استشهد وأصيب عشرات الفلسطينيين من جراء تصعيد إسرائيلي في خرق اتفاق وقف إطلاق النار في غزة تخلله غارات على أنحاء القطاع مساء الثلاثاء، فيما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الاتفاق لا يزال صامداً على الرغم من الغارات الإسرائيلية العنيفة.
ويأتي ذلك فيما أعلنت "كتائب القسام" ليل الثلاثاء- الأربعاء، أنها انتشلت جثتي الأسيرين الإسرائيليين أميرام كوبر وساهر باروخ خلال عمليات بحث جرت الثلاثاء، وذلك بعدما كانت قد انتشلت جثة ثالثة في وقت سابق.
وصباح اليوم الأربعاء، أعلن الجيش الإسرائيلي، رسمياً العودة إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بعد ساعات من القصف والغارات والتصعيد في مناطق متفرقة من القطاع. وقال الجيش في بيان، إن العودة لاستئناف وقف إطلاق النار، جاء بتوجيهات من المستوى السياسي، مشيراً إلى أنه بدأ بفرض متجدد للاتفاق بعد خرقه من قبل "حماس". وزعم البيان، أنه "تم القضاء على أكثر من 30 مطلوباً من مستويات القيادة في المنظمات بقطاع غزة".
أكثر من مئة شهيد ضحايا الخروقات الإسرائيلية لاتفاق غزة
وأسفر التصعيد الإسرائيلي عن استشهاد عدد من الفلسطينيين وقالت وزارة الصحة في غزة، اليوم الأربعاء، إن حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ يوم أمس الثلاثاء، ارتفعت إلى 104 شهداء، بينهم 46 طفلاً، في ظل تواصل الغارات الجوية والقصف المدفعي على مناطق متفرقة من القطاع.
وأوضحت الوزارة أن أعداد الضحايا تتزايد مع استمرار عمليات الإنقاذ وانتشال جثامين من تحت الأنقاض، فيما تواصل الطواقم الطبية العمل في ظروف إنسانية صعبة نتيجة الاكتظاظ ونقص الإمدادات.
وفيما أعلن الجيش الإسرائيلي اليوم الأربعاء، مقتل جندي متأثراً بجراحه في هجوم وقع أمس الثلاثاء في رفح، نفت حركة "حماس" علاقتها بحادث إطلاق النار في المدينة، مؤكدة التزامها باتفاق وقف إطلاق النار؛ وطالبت الوسطاء الضامنين للاتفاق بالتحرك الفوري للضغط على الاحتلال، وكبح تصعيده الوحشي ضد المدنيين في قطاع غزة، ووقف انتهاكاته الخطيرة لاتفاق وقف إطلاق النار، وإلزامه ببنوده كافة؛ بحسب ما جاء في بيان لها.
ترامب: الاتفاق لا يزال صامداً
في الأثناء، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي ترعاه الولايات المتحدة، "لا يزال صامداً"، مؤكداً في تصريحات نقلتها وكالة "رويترز"، أن لإسرائيل الحق في الرد على أي هجوم تتعرض له، مضيفاً: "لقد قتلوا جندياً إسرائيلياً، ولذلك رد الإسرائيليون، وكان ينبغي أن يردوا… عندما يحدث ذلك يجب أن يردوا".
وأشار الرئيس الأميركي إلى أن "حماس جزء صغير جداً من عملية السلام في الشرق الأوسط"، محذراً إياها من "أننا سنقضي عليها إذا لم تلتزم بالاتفاق".
الإدارة الأميركية تدعو لضبط النفس
في غضون ذلك، ذكرت تقارير عبرية أن إدارة ترامب، ترى أن تعامل حركة "حماس" مع ملف جثث الأسرى الإسرائيليين لا يُعدّ انتهاكاً لاتفاق وقف إطلاق النار يستوجب "رداً عسكرياً قوياً" من إسرائيل.
ونقلت "القناة 12" العبرية عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن مستشاري ترامب دعوا إسرائيل قبل "عملية رفح" التي نفت حركة "حماس" مسؤوليتها عنها، إلى "التحلي بضبط النفس" وعدم تنفيذ رد عسكري واسع، خشية أن يؤدي ذلك إلى انهيار الاتفاق الذي تم التوصل إليه بموجب خطة ترامب.
ورأى المسؤولون الأميركيون أن "من الأفضل اتباع أساليب أكثر ذكاءً من التصعيد العسكري"، من شأنها "زيادة الضغط على حماس لإعادة جثث الأسرى القتلى من دون تقويض الاتفاق"، وأوضحت القناة أن واشنطن عبّرت عن هذا الموقف "قبل عملية رفح".
ونقل التقرير عن المسؤولين أنفسهم، أن مستشاري ترامب حثّوا رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، على التريّث، وعرضوا أن يتولّى البيت الأبيض إصدار "إنذار جديد وصارم لحماس لإعادة جثث الأسرى القتلى التي تعرف مواقعها خلال أيام"، مع التلويح بأن عدم التنفيذ سيمنح إسرائيل "ضوءاً أخضر" للقيام بخطوات ميدانية إضافية.
نتنياهو يعقد اجتماعاً أمنياً ثانياً
ووفقاً للقناة، أطلعت إسرائيل واشنطن ووكالة الاستخبارات المركزية (CIA) على تسجيل مصوّر عممه لاحقا الجيش الإسرائيلي وادعى أنه "يوثّق إخلال حماس بالتزاماتها عبر فبركة عملية العثور على جثة أحد الأسرى". إلا أن مسؤولين أميركيين تعاملوا مع التسجيل "بتحفظ"، ورأوا أنه "ليس دليلاً قاطعاً"، معتبرين أن تصرّفات "حماس" لا ترقى إلى "خرقٍ يبرر رداً عسكرياً".
وأشارت القناة إلى أن نتنياهو عقد اجتماعاً أمنياً في أعقاب "عملية رفح"، واستعرض توصيات الجيش باستعادة السيطرة على مناطق في القطاع والتوغل داخل "الخط الأصفر" وتنفيذ ضربات محدودة. ونُقل عنه قوله إنه "سيواصل التنسيق مع واشنطن لمعرفة ما هو مسموح به".
وبحسب القناة، فإن العملية التي وقعت مساء الثلاثاء في رفح "غيّرت المعادلة"، إذ عقد نتنياهو اجتماعاً ثانياً مع الكابينت المصغّر وقيادة الجيش والأجهزة الأمنية، وقرر "تنفيذ ضربات قوية فورية" داخل القطاع.
وقال مسؤول إسرائيلي إن "العمليات الحالية لن تؤدي إلى انهيار وقف إطلاق النار، بل ستساعد على تطبيقه بشكل كامل"، مضيفاً أن "حماس تستهزئ بنا وبالأميركيين، ويجب أن تخشى عودة الحرب كي تمتثل للاتفاق".
