إيران: تجريم الهالووين ودعوة للعودة إلى الأعياد المحلية

طهران - مجيد مراديالخميس 2025/11/06
Image-1762367819
الثورة الإيرانية ألغت جميع الأعياد الوطنية (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر

احتفل العديد من الناس في إيران، خاصة في طهران وشيراز وأصفهان ومشهد، بعيد الهالووين، وحاولت الشرطة في طهران منع الأماكن التجارية من بيع البضائع المتعلقة بعيد الهالووين، إلا أن العديد من المتاجر الإلكترونية كانت قد أخذت طلبات المستهلكين مسبقاً وشحنت البضائع إليهم.

وأعلنت غرفة النقابات الحرفية الإيرانية في بيان رسمي أن عقد أي حفلات أو احتفالات أو الإعلان أو بيع المواد المرتبطة بعيد الهالووين في الوحدات الحرفية ممنوع، وأن المخالفة تؤدي إلى الإغلاق والملاحقة القانونية.

والهالووين هو أحد أشهر الأعياد العالمية الذي يقام سنوياً في ليلة 31 تشرين الأول/أكتوبر. وفي هذه الليلة‌ يرتدي الناس بمختلف أنحاء العالم ملابس غريبة ومخيفة، يزينون منازلهم بقرع مضيء، ويشاركون في الحفلات والموسيقى والرقص والألعاب الخاصة.

ويعتبر الهالووين مزيجاً من الأسطورة والتقليد والترفيه والقليل من الغموض، عيد يمحو رمزياً الحد الفاصل بين عالم الأرواح وعالم البشر، وهذا الشعور المختلف هو ما جعله يحظى بشعبية عالمية.

 

الهالووين في إيران

ووفقاً للقوانين الإيرانية، لا يوجد أي حظر على هكذا احتفالات، ولا توجد عقوبة لأولئك الذين يقيمون احتفالات أجنبية. كما أن إقامة مثل هذه الاحتفالات لا تسبب أي إخلال بالنظام العام. ومن غير الواضح كيف يمكن تجريم هذه الاحتفالات إذا لم تترافق بجريمة، وما هو الأساس القانوني لفرض عقوبة عليها.

وفي السنوات الماضية، فشلت جهود المؤسسات الرسمية للجمهورية الإسلامية والمحافظين في منع احتفالات عيد الحب وعيد الميلاد، لكن هذه الإخفاقات لم تؤد إلى تغيير أسلوبهم، وهم يحاربون رموز الهالووين أيضاً بحجة حماية الأبعاد الثقافية والدينية والاجتماعية للبلاد. فما علاقة القرع والهالووين بـ"صيانة الأبعاد الثقافية والدينية والاجتماعية للبلاد"؟!

 

موقف الحكومة

أكدت فاطمة مهاجراني، الناطقة باسم الحكومة، رداً على سؤال حول بيان حظر عقد أي حفلات أو احتفالات أو تجمعات أو إعلانات أو بيع مواد مرتبطة بما يسمى "الهالووين" في جميع الأماكن العامة والحرفية: "لدينا جملة من الأعياد الوطنية، فأين كان مكان الهالووين؟"

وردت الناطقة باسم الحكومة على سؤال حول ما إذا كانت هذه الطريقة في منع الاحتفال ستسلب حرية الناس وحرياتهم العامة قائلة: "نعم، المنع هو أحد الطرق، لكن هناك طريق آخر وهو التثقيف. أي أن العودة إلى أعيادنا الوطنية والدينية يمكن أن تكون أفضل بكثير".

ورداً على الناطقة باسم الحكومة، سأل موقع "إيران واير" الإخباري، الذي تم حجبه في إيران: "أيتها السيدة الناطقة! ما الذي تبقى من كل الأعياد الإيرانية؟".

 

الكفاح ضد الأعياد الجماعية

بعد انتصار الثورة الإسلامية الإيرانية، تم إلغاء جميع الأعياد الوطنية الإيرانية تقريباً باستثناء عيد النوروز، الذي هو رأس السنة الإيرانية، ولو لم يكن عيد النوروز مرتبطاً برأس السنة الإيرانية، لربما واجه هذا العيد مصير الأعياد الأخرى مثل "مهرجان" و"تيرجان" اللذان يقامان في شهري مهر وتير الإيرانيين.

ومن المناسب في سياق هذا الموضوع ذكر أن الإيرانيين عرفوا عبر التاريخ بأعيادهم الجماعية، و"مهرجان" هو أحد عشرات الأعياد الجماعية الإيرانية التي دخلت حرفياً اللغة العربية، وفي العربية يطلق على الأعياد الجماعية إسم "مهرجان". كما أن عيد النوروز الإيراني دخل إلى أجزاء واسعة من آسيا الوسطى وكردستان العراق وسوريا.

كانت سياسة أسلمة المجال الثقافي في إيران التي عرفها نظام الجمهورية الإسلامية لنفسه خلال نصف القرن الماضي، ناجحة إلى حد تدمير الأعياد الوطنية، لكن مع تطور المجال الإلكتروني والاتصالات وعولمة الثقافة، بل و"أمركة" أو "أوربة" العالم، يجد نظام الجمهورية الإسلامية نفسه اليوم أمام معضلة معقدة، وهي أن مكان الأعياد الوطنية قد احتلته أعياد مثل عيد الحب والهالووين المتجذرة في عمق الثقافة الغربية الأجنبية، وبالتالي لا يرى مفراً من دعوة الناس لإحياء الأعياد المحلية.

إن انتشار الأعياد الأميركية الأوروبية في إيران يحمل درساً مهماً وهو أن الشعوب في العصر الحاضر لا تأذن من الحكومات لكي تكون سعيدة.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث