قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إن خطط إخضاع السلاح لسلطة الدولة لن تُنفذ بالكامل ما دام الوجود العسكري للتحالف الدولي قائماً في البلاد، مشيراً إلى استمرار العمل على انسحاب القوات الأجنبية خلال الفترة المقبلة.
وأكد السوداني في مقابلة مع وكالة "رويترز" في بغداد، أن العراق ملتزم بإنهاء وجود التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، موضحاً أن غياب التهديد الفعلي لتنظيم "داعش" يرفع مبررات استمرار وجود تلك القوات.
وقال السوداني: "لا يوجد داعش. الأمن والاستقرار؟ الحمد لله موجودان... فاعطوني سبباً لوجود 86 دولة"، في إشارة إلى عدد الدول التي شاركت في التحالف منذ عام 2014. وشدد على أنه "عندما ينتهي هذا الوجود، سيكون هناك برنامج واضح لإنهاء أي سلاح خارج مؤسسات الدولة"، مع إمكانية دمج عناصر الفصائل في الأجهزة الأمنية أو العمل السياسي.
الفصائل والحشد الشعبي
ويأتي ذلك في ظل ضغوط أميركية على بغداد لتفكيك الجماعات المسلحة المرتبطة بالحشد الشعبي، رغم أن الحشد بات جزءاً من المؤسسات الأمنية الرسمية ويضم فصائل ذات ارتباط وثيق بإيران.
وأوضح السوداني أن العراق يسعى لضمان أن تكون قرارات الحرب والسلم بيد الدولة فقط، مشيراً إلى اختلاف الوضع العراقي عن دول أخرى تشهد وجود جماعات مسلحة خارج إطار الدولة، وقال: "العراق واضح في مواقفه للحفاظ على الأمن والاستقرار، وأن مؤسسات الدولة هي صاحبة القرار في الحرب والسلام، ولا يمكن لأي طرف جرّ العراق إلى الحرب أو الصراع".
وأشار السوداني إلى أن خطة انسحاب التحالف ما تزال قائمة، مع توقع خروج كامل للقوات الأجنبية بحلول نهاية عام 2026، بعد بدء الانسحاب الأولي في 2025.
الطاقة والاستثمارات الأميركية
وفي الملف الاقتصادي، قال السوداني إن العراق يشهد "دخولاً أميركياً واضحاً وكثيفاً ونوعياً" في قطاع الطاقة. وكشف عن اتفاق هو الأكبر مع شركة "جنرال إلكتريك" لتأمين 24 ألف ميغاواط من الكهرباء، وهو ما يعادل كامل القدرة الإنتاجية الحالية في البلاد.
وأفاد بأن العراق وقع اتفاقاً مبدئياً مع شركة "شيفرون" لمشاريع استكشاف وتطوير حقول النفط في الناصرية جنوب البلاد، إضافة إلى اتفاق مع شركة "إكسيليريت" الأميركية لتزويد العراق بالغاز المسال للمساعدة في تقليل انقطاعات الكهرباء. كما أشار إلى اتفاق أولي مع "إكسون موبيل" لتطوير الحقول النفطية متضمناً وللمرة الأولى منظومة تصدير مرتبطة بالمشروع.
وأضاف أن الحكومة حددت نهاية 2027 موعداً لوقف حرق الغاز وتحقيق الاكتفاء الذاتي، وإنهاء استيراد الغاز من إيران، موضحاً أن العراق يحرق غازاً بقيمة 4 إلى 5 مليارات دولار سنوياً، ويدفع 4 مليارات أخرى لاستيراد الغاز.
الانتخابات والولاية الثانية
وحول الانتخابات المقررة في 11 تشرين الثاني/نوفمبر، قال السوداني إنه يتوقع "فوزاً مهماً" في الانتخابات التي يخوضها في مواجهة قوى سياسية ضمن الائتلاف الحاكم، مؤكداً رغبته في ولاية ثانية. وتوقع ارتفاع نسبة المشاركة عن انتخابات العام الماضي التي سجلت نحو 40%.
وتزامن موقف السوداني مع تنامي الضغوط الدولية على الجماعات المسلحة غير الحكومية في المنطقة، بما فيها "حزب الله" في لبنان، في إطار نقاشات أوسع حول نفوذ إيران ومحور "المقاومة". وتعكس تصريحات رئيس الوزراء مسعى بغداد للحفاظ على توازن علاقاتها مع واشنطن وطهران، خاصة مع اشتداد الجدل حول دور الفصائل والسلاح خارج الدولة في الإقليم.
