حذّر عضو الهيئة العليا للسلم الأهلي حسن صوفان، من أن الإسراع بمسار العدالة الانتقالية بشكل فردي أو غير مدروس، قد يؤدي للفوضى وتدخلات خارجية و"ضياع الحقوق"، مؤكدًا أن الثأر ليس هو طريق العدالة في سوريا الجديدة". لكن صوفان وضع حداً للجدل الدائر حول أحد رجالات النظام السابق "فادي صقر"، الذين تلطخت أيديهم بالدم السوري.
وعقد صوفان اليوم الثلاثاء، مؤتمراً صحافياً في وزارة الإعلام السورية، استعرض فيه جهود اللجنة، وآليات عملها، مع التركيز على تعزيز المصالحة الوطنية ومعالجة ملفات النازحين والمعتقلين في إطار الأولوية القصوى لـ "السلم الأهلي" كمدخل لاستقرار سوريا الجديدة، وذلك على خلفية إطلاق سراح بعض جنود وضباط النظام السابق الموقوفين، عشية عيد الأضحى، الأمر الذي سبب العديد من الانتقادات من السوريين، على مواقع التواصل الذين اعتبرهم الكثير ممن "تلطخت أيديهم بالدماء".
الأهداف والإجراءات التنفيذية
وفي إشارته إلى إطلاق سراح عسكريين هاربين إلى العراق عشية سقوط النظام السوري في ديسمبر/كانون الأول 2024، أكد صوفان أن اللجنة تعمل على إطلاق سراح المعتقلين الذين لم تثبت إدانتهم، خصوصاً في المناطق "الساخنة" مثل الساحل، معتبراً أن "بقاءهم في السجن لا يحقق مصلحة وطنية وليس له مشروعية قانونية".
وأوضح صوفان أن الأولوية تُعطى لملفات تُسهم في "حقن الدماء" وتفادي التصعيد، مع وجود مواصفات محددة للشخصيات التي تُمنح الأمان، مثل "التأثير الإيجابي في المجتمع والصدق مع الدولة". واعتبر أن استقرار مسار السلم الأهلي هو "المقدّم في حقيقة الأمر حتى على مسار العدالة الانتقالية"، مشدداً على أن غياب الحد الأدنى من السلم الأهلي يجعل تحقيق العدالة الانتقالية مستحيلاً.
وأوضح أن العدالة الانتقالية لا تعني "محاسبة مطلقة" للجميع، بل التركيز على "كبار المجرمين" والمخططين، وليس تجريم أشخاص لمجرد الانتماء الى منطقة معينة.
التوقيت والأخطاء
وعن الحالات المثيرة للجدل مثل فادي صقر، وهو الذي كان يرأس ما كان يسمى "قوات الدفاع الوطني" في نظام الأسد المخلوع، والتي تتهم باقتراف الكثير من الجرائم بحق الثائرين بوجه النظام، برر صوفان بأن منح الأمان لشخصيات مثل صقر، ساهم بـ"حقن الدماء" وإغلاق باب الفتن، مضيفاً أنه قام "بدور إيجابي". وأكد أن هذه القرارات التي أخذتها الدولة، "اجتهادات بشرية غير معصومة" لكنها ضرورية و"حققت بعض أهدافها".
ورداً على سؤال حول عدم ملاحقة ماهر الأسد دولياً، ذكر أن اللجنة تلتزم بـ"قوانين الدولة" وأن التعامل مع مثل هذه الملفات يتم عبر "إدارة جديدة لها علاقة بالانتربول الدولي" تابعة للدولة، وهو ما أشار إليه أيضاً المتحدث باسم وزارة الداخلية أنور البابا الذي شارك في المؤتمر الصحافي، لافتاً إلى أن التحقيقات في ملفات الساحل مستمرة "بسرية".
الرأي العام والشفافية
كذلك اعترف صوفان بـ"كثير من التقصير" في إطلاع الرأي العام على أعمال اللجنة، بسبب "حساسية الأعمال التي نقوم بها"، ووعد بتحسين التواصل مستقبلاً. كما أقرّ بأن الرأي العام أيضاً هو "أول معوق" يواجه اللجنة.
وأكد صوفان أن دور اللجنة، هو "الطلب" من الجهات المختصة (مثل وزارة الداخلية والعدل) للإفراج عن الموقوفين بعد استكمال التحقيقات، لكن "التنفيذ عائد إلى الوزارة" واختيار التوقيت "أمر عائد للدولة". كذلك أوضح أن اللجنة تعمل في إطار "قوانين الدولة" السورية الحالية، وليس لها مرجعية قانونية دولية مستقلة، رغم أنه استحضر بعض التشريعات من القرآن الكريم، التي تبرر للجنة والدولة ما تقوم به.
وذكر صوفان أن اللجنة تتدخل بسرعة لـ"سحب فتيل الأزمات" في حالات الاحتقان الطارئة.
رسالة لأهالي الضحايا
وأكد صوفان أن معاناة الضحايا "تعترينا"، معترفًا بشدة الألم الناتج عن تأخر العدالة. وربط تحقيق "الحد الأدنى من العدالة" باستقرار البلاد الذي اعتبره أمراً مهماً جداً، مشيراً إلى أن الهدف هو "الاستقرار" الذي يمهد الطريق لحلول أوسع، واستراتيجية لأبناء الشعب السوري جميعهم.
كذلك أشار صوفان إلى إمكانية "تعديل الخطة" لاحقاً في حال تناقض مسارا السلم الأهلي والعدالة الانتقالية.
واقعية سياسية
في ختام المؤتمر، أكد صوفان صعوبة، وتعقيد المهمة الموكلة للجنة السلم الأهلي وصعوبة التوفيق بين متطلبات السلم الأهلي العاجلة، وطموحات العدالة الانتقالية الشاملة، معتبراً أن الإجراءات الحالية هي "خيارات واقعية" تهدف لتغليب "صوت العقل" ومنع استمرار سفك الدماء. وشدد على أن الوصول للسلم الأهلي "لن يكون هيناً"، لكنه الأساس الذي يُبنى عليه استقرار سوريا المستقبلي، داعياً وسائل الإعلام لدور إيجابي في تعزيز ثقافة السلام ووعد بمبادرات جديدة في القريب.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها