اعتداءات المستوطنين المتصاعدة: استعار معركة حسم الضفة!

أدهم مناصرةالأحد 2025/11/02
مستوطنون اعتداءات الضفة (Getty)
اعتداءات المستوطنين أسفرت عن استشهاد 13 فلسطينياً (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر

صعّد المستوطنون هجماتهم بوتيرة أشد على المواطنين والمزارعين الفلسطينيين في أنحاء الضفة الغربية، شمالاً ووسطاً وجنوباً، فنفذوا خلال موسم قطف الزيتون، نحو 300 اعتداء، ما أسفر عن إصابات وحرق أشجار ومزروعات وتدمير وسرقة للممتلكات.

 واعتبرت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أن الأيام الأخيرة شهدت الموجة الأعنف من اعتداءات المستوطنين، على نحو منسق لمنع وصول المواطنين الفلسطينيين إلى أراضيهم.

وقال مدير عام التوثيق في الهيئة أمير داوود لـ"المدن"، إن مجموع الاعتداءات التي نفذها المستوطنون في عموم الضفة منذ بداية العام، بلغ أكثر من 3220 اعتداء، ما أسفر عن استشهاد 13 فلسطينياً وإصابة آخرين وتدمير ممتلكات، بينما نفذ المستوطنون منذ 7 تشرين أول/أكتوبر عام 2023 نحو 8 آلاف اعتداء في الضفة، نتج عنها 34 شهيداً وسيطرة على مزيد من الأراضي والشوارع بحماية قوات الاحتلال.

 

حرب تستعر.. لحسم أمر الضفة

والواقع أن هذه الاعتداءات تصاعدت في السنتين الأخيرتين، بعد تلقي المستوطنين دعماً وتمكيناً أكبر من حكومة اليمين الإسرائيلي، سواء على صعيد تزويدهم بعشرات الآلاف من قطع السلاح، وتأمينهم بمزيد من نقاط الرصد والمراقبة التي أقامها جيش الاحتلال الذي يتدخل لصالحهم عند لحظة تصدي المواطنين الفلسطينيين لهجماتهم، مروراً بتزويدهم بآليات ومركبات مخصصة للسير في الجبال الوعرة والهجوم على الفلسطينيين أينما كانوا، ناهيك بأن وزارة المالية الإسرائيلية خصصت بنداً في السنتين الأخيرتين لدعم مستوطني الضفة تحت مسمى "تمكين الشباب اليهودي".. وهي كلها تؤكد أن اعتداءات المستوطنين ليست عشوائية بالنظر إلى الأمور اللوجستية والمالية والأمنية المُوفّرة لهم، وإنما هي حرب تستعر لمحاولة حسم أمر الضفة، عبر فرض واقع استعماري مستدام، تكون فيه الغلبة والسيطرة المطلقة للمستوطن. 

 

كيف مُكّن المستوطنون؟

ويؤكد متخصصون بالشأن الإسرائيلي لـ"المدن" أن اعتداءات المستوطنين تصاعدت بعد سيطرة الوزير المتطرف بتسلئيل سموتريتش على قسم الضفة الغربية في وزارة الأمن الإسرائيلي، مع العلم أن سموتريتش نفسه مستوطن، وقاعدته الانتخابية مبنية على مستوطني الضفة، وكان قد أصدر تعليمات للجيش بضرورة التعاون والتساهل مع المستوطنين، كما ألغى إجراء السجن الإداري للمستوطنين المتورطين بأعمال عنف، ويطالب اليمين المتطرف بأن يعفو الرئيس الإسرائيلي عن المستوطنين المتهمين بحرق وقتل عائلة دوابشة في قرية دوما بنابلس قبل سنوات.

ويُقدر عدد المستوطنين الذين يشنون هجمات منظمة على الفلسطينيين وبلداتهم وتجمعاتهم في كل جغرافيا الضفة، بالآلاف، ويتنبى معظمهم أيديولوجية الوزيرين المتطرفين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، فيما يدعم بعضهم حزب "ليكود".

 

مراحل الهجوم.. وأنماطه

وأفاد باحثون بشؤون الاستيطان لـ"المدن" أن مقاطع مصوّرة وثقت أن أفراداً من المستوطنين وقادتهم، يشاركون في تنفيذ الاعتداءات في أكثر من منطقة متباعدة، ما يُؤشر إلى عمليات مُمنهجة لتهجير الفلسطينيين وحشر وجودهم فيما يُشبه "الأقفاص". ويستخدم المستوطنون صفحات مغلقة في "تيليغرام" و"واتس آب" للإبلاغ عن وجود فلسطينيين في أماكن معينة، ثم تحشيد بعضهم لشن هجوم عليهم، مع العلم أن بعضهم يتولى مهمة الرصد والمراقبة لتحركات المواطنين والمزارعين الفلسطينيين وتحديد عددهم وجمع كافة التفاصيل، مروراً بإبلاغ مجموعات المستوطنين للاستنفار وشن الهجوم، مستخدمين أسلحة نارية وعصي وغاز الفلفل وغير ذلك من أدوات الهجوم والتنكيل بالفلسطينيين.

ويقول فلسطينيون لـ"المدن" إنهم يواجهون هجمات المستوطنين وحدهم ودون دعم من أحد، مشددين على أن السلطة الفلسطينية لا توفر لهم أدنى مقومات الصمود للتصدي للاعتداءات الأشد وتيرة والأوسع نطاقاً، خصوصاً أن هؤلاء المستوطنين باتوا يهاجمون بلدات ومناطق لم تكن لديهم الجرأة على الوصول إليها في السنوات الماضية.

وأوضح مدير التوثيق في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أمير دواد لـ"المدن" أن هناك أنماطاً متعددة للاعتداءات، بحيث ترتبط بالمخطط الاستيطاني في كل منطقة، فمثلاً يكثف المستوطنون هجماتهم على القرى الشرقية لمحافظة رام الله والبيرة؛ كونها قريبة من الشارع الاستيطاني "ألون"، حيث يريدون منع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم الواقعة شرق هذا الشارع الاستيطاني، وبالتالي حشر تواجدهم في جهته الغربية.

 

33 تجمعاً هُجّر قسراً

وخلال السنتين الأخيرتين، تعرض 33 تجمعاً فلسطينياً للتهجير القسري بشكل كامل، وذلك نتيجة هجمات المستوطنين وأوامر الاحتلال العسكرية، بينما تعرضت 10 تجمعات لتهجير بعض سكانها، وفق منظمة "بتسيلم" الإسرائيلية.

ومع تصاعد نهج الاستيطان الرعوي لقضم الأراضي الفلسطينية، فإن ما يزيد قهر الفلسطينيين أيضاً، هو نشر مجموعات المستوطنين فيديوهات توثق سرقتهم لعادات وتقاليد وطقوس العائلات الفلسطينية خلال قطف ثمار الزيتون، لدرجة بثهم في مواقع التواصل فيديوهات لعائلات المستوطنين وهم يمارسون طقوس قطف ثمار الزيتون في أراض استولوا عليها، على أنغام موسيقى وأغاني تراثية فلسطينية، أعادوا غنائها باللغة العبرية، وكأنهم "سكان أصليون"!

 

مخططات متسارعة.. لتسمين الاستيطان

وضمن تبادل الأدوار وتكاملها لحسم معركة الضفة، تسارع المؤسسة الرسمية الإسرائيلية جهودها لتسمين الاستيطان وتوسيعه، حيث كشفت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عن نية الاحتلال دراسة بناء 2006 وحدات استعمارية جديدة من خلال جلستي عمل لما يسمى "مجلس التخطيط الأعلى"، حيث سيتم نقاش خطط بناء تخص 8 مستوطنات مقامة في محافظات القدس ورام الله وطولكرم وسلفيت وبيت لحم وأريحا.

وتجدر الإشارة إلى أن "مجلس التخطيط الأعلى" للاسيتطان، يواظب على الانعقاد في السنتين الأخيرتين بوتيرة أكبر مما سبق؛ بهدف دراسة المخططات الاستيطانية وتحديثها.

ومنذ 7 تشرين أول/أكتوبر 2023 درست جهات التخطيط الإسرائيلية ما مجموعه 355 مخططا هيكليا لغرض بناء ما مجموعه 37415 وحدة استيطانية على مساحة تقدر ب 39 ألف دونم، جرت عملية المصادقة على 18 ألفاً و800 وحدة منها، في حين تنتظر أخرى مراحل البحث والتصديق.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث