شهادة ناصر أبو سرور: السجون الإسرائيلية تحولت إلى جبهة قتال

المدن - عرب وعالمالثلاثاء 2025/11/04
Image-1762279932
“حياة بيولوجية فقط”: كيف أعاد بن غفير هندسة نظام السجون خلال حرب غزة "انترنت"
حجم الخط
مشاركة عبر

قال الكاتب الفلسطيني الأسير المحرر ناصر أبو سرور، الذي أُفرج عنه الشهر الماضي بعد أكثر من 32 عاماً في السجون الإسرائيلية، خلال اتصال هاتفي مع صحيفة "الغارديان"، إن وتيرة التعذيب وسوء المعاملة بحق الأسرى الفلسطينيين ارتفعت بشكل حاد خلال العامين الأخيرين، مع تعامل السلطات الإسرائيلية مع السجون باعتبارها "جبهة أخرى من جبهات حرب غزة".

وكان أبو سرور (56 عاماً)، صاحب مذكّرات السجن الشهيرة "حكاية جدار: تأملات في الأمل والحرية" المترجمة إلى سبع من بين أكثر من 150 أسيراً فلسطينياً محكومين بالمؤبد، أُفرج عنهم ضمن صفقة تبادل مرتبطة بوقف إطلاق النار في غزة، بوساطة أمريكية، قبل أن يُنقلوا مباشرة إلى المنفى في مصر، حيث ما يزال معظمهم عالقين في وضع غير واضح.

ويقول الأسير المحرر إن أوضاع الأسرى تدهورت بشدة بعد اندلاع الحرب في غزة في تشرين الأول/أكتوبر 2023، موضحاً: "الزي العسكري لحُراس السجون تغير، وظهر على صدورهم شعار مقاتلون أو محاربون. بدأوا يتصرفون وكأنهم في ساحة حرب، وأن السجن جبهة أخرى، وبدأت المعاملة تتجه نحو الضرب والتعذيب والقتل كأنهم في معركة”".

 

75 وفاة في الاحتجاز

وتشير لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة إلى تسجيل 75 وفاة لأسرى فلسطينيين في السجون ومراكز التوقيف الإسرائيلية بين 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 و31 آب/أغسطس 2025، في حصيلة تثير قلق المنظمات الحقوقية الدولية، بينما تنفي مصلحة السجون الإسرائيلية بشكل متكرر ممارسة التعذيب داخل منشآتها.

ويتحدّث أبو سرور، من مكان إقامته الحالية في مصر، عن "صدمة دوار" بين لحظة الخروج من ظروف الاحتجاز القاسية إلى فندق خمس نجوم في القاهرة بترتيب من السلطات المصرية.

ويقول إن قرار سجنه المؤبد صدر عام 1993 بناءً على اعتراف انتُزع تحت التعذيب، بتهمة المشاركة في عملية خلال الانتفاضة الأولى أدت إلى مقتل ضابط في جهاز "الشاباك" كان يحاول تجنيد أحد أقربائه للتعاون مع إسرائيل. وخلال العقود التي قضاها خلف القضبان، حصل على درجة البكالوريوس ثم الماجستير في العلوم السياسية، وبدأ في كتابة الشعر والدراسات التي هُربت إلى الخارج.

بعد تشرين الأول/أكتوبر 2023، يؤكد أن "أي زاوية بلا كاميرات كانت تتحول إلى ساحة تعذيب"، مضيفاً: "كانوا يربطون أيدينا خلف رؤوسنا، ويلقوننا أرضاً، ثم يبدأون بالركل والدوس".

ويشير إلى أن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الذي يشرف على مصلحة السجون، تباهى مراراً بأن السجون لم تعد "مخيّمات ترفيه"، حيث سُحبت كل المواد الثقافية من غرف الأسرى: "توقفت الحياة الثقافية تماماً في السجن خلال العامين الأخيرين، وبقيت حياة بيولوجية فقط. كنّا نحاول البقاء أحياء فحسب. كنّا جائعين دائماً".

وبحسب روايته، حُصرت الوجبات في الحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة، ما أدى إلى فقدانه 12 كيلوغراماً من وزنه. كما لم يُسمح للأسرى إلا بزي واحد خفيف طوال الشتاء، "فصرنا نعجز عن تحمل درجات حرارة عادية"، على حد قوله.

 

صدمة الحرية… برقابة أمنية

وقبل الإعلان عن أسماء الأسرى المفرج عنهم، تعرضوا – وفق أبو سرور – لجولة "ضربٍ أخيرة أشد قسوة" خلال الساعات الـ24 السابقة لنقلهم. ثم أمضوا 48 ساعة داخل حافلات مغلقة الستائر عبرت إسرائيل بمحاذاة جنوب غزة وصولاً إلى معبر رفح. ولم يرَ السماء خارج القضبان إلا بعد دخول الأراضي المصرية.

في القاهرة، نُقلوا إلى فندق فاخر، حيث قال: "فعلت كل شيء للمرة الأولى مثل طفل: صعود المصعد، استخدام خدمة الغرف، كيفية الاستحمام". وشكل اللقاء المفاجئ مع أربعة من شقيقاته وشقيق بعد فراق دام 33 عاماً صدمة نفسية إضافية:

"سألت نفسي: هل من الطبيعي أن أعانقهم؟ لقد حُرمنا من هذه اللحظة طويلاً لدرجة أصبحت قاسية". ورغم مشاهد الفخامة، ظل الأسرى تحت أعين الأمن المصري، حتى في تفاعلهم مع السياح. ويصف مشهد الإفطار الأول: "وضع البعض كيلوغرامين من الطعام في طبق واحد. كنا محرجين؛ لم نعرف كيف نستخدم السكين والشوكة، وكيف نتصرف".

لكن سرعان ما انتهى الاستقرار النسبي. فبعد تقرير صحفي بريطاني تناول وجود الأسرى المفرج عنهم في فندق يقيم فيه سياح غربيون، أُبلغوا بحزم حقائبهم خلال ساعات، ونُقلوا إلى فندق آخر في الصحراء على بُعد ساعة من القاهرة، "كان ذلك تذكيراً بأننا لم نُصبح أحراراً تماماً بعد".

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث