شهدت محافظات سورية عدة، تظاهرات حاشدة تحت شعار "صوت واحد لأجل الجزيرة السورية"، مطالبةً بـ"تحرير منطقة الجزيرة السورية" شمال شرق البلاد من سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وسط تنديد بانتهاكاتها المستمرة بحق السكان، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، والتجنيد الإجباري، والاقتحامات للمنازل.
وانطلقت التظاهرات عقب صلاة الجمعة في أكثر من 17 نقطة احتجاجية رئيسية شملت دمشق، درعا، إدلب، حمص، حلب، حماة، طرطوس، اللاذقية، منبج، دير الزور، عفرين، معدان، سلوك، رأس العين، تل أبيض، أقجة قلعة، وإيسن، حيث رفع المتظاهرون الأعلام السورية ولافتات تؤكد على وحدة التراب السوري ورفض أي مشاريع تقسيم أو احتلال.
وشهدت الساحات في دير الزور والرقة، توافداً كثيفاً رغم انتشار دوريات "قسد" بالقرب من المساجد، في محاولة لاحتواء الاحتجاجات التي اعتُبرت الأكبر منذ توقيع اتفاق آذار/مارس الماضي بين الحكومة السورية وقيادة "قسد".
خلفية الحراك
تأتي هذه التظاهرات استجابةً لدعوات أطلقها ناشطون من مناطق الجزيرة السورية عبر منصات التواصل الاجتماعي، بعد تصاعد التوتر والاحتقان الشعبي على خلفية مقتل شابين من أبناء دير الزور والحسكة برصاص عناصر "قسد".
وكان آخر تلك الحوادث مقتل الشاب مجد الرمضان الهنشل في بلدة الكسرة غرب دير الزور يوم الاثنين الماضي، برصاص عناصر "قسد" إثر مشادة على الطريق، سبقتها بأيام عملية مداهمة في ريف القامشلي أدت إلى مقتل أحد وجهاء قبيلة شمّر، محمود الهليل الشاهر الشمري، داخل منزله، ما أثار موجة غضب عارمة بين أبناء القبائل العربية.
بيان سياسي ومطالب وطنية
وتزامن الحراك الشعبي مع بيان صادر عن "الهيئة العامة لثوار سوريا"، التي أعلنت دعمها الكامل للتظاهرات تحت عنوان "ارحلوا عنا يا قسد". وجاء في البيان السياسي رقم 1 الصادر في 25 تشرين الأول:
"انطلاقاً من ثوابت الثورة السورية ومبادئها الوطنية الراسخة، وإيماناً بوحدة الأرض والشعب والسيادة السورية، نعلن دعمنا الكامل للمظاهرات الشعبية السلمية الرافضة لسيطرة "قسد" وممارساتها القمعية بحق أبناء الجزيرة السورية، واستيلائها على مقدرات المنطقة وخيراتها".
وأكد البيان أن هذه التظاهرات "تعبر عن الإرادة الحقيقية لأبناء الجزيرة الذين يرفضون مشاريع التقسيم، ويتمسكون بانتمائهم الوطني للدولة السورية الموحدة". كما دعا البيان القوى السياسية الوطنية إلى توحيد الموقف والصف حول مطالب الجزيرة، وعودة مؤسسات الدولة إلى كامل الأراضي السورية.
خمسة مطالب موحدة
وفي ساحة المرجة وسط دمشق، قرأ الشيخ فرج حمود السلامة، من قبيلة البوشعبات، بياناً موحداً باسم المتظاهرين، ركز فيه على ضرورة العمل على حل وطني شامل يضمن وحدة الأرض والشعب تحت راية الدولة السورية، وإنهاء ملف "قسد"، وضمان عودة المهجرين إلى مناطقهم في الجزيرة السورية، ووقف أي دعم خارجي سياسي أو عسكري أو مالي لأي جهة خارجة عن سيطرة الدولة، وإعادة مؤسسات الدولة إلى كامل مناطق الجزيرة، وإطلاق سراح المعتقلين والمخطوفين ووقف الانتهاكات التي ترقى إلى جرائم حرب.
وأكد الشيخ السلامة لوكالة الأنباء الألمانية، أن البيان تمت تلاوته في جميع المدن التي شهدت احتجاجات اليوم، موضحاً أن "المتظاهرين عبّروا عن رفضهم لتحويل الجزيرة إلى مرتع للمخدرات والأنفاق، في وقت تسعى فيه الحكومة للحوار".
خلفية التوتر القائم
وكانت الحكومة السورية برئاسة أحمد الشرع قد وقعت في 10 آذار/مارس اتفاقاً مع قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي، يقضي بدمج قوات "قسد" في الجيش السوري، وعودة مؤسسات الدولة إلى مناطقها، وتسليم المعابر وحقول النفط والغاز إلى الحكومة المركزية قبل نهاية العام الجاري.
غير أن تباطؤ تنفيذ بنود الاتفاق، واتهامات الأهالي لـ"قسد" بالاستمرار في حفر الأنفاق وتجنيد القاصرين وفرض الإتاوات، أعادت التوتر إلى الواجهة، وأعطت زخماً جديداً للاحتجاجات الراهنة.
