تعزيزات العمال الكردستاني للحسكة: ألفا مقاتل لمناطق "قسد"

خاص - المدنالخميس 2025/10/30
GettyImages-2113302494.jpg
أوجلان دعا إلى "وضع السلاح وإنهاء الكفاح المسلح"
حجم الخط
مشاركة عبر

في تطور يثير تساؤلات حول مصير اتفاق السلام التركي-الكردي، كشفت مصادر سورية مطلعة عن إرسال حزب العمال الكردستاني تعزيزات عسكرية إلى محافظة الحسكة شمال شرق سوريا، بالتزامن مع إعلان أنقرة عن تقدم في عملية السلام عقب بيان زعيم الحزب عبد الله أوجلان.

وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "المدنفإن حزب العمال الكردستاني بدأفور الإعلان عن الاتفاق مع الحكومة التركية على انسحاب قواته من الأراضي التركيةفي نقل مقاتلين مدربين إلى مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في الحسكة.

ووفقاً لمصادر "المدن" فإن ذلك يتم عبر نقطة حدودية واحدة رئيسية هي منطقة ربيعة (يعربية) الواقعة على الحدود السورية-العراقية في أقصى شمال شرق المحافظة.

 

آلية التسلل والنقل الداخلي

وبحسب المصادر، تدخل القوات بشكل متسلل ومنظم، حيث يتم استقبال المقاتلين في نقاط حدودية محددة مسبقاً، ثم يُنقلون فوراً إلى داخل الأراضي السورية عبر طرق فرعية بعيداً عن أعين الطيران الاستطلاعي التركي أو الأميركي.

ويؤكد المصدر أن العملية تتم بتنسيق كامل مع قيادات "قسد" الميدانية، مما يشير إلى استمرار التحالف الاستراتيجي بين الطرفين رغم الضغوط التركية.

وتضيف المصادر بأن عدد المقاتلين الذين وصلوا خلال الأسبوع الماضي وحتى يوم أمس بلغ حوالي ألفي مقاتل، مع توقعات بزيادة مطردة في الأيام المقبلة. وهم مزيج من المقاتلين المخضرمين الذين شاركوا في معارك جبال قنديل، ووحدات متخصصة في حرب العصابات والتسلل عبر الحدود.

 

توقيت مثير للجدل

يأتي هذا التحرك بعد بيان أوجلان التاريخي الذي دعا فيه إلى "وضع السلاح وإنهاء الكفاح المسلح"، وهو ما رحبت به أنقرة كخطوة أولى نحو حل سياسي. لكن مصادر "المدن" داخل الحزب تؤكد أن القيادة العسكرية تفسر الانسحاب من تركيا على أنه "إعادة تموضع استراتيجي" وليس تسريحاً للقوات، مشيرة إلى أن سوريا أصبحت "الساحة الجديدة للدفاع عن المكتسبات الكردية".

 

السياق الإقليمي والمخاوف التركية

تدرك أنقرة جيداً أن أي تعزيزات لـ"قسد" تعني تلقائياً تعزيزاً للجناح العسكري لحزب العمال الكردستاني، نظراً للتداخل العضوي بين الهيكليتين. وكانت تركيا قد هددت مراراً بشن عملية عسكرية جديدة شرق الفرات في حال استمرار تدفق المقاتلين أو الأسلحة.

من جانبها، تحافظ الولايات المتحدةالداعم الرئيسي لـ"قسد"– على صمت مطبق حيال هذه التحركات، مما يعكس التوازن الدقيق الذي تسعى واشنطن للحفاظ عليه بين حليفتها الاستراتيجية في مكافحة "داعش" وبين شريكها في الناتو.

 

أهداف التعزيزات

تشير المعلومات إلى أن التعزيزات تهدف إلى تعزيز الدفاعات في مواجهة أي هجوم تركي محتمل على تل تمر أو عين عيسى وتدريب كوادر جديدة من "قسد" على تكتيكات حرب الجبال والتسلل وإنشاء قواعد احتياطية في عمق الجزيرة السورية تحسباً لأي انهيار في اتفاق السلام.

وفقاً لمصدر خاص في "قسد" تحدث لـ"لمدن" فإن  قيادة "قسد"، وعلى رأسها مظلوم عبدي، تواجه ضغوطاً متزايدة من حزب العمال الكردستاني لرفض أي اندماج عسكري كامل مع الجيش السوري، رغم بنود اتفاق 10 آذار/مارس.

ويرى قادة الحزب في جبال قنديل أن الاندماج يمثل "تخلياً عن المشروع الكردي المستقل" وتهديداً لوجودهم التنظيمي.

المصدر كشف أن عبدي تلقى رسائل مباشرة من قيادات عليا في الحزب تحذر من "فقدان الشرعية الثورية" إذا تم حل الوحدات الكردية ضمن الجيش السوري دون ضمانات دستورية قوية. كما هددت بعض الوحدات الموالية للحزب داخل "قسد" بالانشقاق أو تعطيل العمليات المشتركة إذا تقدم الاندماج.

هذه الضغوط أدت إلى تأجيل تنفيذ بعض بنود الاتفاق، خاصة فيما يتعلق بدمج المعابر الحدودية وتسليم حقول النفط، مما زاد من توتر العلاقة مع دمشق.

ويُعتقد أن وصول التعزيزات الجديدة من الحزب إلى الحسكة يهدف جزئياً إلى تعزيز موقف عبدي داخلياً أمام هذه الضغوط، مع الحفاظ على توازن دقيق بين الالتزام بالاتفاق والحفاظ على الدعم التنظيمي من قنديل.

 

اتفاق آذار/مارس

يأتي هذا التصعيد العسكري في سياق معقد يتداخل فيه اتفاق 10 آذار/مارس 2025 بين "قسد" والحكومة السورية، الذي وقّعه الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد "قسد" مظلوم عبدي في قصر الشعب بدمشق. يتكون الاتفاق من ثمانية بنود رئيسية، تركز على دمج المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن هيكل الدولة السورية، بما في ذلك المعابر الحدودية، المطارات، وحقول النفط والغاز.

كما يضمن الاتفاق حقوق الكرد السياسية والثقافية في الدستور المستقبلي، مع التأكيد على توحيد الأراضي وتقاسم الثروات، سعياً لنزع فتيل التوترات الداخلية بعد 14 عاماً من الحرب.

ووصف الاتفاق بـ"التاريخي" من قبل محللين كرد، حيث يُعد خطوة أولى نحو الاندماج دون حل كامل لـ"قسد"، مع الاعتراف بـ"نواة ضرورية" لجيش وطني جديد.

وجاء الاتفاق مدعوماً بتفاهمات سابقة بين واشنطن وأنقرة في شباط/فبراير، لتقليص نفوذ القوى الخارجية مثل إيران وإسرائيل عبر "قسد". ومع ذلك، يواجه الاتفاق تعثراً ملحوظاً بعد سبعة أشهر، مع مناوشات عسكرية متفرقة في حلب وسد تشرين، وتنصل جزئي من "قسد" بسبب خلافات حول آليات اللامركزية والحقوق الدينية.

وفي تشرين الأول/أكتوبر 2025، أعلن الطرفان عن اتفاق وقف إطلاق نار شامل في حلب، مع التأكيد على تنفيذ بنود مارس للحفاظ على أمن المدنيين. ومع ذلك، أكد عبدي في آب/أغسطس مواجهة الاتفاق لتحديات، بينما تهدد دمشق وأنقرة بعمليات عسكرية إذا استمر التأخير، مستفيدة من الضغط الإقليمي.

ويُتوقع أن ينتهي الاتفاق بنهاية 2025، لكنه يعتمد على بناء الثقة، خاصة مع دور تركيا في مراقبة التنفيذ.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث