قال مصدر من حركة"حماس" لـ"المدن" إن الحركة وجناحها العسكري يفضلان التزام الصمت بشأن قضية مقاتلي "القسام" الذين بقوا داخل الخط الأصفر منذ اللحظة الأولى لإنشائه بموجب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ارتباطاً باتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في قطاع غزة قبل نحو 4 أسابيع.
لماذا الآن؟
وعلّل المصدر سبب صمت الحركة و"القسام"، لكون الموضوع أمنياً، عدا عن رغبة الحركة بترك المجال للوسطاء لحله بهدوء، لكنه نوه بأن جهات إسرائيلية هي من سربت الأمر للإعلام العبري، بما شمل مبالغات بشأن العدد الحقيقي للمقاومين العالقين ومكان وجودهم.
وأكد مصدر "حماس" أن إثارة الموضوع أخيراً، نابع من مطالبة "حماس" للوسطاء للتحرك لإنقاذ مسلحيها العالقين في مناطق خاضعة لسيطرة قوات الاحتلال بالقطاع، خصوصاً مع تصاعد القلق على حياتهم؛ باعتبار أنه لا يمكنهم البقاء لمدة طويلة داخل أنفاق واقعة في مناطق سيطرة الاحتلال، وفي ظل ظروف صعبة، ما يعرضهم للاعتقال أو الوفاة نتيجة نفاد الطعام والشراب أو تسبب الاحتلال باختناقهم بوسائل معينة.
وأفاد المصدر أن "حماس" أبلغت الوسطاء بعد هجوم استهدف قوة إسرائيلية في رفح أواخر الشهر الماضي، وأسفر عن مقتل جندي، وأيضاً حادثة أخرى بخانيونس، بأنها فقدت الاتصال مع أفرادها الموجودين داخل أنفاق تحت الأرض، وأنهم ربما يظنون أنه لم يجرِ التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ما يدفعهم إلى مواصلة تنفيذ كمائن وعمليات ضد القوات الإسرائيلية، أو يضطرون للاشتباك مع القوات الإسرائيلية كلما حاولوا التحرك.. مؤكدة أن إقامة ممرات آمنة لهم تمكنهم من العودة إلى ما وراء الخط الأصفر، أي باتجاه عمق القطاع، هي الطريقة المُثلى لجميع الأطراف، ولضمان المحافظة على الاتفاق.
أفراد "القسام" محاصرون في رفح.. وغيرها؟!
بدوره، أكد مصدر سياسي مطلع على النقاشات الجارية بخصوص القضية، أن الوسطاء القطريين والمصريين والأميركيين، يواصلون الضغط على إسرائيل لإخراج مقاتلي "حماس" إلى ما وراء الخط الأصفر عبر ممرات آمنة من خلال الصليب الأحمر الدولي، لكنه لم يحدث أي تقدم على صعيد هذه الجهود حتى اللحظة.
وكشف المصدر لـ"المدن" أن عدد عناصر "القسام" العالقين داخل الخط الأصفر، يتراوح بين 150 و180، مبيناً أنهم ليسوا موجودين جميعاً في أنفاق رفح، كما تدعي إسرائيل، وإنما يسود الاعتقاد أنهم موزّعون في رفح وشرق خانيونس وغزة والمنطقة الوسطى، وأن عددا كبيراً منهم موجودون بمنطقة خانيونس الخاضعة لسيطرة الاحتلال.
ديرمر يبحث القضية في واشنطن.. بالمقايضة
وقدّر المصدر السياسي أن يتم التوصل إلى حل للموضوع في نهاية المطاف، لكن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر الذي يبحث الأمر مع المسؤولين الأميركيين في واشنطن، يحاول مقايضة ذلك بشروط إسرائيلية، سواء بتسريع استعادة ما تبقى من جثث ورفات لإسرائيليين في غزة، والبدء الفعلي بتدمير البنى التحتية لحركة "حماس"، وقد تشترط تل أبيب إبعاد العناصر العالقة باتجاه مصر، خصوصاً الموجودون في منطقة رفح.
من جهته، أكد محلل الشؤون السياسية لتلفزيون "مكان" العبري، أن جهات سياسية إسرائيلية أبلغت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بضرورة استغلال الأمر للضغط على "حماس"، معتبرين أنه طالما "لا مفر من خضوع إسرائيل للضغوط الأميركية، فعلى الأقل أن نستغل القضية لانتزاع ثمن كبير".
أميركا ترغب بالحل.. لسببين
وأشارت هيئة البث الإسرائيلية إلى أن الوسطاء يمارسون ضغوطاً على تل أبيب، وأن أميركا تبرر لتل أبيب موقفها بالإصرار على حل موضوع "مسلحي حماس"، وإفساح المجال لهم بالعودة إلى ما وراء الخط الأصفر، بأنه "مفيد" لتفادي وقوع معارك ومفاجآت تؤثر على سير اتفاق وقف إطلاق النار، على النحو الذي يخطط له ترامب، إلى جانب رغبة واشنطن ب"تطهير" منطقة الخط الأصفر من أي مسلح فلسطيني، للتهيئة للمراحل التالية لخطة غزة، وفق المنظور الأميركي.
وأضافت الهيئة الإسرائيلية أن هناك حواراً إسرائيليا-أميركياً مستمراً، وأن الوزير الإسرائيلي رون ديرمر يواصل بحث الموضوع في واشنطن.
إسرائيل لا يمكنها حل "المعضلة" ميدانياً
ورصدت "المدن" إفادة للمراسل العسكري إيال عاليما على إذاعة "مكان" العبرية صباح الأربعاء، أشار فيها إلى أن هناك عدة أفكار ومقترحات إسرائيلية لجلب "ثمن" مقابل الموافقة على خروج "آمن" لمقاتلي "حماس" المحاصرين، مقراً أيضاً بأن هناك صعوبة ميدانية ولوجستية أمام الجيش للتغلب على الموضوع، رغم أنباء عن وضعه الإسمنت والمياه داخل أنفاقٍ، خصوصاً أن هؤلاء المقاتلين موجودين في أنفاق بمنطقة تخضع للسيطرة الإسرائيلية، وهو ما يعني أن تل أبيب نفسها مضطرة لحل الأمر.. ولكن ب"ثمن".
وبينما يقول عاليما إن نحو 150 مسلحاً لـ"حماس" موجودين في أنفاق بحي الجنينة برفح، تشكك مصادر من "حماس" في حديثها لـ"المدن" بوجود هذا العدد الكبيرة بمنطقة "رفح"، ما يثير علامات استفهام بشأن ما إذا كان المقصود هو وجودهم في أكثر من منطقة داخل الخط الأصفر الذي يحاول الاحتلال جعله حدودا جديدة ودائمة للقطاع سكانياً وبنيانياً.
