ارتكبت وحدات في جيش الاحتلال الإسرائيلي مئات الانتهاكات المحتملة للقانون الأميركي المتعلق بحقوق الإنسان خلال حرب الإبادة على غزة.
تقرير سري
جاء ذلك وفقاً لتقرير سري صادر عن جهاز رقابي للحكومة الأميركية، والذي أشار إلى أن تلك المخالفات ستتطلب من وزارة الخارجية الأميركية عدة سنوات لمراجعتها.
ونقلت صحيفة "واشنطن بوست" أمس الخميس، عن مسؤولين أميركيين، أن نتائج التقرير الصادر عن مكتب المفتش العام في وزارة الخارجية، هي المرة الأولى التي يقرّ فيها تقرير حكومي أميركي بحجم الانتهاكات الإسرائيلية في غزة والتي تندرج تحت أحكام "قانون ليهي"، وهو التشريع التاريخي الذي يحظر تقديم المساعدات الأمنية الأميركية لوحدات عسكرية أجنبية تُتّهم بصورة موثوق بها بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وسمي القانون بهذا الاسم نسبة إلى السيناتور السابق باتريك ليهي (ديمقراطي من فيرمونت)، الذي قدم التشريع. وتُعد إسرائيل أكبر متلقٍّ تراكمي للمساعدات الأميركية في العالم، إذ تتلقى سنويًا ما لا يقل عن 3.8 مليارات دولار، وحصلت على عشرات المليارات الإضافية في السنوات الأخيرة.
مخاوف بشأن مساءلة إسرائيل
وبحسب الصحيفة قال المسؤولان الأميركيان، اللذان تناولا تفاصيل التقرير شريطة عدم الكشف عن هويتيهما نظرا لسرية محتواه، إن نتائج الهيئة الرقابية أثارت مخاوف بشأن فرص المساءلة عن أفعال إسرائيل بالنظر إلى تراكم عدد كبير من الحوادث وطبيعة عملية المراجعة التي تُظهر ميلاً لمنح الجيش الإسرائيلي معاملة تفضيلية.
وتعليقاً على التقرير، قال مسؤول حقوق الإنسان السابق في وزارة الخارجية الأميركية تشارلز بلاها، لـ"واشنطن بوست": "ما يقلقني هو أن المساءلة سوف تُنسى الآن بعدما خفت ضجيج الصراع"، في إشارة إلى دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ في 10 أكتوبر/تشرين الأول الحالي. فيما رفض مكتب المفتش العام التعليق على مضمون التقرير، لكنه أقر بوجوده على موقعه الإلكتروني، حيث ورد: “يحتوي هذا التقرير على معلومات سرية وغير متاحة للاطلاع العام".
وتم إنجاز التقرير قبل أيام قليلة من دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ.
ولفت التقرير إلى أنه، من ضمن الانتهاكات المرصودة، استشهاد أكثر من 100 فلسطيني على يد جيش الاحتلال أثناء تجمعهم قرب شاحنات مساعدات في مدينة غزة خلال شباط/فبراير الماضي، إضافة إلى اغتيال سبعة من موظفي منظمة "وورلد سنترال كيتشن" في نيسان/أبريل 2024. وأشارت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن في تقرير إلى الكونغرس العام الماضي إلى أنها لم تتوصل بعد إلى "استنتاجات حاسمة" حول ما إذا كانت أسلحة أميركية قد استُخدمت في تلك الحوادث.
بروتوكول مراجعة انتهاكات حقوق الإنسان
وقال المسؤولان الأميركيان لـ"واشنطن بوست"، إن التقرير السري يشرح بروتوكول مراجعة انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الجيوش الأجنبية التي تتلقى مساعدات أميركية. في حالة إسرائيل، يوضح التقرير كيف أن العملية البيرقراطية المصممة خصيصاً والتي وضعتها الإدارات الجمهورية والديمقراطية المتعاقبة تمنح إسرائيل ميزة على الدول الأخرى التي تواجه مزاعم مماثلة بانتهاكات حقوق الإنسان.
ووفقاً للتقرير، فإن البروتوكول المعروف باسم منتدى فحص ليهي الخاص بإسرائيل، يتضمن مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى وعملية أطول من المراجعات الخاصة بالدول الأخرى. وقال المسؤول السابق في وزارة الخارجية والناقد للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط، جوش بول، إنه في ظل الفحص العادي، يكفي اعتراض مسؤول واحد لحجب المساعدة عن وحدة عسكرية، لكن بالنسبة لإسرائيل، يجب على مجموعة عمل أميركية "التوصل إلى إجماع حول ما إذا كان قد حدث انتهاك جسيم لحقوق الإنسان".
ويضم هذا الفريق ممثلين عن السفارة الأميركية في إسرائيل، ومكتب شؤون الشرق الأدنى، وهما جهتان غالباً ما تدافعان عن مواقف إسرائيل داخل النظام الأميركي. وبعد ذلك، تُستشار الحكومة الإسرائيلية بشأن الحادث ويُطلب منها بيان ما إذا كانت قد اتخذت إجراءات لمعالجته. وإذا خلص الفريق إلى أن وحدة ما ارتكبت انتهاكاً جسيماً، فيمكنه التوصية باعتبارها "غير مؤهلة" لتلقي المساعدة الأميركية، ويُعرض القرار في نهاية المطاف على وزير الخارجية للمصادقة. وقال بول إن هذا النظام المعقَّد أدى إلى نتائج متوقعة: "حتى الآن، لم تُوقف الولايات المتحدة تقديم المساعدة لأي وحدة إسرائيلية رغم وجود أدلة واضحة".
