الأحد 2025/04/13

آخر تحديث: 00:13 (بيروت)

سوريا: تجفيف السيولة يرهق الموظفين.. الآلاف لم يقبضوا رواتبهم

الأحد 2025/04/13
سوريا: تجفيف السيولة يرهق الموظفين.. الآلاف لم يقبضوا رواتبهم
© Getty
increase حجم الخط decrease
تنعكس أزمة السيولة التي تعاني منها الشبكة المصرفية السورية، سلباً على الكتلة المالية الخاصة بمستحقات الموظفين الحكوميين. وأكد موظفون حكوميون لـ"المدن"، أنهم لم يستلموا مستحقاتهم عن الأشهر الأربعة الماضية، في حين تتسبب الأعطال وشح السيولة في الصرافات الآلية التابعة للمصرفين التجاري والعقاري، بطوابير كبيرة من الموظفين الذين ينتظرون ساعات طويلة لاستلام رواتبهم. 
وأدت سياسة تجفيف السيولة التي يعتمد عليها المصرف المركزي، عبر ضخ كميات محددة من الليرة يومياً لا تلبي احتياجات السوق، إلى زيادة الطلب على الليرة وبالتالي عدم قدرة المصارف على تسليم الكتل المالية ومن بينها رواتب الموظفين فضلاً عن الخلل الواضح في تسليم الحوالات المالية.

فوضى في التسليم
وقال موظفون من دمشق لـ"المدن"، إن الصرافات الآلية التي يستلمون مرتباتهم المالية عبرها، تكتظ بمئات الأشخاص الذين يضطرون للانتظار أكثر من 4 ساعات لكنهم غالباً لا يتمكنون من الحصول على مستحقاتهم بسبب نقص السيولة. بينما أكد موظفون متقاعدون أنهم لم يستلموا رواتبهم عن آذار/مارس الماضي، لأن المصرف العقاري قام بتسليمهم المنحة المالية التي تم إقرارها قبيل عيد الفطر، وذلك تحت ذريعة عدم توفر المال الكافي.
وتشهد الصرافات الآلية حالة من الفوضى بسبب عدم تنظيم الدور وتعطل القسم الأكبر منها وعدم توفر السيولة المالية فيها، بينما يتم الاعتماد على عدد محدود من الصرافات الآلية لصرف الرواتب، وهو إجراء يبدو أنه يتماشى مع خطة المصرف المركزي لتجفيف السيولة بهدف زيادة الطلب على الليرة ورفع قيمتها السوقية.

معاناة الموظف الحكومي
ويبدو أن الحكومة السورية فاضلت بين تسليم المنحة المالية الخاصة بالعيد والمرتبات الشهرية للموظفين المتقاعدين، لتقرر تسليم المنحة في الوقت الراهن. وأكد المدير العام للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية حسن خطيب، أن المؤسسة انتهت من تحويل المنحة الصادرة بالقرار رقم 6 لعام 2025 للمتقاعدين، بكتلة إجمالية قدرها 145 مليار ليرة سورية، لافتا إلى أن المؤسسة انتهت من التحضير لصرف المعاشات التقاعدية عن شهر نيسان/أبريل الحالي، حيث ستبدأ فروع المؤسسة بتحويل الكتل المالية اللازمة بداية الأسبوع المقبل، بينما أكد عدد من الموظفين المتقاعدين لـ"المدن"، أنه طُلب منهم التريث للشهر المقبل لاستلام المستحقات.
ولا يتجاوز متوسط راتب الموظف الحكومي الـ250 ألف ليرة، أي ما يعادل 25 دولاراً، وهو مبلغ "لا يسد الرمق" وفقاً لتعبير الموظفين الذين تحدثت معهم "المدن"، والذين أكدوا أن معظمهم لا يملك سوى الراتب الحكومي كمصدر دخل وحيد، ما يعني أن تأخر تسليم الرواتب يتسبب بكارثة معيشية لآلاف السوريين في ظل ندرة فرص العمل وضعف الأجور وتهاوي القدرة الشرائية.

سياسة مالية فاشلة
وتعليقاً، يعزو الباحث ومدير منصة "اقتصادي" يونس الكريم، أزمة السيولة إلى "عوامل مركبة" أبرزها زيادة الطلب على الليرة السورية جراء عودة عدد كبير من السوريين إلى البلد بعد سقوط النظام، ما تطلب توفر سيولة أكبر من الليرة السورية، موضحا لـ"المدن"، أن "السوق المحلية كانت تحتاج قبيل سقوط النظام إلى 80 مليار ليرة يومياً، بينما تحتاج الآن إلى 120 مليار ليرة، وما يتم ضخه هو 10 مليارات ليرة يومياً فقط". 
ويتابع أن "التضخم أدى إلى انخفاض القدرة الشرائية لليرة السورية، وبالتالي توفرها خارج القنوات الرسمية والمرخصة، ما أضعف توفر السيولة لدى القطاع الحكومي والشبكة المصرفية، وهو ما يعني العجز أو التأخر في تسديد رواتب الموظفين الحكوميين". 
ويرى الكريم أن توقف عدد كبير من المؤسسات الحكومية عن تلقي الرسوم المالية نتيجة انحسار عملها والاعتماد على القطاع الخاص، زاد من الضغط على المصرف المركزي الذي يعاني أصلاً من شح السيولة ووجودها خارج أقنيته. 
ومع استمرار المصرف المركزي في سياسة التجفيف وارتفاع أسعار قيمة الأرصدة المجمدة وتوقف القطاع الحكومي عن تقديم خدماته وبالتالي استقبال الرسوم المالية، يرجح الكريم استمرار حالة العجز الحكومي عن تسليم المستحقات المالية للموظفين، خصوصاً في ظل الأكلاف الباهظة التي تتطلبها طباعة العملة الوطنية، ما يعني أن سياسة التجفيف تتحول تدريجياً إلى سياسة إفقار الدولة السورية ومؤسساتها الرسمية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها