خطوة تقودها أحزاب المعارضة مدفوعة بأزمة قانون تجنيد اليهود الأرثوذكس المتشددين، وفي ظل تزايد مؤشرات الانقسام داخل الائتلاف الحاكم بزعامة بنيامين نتنياهو.

وعلى الرغم من أن هذا التصويت لا يؤدي تلقائياً إلى حلّ الكنيست، إلا أنه يفتح الباب أمام مسار تشريعي من أربع مراحل، يتطلب في نهايته مصادقة بالأغلبية المطلقة في القراءة الثالثة كي يُصبح نافذاً، ما يجعله أداة ضغط فعالة بيد الكتل السياسية الراغبة في التأثير على سياسات الحكومة دون التورط في إسقاطها فعلياً.


أداة ضغط من الحريديم لا نية انتخابية

وتنظر أحزاب دينية شريكة في الائتلاف، مثل "يهدوت هتوراه" و"شاس"، إلى التصويت الأولي كفرصة للضغط على نتنياهو في ملف التجنيد، من دون نية حقيقية لحل البرلمان أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة، فهي تستغل الرمزية السياسية لهذا التصويت لتوجيه رسالة تحذيرية، مفادها أن استمرار دعمها للحكومة مرهون بتشريع قانون يحافظ على الامتيازات القديمة التي طالما تمتع بها طلاب المعاهد الدينية، والتي ألغتها المحكمة العليا في قرار تاريخي العام الماضي.

وتراهن هذه الكتل على أن نتنياهو، الغارق في أزمة متعددة الأوجه داخلياً وخارجياً، لا يحتمل مغامرة فقدان أغلبيته البرلمانية في هذه اللحظة الحرجة، ومع امتلاك الائتلاف لـ68 مقعداً، يبدو مصيره معلقاً على موقف الحريديم، الذين قد يصوّتون لصالح المشروع في مراحله المبكرة للضغط، ثم يتراجعون في اللحظة الحاسمة إذا حصلوا على ما يريدونه، وهكذا، يتحول الكنيست إلى ساحة ابتزاز سياسي مشروع، ضمن قواعد اللعبة البرلمانية الإسرائيلية التي لطالما شهدت صفقات مشابهة في لحظات الأزمات الكبرى.


جذور الأزمة
وتعود جذور الأزمة الحالية إلى واحدة من أقدم القضايا الخلافية في السياسة الإسرائيلية، وهي مسألة تجنيد طلاب المعاهد الدينية من أبناء التيار الأرثوذكسي المتشدد (الحريديم)، الذين جرى إعفاؤهم لعقود طويلة من الخدمة العسكرية الإلزامية بموجب تفاهمات غير مكتوبة، تحولت لاحقاً إلى قرارات حكومية مؤقتة، لكنها لم تُقنّن بشكل نهائي في قانون دائم.
وفي صيف عام 2024، أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية حكماً تاريخياً قضى بإلغاء العمل بأي شكل من أشكال الإعفاء الجماعي، واعتبر أن استمرار الحكومة في تجاهل المسألة يُشكل خرقاً لمبدأ المساواة أمام القانون، وألزم الحكم الدولة بتطبيق قانون الخدمة العسكرية على كافة المواطنين، بمن فيهم الحريديم، في ظل فشل الكنيست في إقرار تشريع جديد.

النساء في الخطوط الأمامية
وتفاقمت الضغوط على نتنياهو بعد هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، والذي خلّف أزمة حادة في الموارد البشرية العسكرية، ومع امتداد العمليات إلى جبهات غزة ولبنان وسوريا، بات الجيش الإسرائيلي في حاجة ماسة إلى تعزيز صفوفه، ما دفع المؤسسة الأمنية إلى مطالبة الحكومة بتجنيد الحريديم دون استثناءات، لكن دون جدوى.
ودفع هذا العجز الجيش الإسرائيلي إلى الاعتماد المتزايد على النساء لتعويض النقص في الجنود، في تحول لافت وغير مسبوق.
وكشف تقرير في صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن نسبة النساء ارتفعت في الوحدات القتالية من 14% قبل الحرب إلى 21% اليوم، وأصبحت فرق الإنقاذ والمهام الميدانية في غزة ولبنان تضم مجندات في مهام قتالية مباشرة، بعضها ضمن وحدات كوماندوز ومهام تفتيش الأنفاق.
ويقول ضباط في وحدة البحث والإنقاذ، التي تقودها النساء بنسبة تفوق 70%، إن معظم المقاتلات كنّ قبل الحرب يعملن في مهام لوجستية أو دعم ميداني، لكن مشاركة النساء لم تعد مجرد مسألة رمزية في الجيش، بل أصبحت ضرورة عسكرية وواقعية في ظل حرب طويلة الأمد تُنهك الاحتياطي وتعطّل الحياة المدنية، ومن المتوقع أن يتم توسيع هذه الوحدة لتشمل سرايا إضافية، مع خطط لمضاعفة عدد النساء فيها بحلول آب/أغسطس المقبل.


ضغوط داخلية وخارجية على نتنياهو
في هذا السياق، يجد نتنياهو نفسه في موقف بالغ الحرج، بين مطالب الجيش والشارع بإنهاء الإعفاءات، وضغوط شركائه الدينيين الذين يهددون بسحب دعمهم، وزاد من تعقيد المشهد ما تردد عن تدخل أميركي، بعد تقارير عن لقاءات جمعت السفير الأميركي مايك هاكابي مع قادة حريديم.
لكن هاكابي سارع إلى النفي، مؤكداً في منشور على منصة "إكس"، أن واشنطن لا تتدخل في اختيار الحكومات الإسرائيلية، ولا تحاول التأثير على أعضاء الكنيست، واصفاً ما نُشر بأنه "مضلل أو غير دقيق".
في المقابل، صعّدت المعارضة الإسرائيلية انتقاداتها للحكومة، وقال زعيم المعارضة يائير لبيد خلال جلسة الكنيست: "هذا الكنيست انتهى، لا يمكنكم الاستمرار في الدفع بنا من كارثة إلى أخرى"، مضيفاً "لن تقرّوا قانون الإعفاء بينما يُقتل أطفال إسرائيل يومياً دفاعاً عن وطننا". ودعا لبيد إلى حلّ الكنيست فوراً وإجراء انتخابات جديدة، مطالباً بإنهاء التمييز بين فئات المجتمع الإسرائيلي في تحمل أعباء الحرب والدولة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها