مساعٍ لاستكمال اتفاق الشيخ مقصود والأشرفية.. عبر العشائر

حلب - خالد الخطيبالأربعاء 2025/11/05
Image-1762278823
مستشار الشرع يسعى لتحقيق اختراق بالبنية الداخلية لتحالف "قسد" بحلب (إنترنت)
حجم الخط
مشاركة عبر

بعد شهر تقريباً على إنهاء حالة التوتر وفتح الطرق بين أحياء الشيخ مقصود والأشرفية وباقي أحياء مدينة حلب، عاد الحديث مجدداً عن إحياء الاتفاق الذي توقف تطبيقه بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديموقراطية (قسد)، وسط مؤشرات على أن "بوابة العشائر" باتت المدخل الجديد لتذليل العقبات واستكمال ما تبقى من بنود الاتفاق الهادف إلى دمج الأحياء إدارياً وخدمياً وأمنياً.
ووفق ما كشفته مصادر متابعة لـِ "المدن"، فإن جهاد عيسى الشيخ (أبو أحمد زكور)، مستشار الرئيس السوري أحمد الشرع، لشؤون العشائر، يرافقه رئيس مجلس القبائل والعشائر السورية، الشيخ عبد المنعم الناصيف، عقدا سلسلة لقاءات أخيراً مع عدد من وجهاء قبيلة البكارة العربية، إلى جانب قياديين من قوات سوريا الديمقراطية (قسد) داخل أحياء الشيخ مقصود والأشرفية.
وتهدف اللقاءات، وفقاً للمصادر، إلى الحفاظ على حالة خفض التوتر السائدة في المنطقة، وإعادة تفعيل الاتفاق القديم الذي يسمح بدمج تلك الأحياء ببقية مناطق مدينة حلب، بما يفتح الباب أمام عودة الحركة التجارية والإدارية، ويخفف من معاناة السكان الذين يعيشون في عزلة شبه تامة.


بوابة العشائر
وأوضحت المصادر نفسها أن مستشار الرئيس، يسعى عبر هذه الخطوات إلى تحقيق اختراق في البنية الداخلية لتحالف "قسد" داخل حلب، عبر بوابة العشائر العربية، التي تمثل نسبة مؤثرة داخل صفوفها. وتشير التقديرات إلى أن العرب يشكلون أكثر من 40% من مقاتلي "قسد" في الشيخ مقصود والأشرفية وبني زيد، وكانوا يشغلون مواقع متقدمة في خطوط المواجهة مع الجيش السوري خلال الأشهر القليلة الماضية.
وتضيف المصادر أن الاجتماع الأخير في الشيخ مقصود حضره عدد كبير من وجهاء البكارة وشخصيات عشائرية مؤثرة، وشهد إلقاء كلمات أكدت على أهمية الزيارة وضرورة "فتح صفحة جديدة" بين أبناء العشيرة، في ما يشبه جلسة صلح رمزية أراد منها المجتمعون توجيه رسائل حسن نية للطرفين.
ووفق ما علمت "المدن"، فإن مستشار الرئيس، حمل في جعبته تطمينات مباشرة للعناصر العربية المنضوية في صفوف "قسد"، خصوصاً أولئك الذين لجأوا إلى مناطق سيطرتها بعد سقوط النظام البائد، فهذه المجموعات تخشى حتى اليوم من عمليات انتقام أو ملاحقة، وهو ما جعلها متوجسة من أي تقارب مع الحكومة الجديدة، لكن وعود العفو العام والمصالحات الواسعة التي يجري الحديث عنها، قد تمهّد الطريق أمام تحول تلك القوى العشائرية إلى رافعة داخلية لأي اتفاق قادم في المدينة.


قيادات "لواء الباقر"
واحد من أبرز المشاهد التي رافقت الاجتماع، كان ظهور شخصيات وقيادات سابقة من ميليشيا "لواء الباقر"، من بينها عمر الحسن، الممثل السياسي السابق للواء وشقيق قائده خالد الحسن، ويعد "لواء الباقر" من أبرز التشكيلات العشائرية التي تأسست في العام 2013 بدعم مباشر من إيران، وكان يقاتل إلى جانب النظام البائد في حلب ومحيطها.
ووفق المصادر، فإن اختيار مستشار الرئيس الاستعانة بشخصيات من اللواء لم يكن مصادفة؛ إذ تربطه ببعضهم روابط قرابة عشائرية، وهو ما يمنحه قدرة إضافية على التواصل مع البكارة المقيمين في مناطق "قسد"، والذين يقاتل كثير منهم في صفوفها.
وبالرغم من الجدل الذي أثارته عودة ظهور قيادات "لواء الباقر" بعد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، فإن مصادر عشائرية من البكارة أكدت لـِ "المدن" أن اللواء "قدم خدمات كبيرة خلال معركة ردع العدوان في حلب"، وسهل دخول مجموعات مقاتلة من "هيئة تحرير الشام" سابقاً إلى المدينة قبيل انطلاق المعركة، ضمن ما كان يعرف آنذاك بـِ "مجموعات العمل خلف الخطوط"، ووفقاً لتلك المصادر، فإن هذه الأدوار ساهمت في تجنب ملاحقة قادة اللواء لاحقاً، مقابل ما قدّم من تسهيلات ودعم لوجستي.


نجاح المهمة وتوسيعها
يرى مراقبون أن التحركات الأخيرة، تظهر بأن الحكومة تسعى بوضوح إلى استثمار التوازنات الاجتماعية والعشائرية في المشهد السوري، بهدف تحقيق اختراق في تحالف "قسد"، سواء داخل مدينة حلب أو في مناطق سيطرتها الأوسع شرق الفرات. فعلى الرغم من أن نسبة المقاتلين العرب في صفوف "قسد" بحلب محدودة نسبياً، فإن حضورهم لا يستهان به؛ إذ يشكلون ورقة ضغط مهمة يمكن استخدامها لدفع "قسد" نحو استكمال تنفيذ اتفاق أحياء الشيخ مقصود والأشرفية، أو على الأقل الوقوف على الحياد في حال اندلاع أي مواجهة تهدف إلى دمج الأحياء بالقوة مع باقي مناطق المدينة.
في المقابل، فإن العشائر العربية في شمال شرقي الفرات والجزيرة السورية تملك ثقلاً أكبر بكثير، حيث تشير تقديرات محلية نقلتها مصادر لـِ "المدن" إلى أن نحو 60% من مقاتلي "قسد" في تلك المناطق ينتمون إلى عشائر عربية. وبناءً على ذلك، قد يتجه مستشار الرئيس لشؤون العشائر جهاد عيسى الشيخ (أبو أحمد زكور)، إلى توسيع نشاطه نحو الشرق السوري، عبر فتح قنوات تواصل مباشرة مع الزعامات العشائرية هناك، وإرسال رسائل تطمين سياسية وأمنية، تتضمن وعوداً بالمشاركة في السلطة والإدارة المحلية، وضمان الحفاظ على مكتسباتها ومواقعها في أيّة تسوية قادمة.
وتلفت المصادر إلى أنه في حال نجحت هذه الجهود في استكمال اتفاق حلب، فإن ذلك قد يشكّل نقطة انطلاق لمرحلة جديدة من التفاهمات شرق الفرات، أو على الأقل يساهم في شق الصف الداخلي لتحالف "قسد"، بما يغيّر موازين القوى في الشمال السوري، ويفتح الباب أمام تسوية أوسع نطاقاً تستند إلى نفوذ العشائر وثقلها الاجتماعي.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث