شهدت الضفة الغربية المحتلة، تصعيداً واسعاً من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين، تخللته اعتقالات واقتحامات لمدن وبلدات، وهدم منازل ومنشآت، واعتداءات استيطانية خلال موسم قطف الزيتون، بالتوازي مع حملة تضييق على التجمعات البدوية في محيط القدس.
ونفّذ جيش الاحتلال سلسلة اقتحامات فجر الثلاثاء، شملت عدداً من مدن وبلدات الضفة الغربية، أسفرت عن اعتقال ما يقارب عشرين فلسطينياً. وتسللت قوة خاصة إسرائيلية إلى بلدة طمون جنوب طوباس مستخدمة مركبات تحمل لوحات تسجيل فلسطينية، قبل أن تحاصر منزلاً وتعتقل أربعة شبان، وسط تعزيزات عسكرية داهمت منازل أخرى في البلدة وفرضت طوقاً على المنطقة.
وبالتوازي، أفاد "مركز إعلام الأسرى" بأن حملات الاعتقال امتدت إلى نابلس وقلقيلية وطولكرم ورام الله والخليل، وطالت ما لا يقل عن ستة عشر مواطناً، بينهم أسرى محررون، وسط عمليات تفتيش واسعة وتخريب لمقتنيات المنازل.
هدم منازل ومنشآت
وواصلت قوات الاحتلال سياسة الهدم وتدمير الممتلكات الفلسطينية، حيث اقتحمت، منطقة "المطار" في مدينة أريحا وهدمت منزلين وجدراناً استنادية بدعوى البناء من دون ترخيص. وشهدت بلدة دورا جنوب الخليل اقتحاماً مشابهاً برفقة جرافات عسكرية، تم خلاله تدمير محتويات محل لتصليح المركبات، ما ألحق خسائر واسعة بمعداته وقطع الغيار. كما هدمت جرافات تابعة للجيش منشأة زراعية في قرية بُدرس غرب رام الله، ومنعت الأهالي من الاقتراب من موقع الهدم.
وتعرض تجمع العراعرة البدوي شمال شرق القدس لاقتحام واسع فجراً. وقال داوود الجهالين، رئيس تجمع عرب الجهالين، لصحيفة "العربي الجديد" إن قوات إسرائيلية تضم أكثر من 150 جندياً اقتحمت التجمع عند الفجر، واحتجزت العائلات داخل منازلها في غرف منفصلة، قبل أن تباشر عملية تفتيش وصفها بـ"التخريبية والشاملة"، مؤكداً أن الجنود دمروا الأثاث والمطابخ والمخزون الغذائي وأعلاف الماشية، واعتدوا بالضرب على عدد من السكان، ما أحدث حالة هلع خصوصاً بين النساء والأطفال، وانسحبوا بعد أربع ساعات دون تنفيذ اعتقالات.
تحذيرات حقوقية
وحذر المشرف العام على منظمة "البيدر" الحقوقية للدفاع عن حقوق البدو في فلسطين، حسن مليحات، من تصاعد الهجمات ضد التجمعات البدوية في الضفة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، معتبراً أن ما يجري في المناطق المصنفة "ج" يمثل "حرباً مفتوحة على الوجود البدوي الفلسطيني". وقال مليحات إن الاعتداءات أدت إلى ترحيل عشرات التجمعات البدوية بالكامل، في إطار سياسة تهدف إلى تفريغ محيط القدس من سكانه الأصليين لصالح مشاريع استيطانية، وعلى رأسها مشروع "E1 " ضمن مخطط "القدس الكبرى"، مشيراً إلى أن المخطط يستهدف اقتلاع ما لا يقل عن 46 تجمعاً بدوياً من بادية القدس ومحيطها.
موجة اعتداءات من المستوطنين
وتواصلت اعتداءات المستوطنين على المزارعين الفلسطينيين في عدة مناطق، وخاصة خلال موسم قطف الزيتون. وأفادت مصادر أهلية بأن مجموعات من المستوطنين أضرمت النار في أشجار زيتون في قرية مراح رباح جنوب بيت لحم، تزامناً مع إغلاق الطريق الرئيسي في المنطقة. كما تعرض مزارعون في منطقة العماير جنوب بلدة عقربا شرق نابلس لاعتداءات بالضرب والتهديد بالسلاح، وسُرقت كميات من ثمار الزيتون وهواتف محمولة.
وذكرت المصادر ذاتها أن اعتداءات أخرى استهدفت مزارعين في وادي عباس غرب دير استيا في سلفيت، وبلدات قصرة وبيت دجن جنوب وشرق نابلس، حيث مُنع المزارعون والمتضامنون من البقاء في أراضيهم. وفي المسعودية شمال غرب نابلس، أتلف مستوطنون مئات الأشتال الزراعية بعد إدخال المواشي للرعي في الأراضي، بينما واجه قاطفو الزيتون في قرية شوفة جنوب شرق طولكرم مداهمات من قوات الاحتلال أجبرتهم تحت تهديد السلاح على مغادرة الأراضي واعتقلت أحدهم.
وتخللت هذه الاعتداءات إصابات واستهدافات مباشرة، إذ أُصيب شاب برصاص جنود الاحتلال قرب بلدة حزما شمال شرق القدس قبل أن يتم اعتقاله، في حين تعرّض شاب من قرية رمون شرق رام الله لاعتداء من مستوطنين، شمل تخريب محطة للطاقة الشمسية يعمل بها. كما شهدت بلدتا المغير وطمون اقتحامات إضافية خلال ساعات النهار وانتشاراً عسكرياً في الطرقات.
اقتحامات الأقصى
وفي القدس المحتلة، اقتحم مئات المستوطنين صباح الثلاثاء المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال، ونفذوا جولات وطقوساً تلمودية في باحاته، وسط قيود مشددة على دخول الفلسطينيين.
وتأتي هذه التطورات ضمن سياق تصاعد ميداني متواصل في الضفة الغربية خلال العام الأخير، شهد ارتفاعاً حاداً في الاعتداءات التي نفذها الجيش والمستوطنون، وفق تقديرات حقوقية فلسطينية تشير إلى ازدياد ملحوظ في أعداد القتلى والمصابين، بالتزامن مع توسع الاستيطان وتسارع وتيرة التضييق والتهجير، خصوصاً في المناطق المصنفة "ج" ومحيط القدس.
