اجتماع ثماني لافت في إسطنبول حول غزة

ماجد عزامالاثنين 2025/11/03
احتفالات اتفاق غزة (Getty)
اطمئنان وارتياح للموقف الأميركي لجهة تنفيذ اتفاق غزة (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر

يلتئم اليوم الاثنين، اجتماع عربي إسلامي في مدينة إسطنبول، مخصص لمناقشة خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب واتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في غزة، والتشاور والتوافق حول كيفية تنفيذ الاتفاق بالتفاهم التام مع ترامب لمنع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من عرقلته أو تجميده. الاجتماع العربي الإسلامي يجسد مكانة تركيا وتصاعد دورها الإقليمي بالمنطقة على نحوٍ عام، وغزة وفلسطين على نحوٍ خاص. كما ينعقد بحضور الدول الثماني التي باتت معنية مباشرة وشاركت في لقاء نيويورك مع الرئيس ترامب، وكانت دافعاً رئيساً وراء خطته التي بالرغم من تعديلها، إلا أن خطوطها العريضة بقيت كما هي لجهة إنهاء الحرب نهائياً بغزة، ومنع الاحتلال والاستيطان والتهجير والضمّ فيها كما بالضفة الغربية، مع إبقاء المسار والأفق السياسي مفتوحاً نحو إقامة الدولة المستقلة وتمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره.

 

الضامن لمستقبل غزة

إذن وبداية، يعبّر الاجتماع عن تصاعد مكانة تركيا والحضور المتزايد لها في حلّ مشاكل المنطقة وأزماتها من باكستان وأفغانستان شرقاً إلى ليبيا غرباً، ومن سوريا ولبنان وفلسطين جنوباً إلى أذربيجان والبحر الأسود وآسيا الوسطى وأوكرانيا وروسيا شمالاً، مع انخراط لافت بحرب غزة والقضية الفلسطينية كوسيط رسمي في اتفاق وقف النار وإنهاء الحرب، بموازاة الاستعداد للمساهمة الجدية في عمليات التعافي المبكر، وإعادة الإعمار والأفق والمسار السياسي ولعب دور الضامن تجاه مستقبل غزة ودولة فلسطين على نحوٍ عام.

الانخراط التركي المتزايد في شؤون المنطقة العربية وقضاياها لا يعبّر فقط عن مكانة تركيا المتصاعدة الناتجة أساساً عن استقرارها السياسي ونهوضها الاقتصادي والصناعي والعسكري (من أقوي 20 اقتصاد و10 جيوش بالعالم) وإنما عن حلّ الأزمات والخلافات، وتحسين العلاقات مع دول عربية مركزية كالسعودية ومصر والإمارات، بظل علاقات راسخة مع قطر وجيدة مع الأردن والسودان والكويت وعمان والمغرب العربي، بدون توجس من أيّة جهة، بحيث لم تعد هناك حساسية عربية في لعب تركيا أدواراً إيجابية، ليس فقط بمحيطها الجيوبوليتيكي المباشر؛ بل غير المباشر أيضاً في فلسطين، والانخراط في شؤون وشجون السودان والصومال والقرن الإفريقي، مع حضور ممتد وتاريخي في لبنان وسيتعمق أكثر مع تآكل وانهيار الوصاية الإيرانية هناك مع مشاركتها في قوات اليونيفيل، والاستعداد والانفتاح للمساهمة بالتنمية وإعادة الإعمار، وحتى لعب دور بالوساطة لتنفيذ القرار 1701 كما جاء بالمبادرة المصرية الأخيرة، مع قبول شعبي وإعجاب بمصادر قوتها الناعمة، واستمرار سريان اتفاقية حرية الحركة للمواطنين والبضائع أو سوق الـ100 مليون نسمة وفق تعبير سابق للرئيس رجب طيب أردوغان مع لبنان والأردن وسوريا الجديدة.

 

اطمئنان وارتياح 

والآن بالعودة لاجتماع إسطنبول الثماني، ووفق مصادر مطلعة، سيركز اللقاء على تنسيق المواقف العربية والإسلامية تجاه تنفيذ وقف إطلاق النار بغزة، علماً أنه يضم ثلاثة من الدول الضامنة مباشرة للاتفاق، مصر وقطر إضافة إلى تركيا، وثلاث دول عربية حاضرة سياسياً واقتصادياً وأمنياً في غزة والقضية الفلسطينية على نحوٍ عام وهي السعودية والأردن والإمارات، ودولتين إسلاميتين هي باكستان وإندونيسيا، مستعدتين للمساهمة ولعب دور مركزي في قوة الاستقرار وإرسال جنود لحفظ السلام والمراقبة إلى غزة، حيث قالت جاكرتا مثلاً إنها مستعدة لإرسال 20 ألف جندي إلى هناك، كما قال رئيسها برابوو سوبيانتو من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/ سبتمبر الماضي.

ووفق الأجواء المحيطة بالاجتماع ثمة اطمئنان وارتياح للموقف الأميركي لجهة التمسك القاطع بإنهاء الحرب والعمل على تنفيذ الاتفاق بكافة مراحله بالانسجام والتنسيق التام مع الدول العربية الإسلامية التي لا يمكن إنجاح الاتفاق والسلام في غزة وفلسطين والمنطقة بدونها، وبتجاهل مخاوفها ومطالبها المحقة من أجل سلام عادل ومستدام.

في المقابل، هناك توجس وقلق كبير وعدم ثقة بالموقف الإسرائيلي، وسعي نتنياهو المنهجي والمستمر لإفشال الاتفاق وتجييره لمصلحته أياً كان النموذج المتبع سواء اللبناني أو تحويل المؤقت إلى دائم والخط الأصفر إلى حدود نهائية وحتى تقسيم غزة إلى شرقية وغربية، مع التمسك بإبقاء حلم أو وهم التهجير على جدول الأعمال.

وعليه، يسعى اجتماع إسطنبول إلى إنجاح الاتفاق بالكامل، والعمل على الخطوط العريضة المتفق عليها، وسدّ الثغرات، خصوصاً تلك المتعلقة بغياب جداول زمنية محددة، والتنسيق مع واشنطن لتجاوز مماطلة نتنياهو وقطوع إعادة جثث الأسرى، وتطبيق المرحلة الأولى بعد اكتمالها بدقة ونزاهة، خصوصاً لجهة التعافي المبكر والايواء العاجل والانتقال إلى المرحلة الثانية النهائية المتضمنة مجلس السلام بغزة، وتوسيع الحضور العربي الإسلامي فيه، وتفويض أممي عبر مجلس الأمن الدولي لقوة الاستقرار الدولية التي ستضم دولاً عربية وإسلامية حصراً، والعمل على البعد الفلسطيني وسد الفجوات تجاه اللجنة الإدارية وقوات الشرطة المحلية التي ستدير غزة، مع تقليص الوصاية الأجنبية لتمكين الفلسطينيين من حكم أنفسهم، والحفاظ على الأفق السياسي ليس فقط نحو تأسيس سلطة واحدة جديرة ونزيهة لتوحيد الضفة وغزة، إنما نحو تقرير المصير وإقامة الدولة باعتبار ذلك الحل الجذري للصراع في فلسطين والمنطقة.

وبما يخص المقترحات أو خطة العمل المطروحة على أجندة الاجتماع، ثمة حديث عن تشكيل لجنة متابعة لتنسيق المواقف ببين الدول الثماني تجاه اتفاق وقف النار على نحوٍ عام، وتشكيل قوة الاستقرار الدولية-العربية الإسلامية-على نحوٍ خاص لتتلاءم مع روح الاتفاق كما لتلبية مطالب ومصالح الفلسطينيين المحقة.

ليس بعيداً عما سبق قال وزير الخارجية الباكستاني محمد أسحق دار مساء الجمعة "إن وقف النار بغزة هش ومحفوف بالمخاطر وندعم نزع سلاح حماس لكن يجب تلبية مطالب الفلسطينيين" وهذا يكاد يلخص قاعدة المواقف العربية والإسلامية لتطبيق خطة ترامب واتفاق وقف النار الدائم بعيداً عن الأجندة أو المصالح الإسرائيلية. 

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث