تل أبيب تخشى صعود تركيا في غزة بعد تراجع نفوذ إيران

المدن - عرب وعالمالاثنين 2025/11/03
Image-1762184766
أنقرة تستعيد نفوذها الإقليمي من غزة وواشنطن تبارك (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر

 

تتصاعد الخلافات الأميركية–الإسرائيلية حول ملامح "اليوم التالي" في غزة، مع تقدم الدور التركي في خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب وإعادة ترتيب المشهد، ورفض تل أبيب القاطع لأي وجود عسكري أو سياسي لأنقرة داخل القطاع.

ورغم التحفظات الإسرائيلية، يمضي البيت الأبيض في تكريس دور تركي مباشر ضمن مسار التهدئة وإعادة الإعمار، في تحوّل يُوصف في تل أبيب بأنه فرض لواقع جديد.

ووفق ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، فإن واشنطن ترى أن لأنقرة موقعاً مركزياً في تنفيذ خطة ترامب للسلام في غزة، مستندة إلى نجاح الوساطة التركية في الضغط على حركة "حماس" للقبول باتفاق وقف إطلاق النار، والإفراج عن جميع المحتجزين الأحياء. غير أن هذا الدور، الذي أثنى ترامب على الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لأجله، يُقابل بقلق إسرائيلي متصاعد يصل حد التحذير من "خطر استراتيجي".

 

مسؤولية حاسمة لتركيا

وقالت الصحيفة إن تركيا، التي أبقت قنوات اتصالها مع "حماس" مفتوحة منذ نحو عقدين، باشرت تحركات لتعزيز حضورها في مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار، معلنة استعدادها لتقديم مساعدات إنسانية، والمشاركة في إعادة الإعمار، بل وحتى إرسال قوات ضمن القوة الدولية المقترحة لتثبيت الاستقرار في القطاع. وأكد اردوغان أن لبلاده "مسؤولية حاسمة" في ملف إعادة البناء والتعافي في غزة. 

 

مخاوف تل أبيب

وتنظر تل أبيب بعين الريبة إلى هذه الخطوات، وتعتبر أن الدور التركي يمهد لتمركز قوى "معادية" في محيطها الحيوي. ونقلت "واشنطن بوست" عن الرئيس السابق لشعبة الشؤون الفلسطينية في جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، مايكل ميلشتاين، قوله: "فكرة دخول الأتراك والجماعات التركية إلى داخل غزة تجعل الإسرائيليين يجنون، بعد أن فعلوا كل ما بوسعهم لمنع التدخل التركي"، مضيفاً: "هم ليسوا أعداء رسميين، لكن من الواضح أنهم ليسوا شركاء لإسرائيل".

وفي السياق ذاته، قال السفير الإسرائيلي السابق لدى واشنطن مايكل أورين: "إذا تخلصنا أخيراً من إيران وحزب الله، ثم انتهى بنا الأمر بتركيا وقطر والإخوان المسلمين داخل غزة، فستكون تلك وضعية شديدة الخطورة". 

 

البيت الأبيض: لتركيا دور "بنّاء"

ورغم الضجيج الإسرائيلي، وجهت الإدارة الأميركية رسائل واضحة بأن الدور التركي سيكون جزءاً من الخطة. وخلال زيارة نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس الى تل أبيب الشهر الماضي، قال إن واشنطن "لن تفرض أي شيء على أصدقائنا الإسرائيليين بشأن قوات أجنبية على أراضيهم، لكننا نعتقد أن هناك دوراً بنّاءً يمكن أن يلعبه الأتراك، ولقد لعبوا بالفعل دوراً بنّاءً ونحن ممتنون جداً لذلك". وتجاهل فانس الانتقادات لعلاقات تركيا مع "حماس"، مشدداً على "التركيز على المستقبل" كطريق للسلام.

في المقابل، أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن بلاده تشارك في "مباحثات فنية" مع نظرائها بشأن القوة الدولية المحتملة، موضحاً أن الجيش التركي "يشارك في اجتماعات مع نظرائه لمناقشة ما سيحدث، وما يجب أن يحدث، وما إلى ذلك، لتشكيل محتمل".

ورغم اتهامات سابقة لتركيا بإيواء عناصر من "حماس"، أشارت "واشنطن بوست" إلى أن أنقرة استقبلت خلال العامين الماضيين عدداً من الأسرى المفرج عنهم، بينهم عبد الناصر عيسى، أحد أبرز قادة "كتائب القسام" والمخطط لعمليات انتحارية في التسعينيات.

وقالت الباحثة في "بروكينغز" أسلي أيدينتاشباش إن أنقرة "حرصت على عدم السماح للحركة بإنشاء بنية عسكرية أو مالية تدعم الهجمات ضد إسرائيل من الأراضي التركية". لكن مسؤولين إسرائيليين يؤكدون أن "أي دعم لحماس يُترجم في النهاية إلى تعزيز قدراتها العسكرية". 

 

من تحسن العلاقات إلى القطيعة

وشهدت العلاقات التركية–الإسرائيلية تحسناً في مجالات التجارة والدبلوماسية، لكن حرب 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 قلبت المعادلة. إذ تبنى إردوغان خطاباً تصعيدياً ضد الحملة العسكرية الإسرائيلية، واصفاً "حماس" بأنها "حركة تحرر"، كما انضمت أنقرة إلى دعوى الإبادة المقامة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.

وتعتبر أوساط سياسية أن انفتاح ترامب على أنقرة يمثل "نافذة ذهبية" لاستعادة موقع تركيا في واشنطن بعد استبعادها من مشروع مقاتلات "إف-35" بسبب صفقة الصواريخ الروسية "إس-400". 

ويرى محللون، استناداً إلى "واشنطن بوست"، أن الوساطة التركية في ملف غزة قد تعيد الثقة المتبادلة بين البلدين وتفتح الباب أمام شراكات اقتصادية وعسكرية جديدة.

وتسلط الصحيفة الضوء على شركات المقاولات التركية التي تُعد بين أبرز المنفذين عالمياً، ولديها خبرة في مشاريع البنية التحتية وإزالة الأنقاض بعد الزلازل. وتُقدر كلفة إعادة إعمار غزة بعشرات مليارات الدولارات، ما يجعل المشاركة التركية ذات طابع استراتيجي وربحي في آن.

في الوقت نفسه، بدأت هيئة الإغاثة الإنسانية "İHH" التركية نشاطها في غزة، بنشر صور وفيديوهات لمساعدات تحمل الأعلام التركية. واعتبر الباحث في "مركز موشيه دايان" في تل أبيب هاي ياناروتشاك أن هذا " مقصود، لإظهار الأعلام التركية وتطبيع الوجود التركي في غزة". 

وتنفي المؤسسة أي صلات بتنظيمات إرهابية، مؤكدة أن الاتهامات الإسرائيلية ضدها بدأت بعد حادثة الهجوم على سفينة "مرمرة" عام 2010، التي فجرت أزمة دبلوماسية لا تزال تلقي بظلالها على العلاقات بين البلدين.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث