أفادت مصادر مطلعة في إيران قناة "تحكيم ملت" عبر تلغرام، باستدعاء الدبلوماسي السابق محمد الصدر، ابن شقيق الإمام موسى الصدر، عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، إلى القضاء وذلك بعد احتجاج رسمي قدمته الحكومة الروسية إلى وزارة الخارجية الإيرانية.
ووفقاً للتقرير، طالبت روسيا في مذكرة رسمية بمحاكمة محمد الصدر بسبب تصريحاته حول نقل الروس معلومات عسكرية إيرانية إلى إسرائيل.
وقبل نحو شهرين، قال محمد الصدر في حوار تمت إعادة نشره على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي: "في الحرب الأخيرة والحرب السابقة، عندما ضربت إسرائيل جميع مراكز دفاعنا الجوي، كانت هناك شكوك حول كيف ضربت إسرائيل بدقة هذه المراكز. وبعد ذلك اتضح أن روسيا هي من نقلت معلومات مراكز الدفاع الجوي في البلاد إلى إسرائيل. وهذا أظهر أن ما يطرح على أنه (معاهدة استراتيجية بين ايران وروسيا) هو هراء. لا ينبغي لنا أن نثق بروسيا؛ ففكرة أنها ستأتي لمساعدتنا في يوم الحاجة وتتصادم مع أميركا مجرد وهم".
وأثارت تصريحات الدبلوماسي السابق المحنك غضب موسكو الشديد، وواجهت رد فعل رسمي من السفارة الروسية في طهران. وبحسب المصادر المطلعة، تم استدعاء محمد صدر أخيراً بعد تلقي احتجاج روسي.
رئيس البرلمان يتهجم على روحاني وظريف
وفي السياق نفسه، قال رئيس مجلس الشورى الإسلامي محمد باقر قاليباف، في كلمته الأخيرة في جلسة المجلس العلنية، مشيراً إلى الرئيس الأسبق حسن روحاني ووزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف، إنه يرى من الضروري الإعلان عن "انتقاده الصريح" لمواقفهما التي "ألحقت الضرر بالمسار الذي كانت تتقدم فيه التعاملات الاستراتيجية مع روسيا".
وبحسب بعض المراقبين، تمت صياغة مضمون هذه الكلمة بعد إعلام واستشارة وطلب من الجانب الروسي.
ويأتي ذلك في حين لم يتخّذ روحاني موقفاً سلبياً من روسيا سوى الإشارة إلى أن جميع الدول الست الأطراف في المفاوضات النووية مع إيران، بما في ذلك روسيا والصين، وافقت على القرارات الأممية بفرض عقوبات على إيران. كما نفى ظريف التهمة التي وجهها له وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، ورد اتهامات تضمين "آلية الزناد" في الاتفاق النووي إلى روسيا.
وفي أعقاب رد فعل موسكو الحاد ولافروف شخصياً على تصريحات ظريف، أعلن الأخير في منشور على "إنستغرام" أنه امتنع عن نشر بيانه الجاهز ضد مواقف روسيا. وكتب أنه كان ينوي نشر "نص رصين ومتوازن" رداً على "الاستغلال المغرض لتصريحات زميل قديم" -يقصد لافروف- لكنه عدل عن ذلك بناءً على نصيحة "الكبار والأصدقاء".
وهو الأمر الذي تم تفسيره على أنه مؤشر على زيادة الضغوط الخفية التي تمارسها روسيا على جهاز السياسة الخارجية الإيراني.
روسيا خط احمر؟!
ويقول مراقبون، إن استدعاء عضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام، بمستوى محمد الصدر الذي يحمل مكانة عائلية مرموقة وتاريخاً من العمل الدبلوماسي كونه نائباً لوزير الخارجية في عهد الرئيس خاتمي، بسبب احتجاج رسمي من حكومة أجنبية، هو أمر غير مسبوق كما أن التهجم على رئيس أسبق بسبب موقفه من دولة أجنبية، أيضاً يعد أمراً غير مسبوق من على منبر البرلمان. علماً أن التزامن بين استدعاء الصدر وبين خطاب قاليباف، يظهر أن النفوذ الروسي في هيكل صنع القرار الإيراني قد وصل حتى النخاع".
ويبدو أن وقوع إيران في نقطة حساسة ليست بالحرب ولا بالسلم، والضغوط الاقتصادية والأمنية، وموقف روسيا والصين من مواجهة الثلاثية الأوروبية في موضوع تفعيل "سناب باك" وإعادة العقوبات، جعل القيادة الإيرانية تبدي امتعاضاً تجاه اتخاذ أي موقف من شأنه إثارة استياء روسيا خصوصاً أن إيران تمكنت خلال زيارة أمين مجلس الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، الأخيرة إلى موسكو ولقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من الحصول على موافقته على تزويد إيران بنظام الدفاع الصاروخي إس-400، وقد وصلت المفاوضات بشأن شراء طائرات سوخوي 35 الروسية إلى مرحلة حاسمة.
النخب الإيرانية حساسة تجاه النفوذ الروسي
مع ذلك، فإن النخب الإيرانية لا تزال حساسة تجاه النفوذ الروسي في إيران، ولم تنسَ تدخلات روسيا العلنية والخفية في توجيه السياسة الخارجية المناهضة للغرب منذ انتصار الثورة، كما تنسب اقتحام السفارة الأميركية في طهران في العام 1979 إلى طلب وتحريض روسيا عبر عملائها المحليين.
لكن الهجوم على وزير الخارجية الأسبق محمد جواد ظريف، يذكر النخب الوطنية الإيرانية بقصة الانقلاب المزعوم الذي دبره عملاء الاتحاد السوفيتي سابقاً لصادق قطب زادة ثاني وزير خارجية لإيران بعد الثورة، وأوقعوه في فخ، ليتم إعدامه بعد اعتقاله في نيسان/أبريل 1982، دافعاً ثمن موالاته للغرب بحياته. لقد دعم الروس دائماً التيار المتشدد المعادي للغرب في إيران، ويعتبرون التيار السياسي الذي يرغب في تكوين علاقة طيبة مع أوروبا وأميركا خطراً جدياً عليهم. وبالتالي يدرك روحاني وظريف وصدر أن انتقاد روسيا قد يكلّفهم ثمناً باهظاً.
