لم يمضِ وقت طويل على ظهور دعوات تطالب جماعة "الإخوان المسلمين" في سوريا، بحل نفسها، حتى أعلنت الجماعة عن وثيقة تحت عنوان "العيش المشترك في سوريا"، لتبدو الوثيقة وكأنها رد على تلك الدعوات.
في الوثيقة، طرحت الجماعة تصورها لمستقبل سوريا الجديدة، وطالبت من خلالها بدول ديمقراطية تعددية، وتكون السلطة فيها متداولة سلمياً عبر صناديق الاقتراع.
وللتعليق على ذلك، التقت جريدة "المدن" بالناطق الإعلامي باسم جماعة الإخوان المسلمين في سوريا، سعد الخطيب، الذي أشار بشكل صريح إلى رفض الجماعة حلّ نفسها، متسائلاً: "لمصلحة من ستحل الجماعة نفسها".
من جانب آخر، استبعد الخطيب أن تستجيب الدولة السورية لأي مطالب خارجية، بخصوص عدم منح حرية العمل السياسي لجماعة الإخوان، وقال: "الدولة السورية حريصة على كل الشعب السوري".
وتالياً نص المقابلة:
- ما الاستحقاقات التي استدعت إصدار وثيقة "العيش المشترك في سوريا" التي عرضت فيها جماعة الإخوان رؤيتها لمستقبل الدولة السورية؟ ولماذا اخترتم هذا التوقيت؟
الوثيقة بصورة عامة، عبارة عن مبادئ سياسية تؤمن بها الجماعة وتدعو لها، جُمعت في هذه الوثيقة وتم نشرها في هذا التوقيت لأنه الوقت المناسب في تقديرنا، لما يمر فيه وطننا من تحديات كبيرة، ومنها التهديد بالتقسيم، وكذلك الدعوات لانقسام المجتمع السوري بصور مختلفة، في وقت نحن أحوج ما نكون إلى وحدة الصف الوطني واجتماع كلمته. فالوحدة قوة، والفرقة شر، واليوم كلنا يسعى لبناء سوريا بكل تفاصيل البناء، ويجب أن نكون حاضرين في هذا البناء بما نستطيع ونقدر عليه، وهذه الوثيقة جهد من جهود البناء التي نتوخاها ونقدمها لمن أراد أن يستفيد منها، بأي مستوى من مستويات الحضور السوري.
- في الوثيقة ركزتم على مبادئ الديمقراطية والتعددية السياسية والتداول الرسمي للسلطة، هل الوثيقة تعبر عن إعادة تقديم الجماعة نفسها في المرحلة الجديدة؟ وهل يمكن اعتبار الوثيقة بأنها رد على الدعوات التي تطالب الجماعة بحل نفسها، والانخراط في العمل الحكومي؟
الجماعة لم تغب يوماً عن المشهد السوري بكل تفاصيله، وليست بحاجة إلى إعادة نفسها، وبالخلاصة نحن حاضرون ونعمل في كل مكان يساهم في بناء سوريا الجديدة بعد سقوط النظام البائد.
- مستشار الرئيس السوري الشرع، أحمد موفق زيدان، كان قد دعا الجماعة إلى أن تحذو طريق بعض الأجسام السياسية والمجتمعية، التي حلت نفسها بعد سقوط النظام السوري، هل تعتقدون أن هذه الدعوة تدل على أن دمشق لن تمنح الإخوان حرية العمل السياسي؟
نحن جماعة تجاوز عمرها أكثر من ثمانين عاماً، وليست جسماً طارئاً، ولم يؤسس في فترة الثورة فقط وكانت حاضرة في كل المراحل، رغم قسوة ما واجهها من ظلم وقتل وإجرام من قبل النظام البائد، الذي حكم بالإعدام على كل من ينتسب إلى هذه الجماعة من خلال قانون العار رقم 49 لعام 1980، لذا فالجماعة كانت وما زالت قائمة، بإذن الله تعالى.
السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تحل الجماعة نفسها؟ وهي ذات البعد الثوري منذ أكثر من ستين سنة، وتموضعها المعلن بعد التحرير، يدلّ على عقلانية عالية، ودعم الدولة السورية، لتكون جزءاً من حركة البناء لسورية الجديدة، فلمصلحة من حلّ الجماعة؟
-وفق تسريبات فإن أطرافا إقليمية لا تشجع على منح الجماعة حرية للنشاط السياسي في سوريا، ما دقة ذلك؟ وهل تعتقدون أن دمشق ستتماهى مع رغبة تلك الأطراف؟
لم نسمع بتلك التسريبات ولم يصل الى الجماعة شيء بهذا الخصوص، أما عن الحكومة وتماهيها مع دعوات مفترضة من هذا النوع، فلا نعتقد بذلك أبداً، لأن الدولة اليوم حريصة جدا على جميع الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وهي تقوم بدورها بشكل جيد.
- كيف تنظرون إلى مستقبل سوريا في ظل هذه الأوضاع غير المستقرة، والملفات القابلة للانفجار، هل ستستطيع سوريا تجاوز كل ذلك، وكيف؟
بالتأكيد هناك تحديات كبيرة وملفات كثيرة تحتاج إلى عمل دؤوب، لكننا إذا نظرنا إلى التضحيات الكبيرة التي قدمها شعبنا السوري خلال مقارعة النظام الساقط في سبيل تحرير البلد من تلك العصابة الاسدية المجرمة، لا يمكن له إلا أن يستمر في مسيرة البناء والتعامل مع جميع الملفات الصعبة، والحكومة اليوم تسعى بكل طاقاتها للتعامل الحكيم لإصلاح ما دمره النظام الساقط في جميع مناحي الحياة في سوريا، الاجتماعية منها والسياسية والاقتصادية والخدمية، وتظافر الجهود واستثمار الطاقات سيكون له الأثر الكبير في هذا الاتجاه.
ـ الاخوان كانوا رأس حربة في الثورة ضد النظام، لماذا تراجع دورهم بهذه الطريقة في زمن انتصار الثورة؟.
نعم، الجماعة لها تاريخ طويل في مصارعة النظام المجرم منذ تأسيسه إلى أن قامت الثورة المباركة وقدمت مع شعبنا كل ما تستطيع الى أن أكرمنا الله بنصره، وأتم علينا فضله وكرمه، واليوم ونحن نعيش هذا الانتصار العظيم، ما زالت الجماعة تشارك في إعادة الاعمار والبناء والمساعدة بكل طاقاتها وامكانياتها في كل المجالات، وهي تقوم بدورها في هذا الواجب الوطني المطلوب من جميع أبناء سوريا الجديدة.
