إسرائيل تراقب: إيران تعيد التموضع نووياً وإقليمياً

المدن - عرب وعالمالأحد 2025/11/02
إيران طهران (Getty)
منع عودة إيران: كيف ترى إسرائيل معركة ما بعد الإنجازات العسكرية(Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر

 

نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، في تحليل موسّع للباحث في الشؤون الإيرانية راز تسيمت، تقديراً استراتيجياً يفيد بأن إيران لا تُظهر أي نية للتراجع عن سياساتها الإقليمية أو طموحاتها النووية، على الرغم من الضربات القاسية التي تلقتها هي ووكلاؤها خلال العامين الماضيين، وخصوصاً بعد حرب الأيام الـ12 في حزيران/يونيو 2025.

ووفق ما نقلته الصحيفة عن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، في مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس"، فإن مفتشي الوكالة لم يُسمح لهم بدخول المواقع النووية الإيرانية منذ الحرب، إلا أن صور الأقمار الصناعية أظهرت "تحركات" في محيط مواقع تخزين اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، والذي ظل بحوزة طهران حتى بعد استهداف منشآتها النووية.

وبحسب تسيمت، ورغم عدم وجود أدلة مؤكدة حتى الآن على شروع إيران في إعادة بناء قدرات التخصيب التي تضررت خلال الحرب، فإن احتمال استغلال طهران ما تبقى لديها من مخزون مخصب للمضي سراً نحو إنتاج سلاح نووي لا يمكن استبعاده.

وفي سياق متصل، أوردت "يديعوت أحرونوت" نقلاً عن تقرير لشبكة "سي أن أن" يستند إلى مصادر استخباراتية أوروبية، أن إيران وسعت وارداتها من الصين لمادة نيترات بيركلورات الصوديوم، المستخدمة في إنتاج وقود الصواريخ الباليستية. وترى الصحيفة أن هذه المؤشرات تعكس سعياً إيرانياً لإعادة بناء منظومة الصواريخ بعيدة المدى، والتي تعتبرها طهران أداة استراتيجية ضد إسرائيل.

 

ترميم المحور الإقليمي

ويشير تقرير تسيمت في الصحيفة إلى أن إيران تعمل بالتوازي على إعادة تأهيل "محور المقاومة" بعد الانتكاسات التي تعرض لها. فبحسب الصحيفة، يواصل "حزب الله" ترميم قدراته العسكرية وتعويض مخزون الصواريخ والذخائر رغم الضربات الجوية الإسرائيلية شبه اليومية. كما تذكر الصحيفة أن جزءاً من هذه الأسلحة لا يزال يُهرّب عبر سوريا، رغم الجهود الإسرائيلية والسورية لمنعها.

وتضيف الصحيفة أن طهران ما زالت تزود الميليشيات الموالية لها في العراق بالسلاح، وسط تقديرات إسرائيلية بأن هذه الأدوات قد تُستخدم مستقبلاً في هجمات ضد إسرائيل.

كما أشارت الصحيفة إلى إعلان الجيش الإسرائيلي وجهاز "الشاباك" إحباط محاولة تهريب كبيرة لأسلحة متطورة من إيران إلى الضفة الغربية، فضلاً عن إعلان قوات الحكومة اليمنية مصادرة سفينة إيرانية قرب مضيق باب المندب محمّلة بأسلحة بينها صواريخ "كورنيت" كانت في طريقها للحوثيين.

 

انقسام داخلي في طهران

ووفق تحليل "يديعوت أحرونوت"، يشهد الداخل الإيراني نقاشاً حاداً منذ الحرب حول الدروس المستخلصة. فـ"التيار المعتدل" يدعو ـ بحسب الصحيفة ـ إلى تحول استراتيجي عبر إصلاحات داخلية وعلاقات أقل تصادماً مع الغرب والعرب، واستئناف الحوار مع واشنطن.

في المقابل، تذكر الصحيفة أن التيار المحافظ والراديكالي، المسيطر على مؤسسات القوة، يرى أن النهج الحالي أثبت ضرورته الردعية، وأن المطلوب هو تعديلات تكتيكية لا تغير الإطار الاستراتيجي.

وتخلُص الصحيفة إلى أن القيادة الإيرانية، بزعامة علي خامنئي، لا تعطي مؤشرات على تغيير المسار، معتبرة أن الحفاظ على الخيار النووي وتعزيز القدرات العسكرية واستمرار دعم الوكلاء الإقليميين، أولوية استراتيجية متزايدة.

 

بين الضعف والفرص

رغم ذلك، تقدر الصحيفة أن إيران ازدادت ضعفاً نتيجة تراكم الأزمات، فهي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة وتضخم متصاعد، ونقص المياه والكهرباء، وضعف داخلي وتآكل الثقة الشعبية، وتضرر القدرات النووية والصاروخية، وخسائر لوكلائها بعد هزيمة "حزب الله: وسقوط النظام السوري وتراجع "حماس".

لكن "يديعوت أحرونوت" ترى أن طهران ما زالت تملك فرص نفوذ جديدة، بينها استمرار وجود "حماس" في غزة، وتعذر نزع سلاح "حزب الله" بالكامل، و "الفوضى السورية"، استفادتها من التوتر الأميركي–الروسي–الصيني، وتراجع صورة إسرائيل دولياً.

ويختتم تقرير راز تسيمت في "يديعوت أحرونوت، " بالتأكيد على أن إضعاف إيران ليس مساراً لا عودة عنه، داعياً إسرائيل إلى الاستعداد لسيناريو مواجهة جديدة، ولا سيما إذا نجحت طهران في إعادة بناء قدراتها النووية.

ويشدد تسيمت في الصحيفة على أن القوة العسكرية وحدها غير كافية، ويوصي بضرورة التوصل إلى اتفاق نووي طويل الأجل مع قيود صارمة ورقابة مُحسّنة من الوكالة الدولية، وإضعاف محور إيران عبر تعزيز الدول العربية المركزية وتحصينها، وخلق بدائل نفوذ إقليمية تحدّ من قدرة طهران على استغلال الفوضى والفراغات الأمنية.

وتشدد "يديعوت أحرونوت" بأن نجاح إسرائيل في المواجهة مع إيران مرهون بقدرتها على استثمار نتائج حرب 2025 لترسيخ واقع إقليمي جديد يمنع طهران من استعادة قوتها.

 

 

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث