رحّب وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، بإعلان رئيس الائتلاف الحكومي، عضو الكنيست أوفير كاتس، عن تحديد الأسبوع المقبل موعداً للتصويت على مشروع قانون يقضي بفرض عقوبة الإعدام على الأسرى الفلسطينيين.
وقال بن غفير في بيانٍ له: "أهنئ رئيس الائتلاف على قراره، وأحيي أعضاء لجنة الأمن القومي، وعلى رأسهم تسفيكا فوغل من حزب (القوة اليهودية)، على جهودهم الحثيثة لدفع القانون قدماً".
وكان بن غفير قد هدد خلال اجتماع كتلة حزبه في الكنيست، الاثنين الماضي، بأن حزبه "القوة اليهودية" لن يلتزم بالتصويت على مشاريع قوانين الائتلاف، في حال لم يُطرح مشروع القانون خلال ثلاثة أسابيع. وأكد أن الاتفاق الائتلافي مع حزب "الليكود" برئاسة بنيامين نتنياهو، ينصّ بوضوح على سن القانون خلال ولاية الكنيست الحالية، متهماً "الليكود" بالمماطلة قبل الحرب على غزة.
وأوضح بن غفير أن الحكومة تذرعت بعدم طرح القانون سابقاً، بـِ "مخاطر محتملة على حياة المخطوفين لدى حماس"، لكنه شدد على أن هذه "الذرائع انتهت بعد عودة جميع المخطوفين الأحياء"، معتبراً أن إقرار القانون يشكل "رافعة ضغط كبيرة على حماس ضمن سلة الأدوات الإسرائيلية في الحرب".
ملفات قضائية ضد عناصر "القسام"
ويتزامن تصعيد بن غفير مع إعلان السلطات الإسرائيلية في 16 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بدء التحضير لمحاكمة عناصر من "كتائب النخبة" التابعة لكتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، بعد الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين الأحياء.
وفي بيان مشترك صدر آنذاك عن نائب رئيس الحكومة ووزير القضاء ياريف ليفين، ورئيس لجنة الدستور والقانون في الكنيست سميحا روتمان، وعضو الكنيست يوليا مالينوفيسكي عن المعارضة، زُعم أن تحقيقات "واسعة النطاق وغير مسبوقة" جرت بحق عناصر القسام المعتقلين منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، شملت آلاف الساعات من الفيديوهات وشهادات الناجين.
وأكد البيان أن التحقيقات أفضت إلى إعداد ملفات اتهام متعددة تتضمن الأدلة المتاحة، مع اقتراح مسارات قانونية مختلفة لمحاكمتهم، وسط متابعة خاصة من لجنة الدستور والقانون في الكنيست لسير هذه التحضيرات.
معارضة وانتقادات حقوقية
وأثار مشروع قانون الإعدام، موجة انتقادات داخل إسرائيل وخارجها. ونشر المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، تقريراً اعتبر فيه مشروع القانون "غير دستوري ويتناقض مع القيم الأساسية للدولة"، مؤكداً أنه سيعرض إسرائيل لـِ "انتقادات وضغوط دولية واسعة" وسيُستخدم حصراً ضد الفلسطينيين.
كما انتقدت منظمات حقوقية إسرائيلية وفلسطينية، بينها جمعية حقوق المواطن في إسرائيل "ACRI" ومركز عدالة، التوجه نحو تشريع عقوبة الإعدام، واعتبرت أنها "خطوة انتقامية" تهدد بتوسيع التمييز القانوني ضد الفلسطينيين.
خلفية تاريخية لتشريع القانون
وبالرغم من أن عقوبة الإعدام أُلغيت فعلياً في إسرائيل منذ خمسينيات القرن الماضي، فإن الكنيست أبقى عليها على نحوٍ استثنائي في حالات "الجرائم النازية" وجرائم ضد الإنسانية. وقد استُخدم هذا الاستثناء في محاكمة أدولف أيخمان وإعدامه في العام 1962، في الحالة الوحيدة التي نُفّذت فيها العقوبة حتى اليوم.
ومنذ التسعينيات، أعادت قوى يمينية متطرفة طرح مشاريع قوانين لتوسيع نطاق الإعدام ليشمل منفذي العمليات الفلسطينية، لكنها كانت تسقط في كل مرة أمام معارضة سياسية وحقوقية واسعة. ففي العام 2018، قدّم حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة أفيغدور ليبرمان، مشروع قانون يقضي بفرض الإعدام على من وصفهم بـِ "الإرهابيين" الفلسطينيين. وبالرغم من تمريره بالقراءة التمهيدية في الكنيست، توقفت مناقشته بعد انسحاب الحزب من الحكومة وسقوط الائتلاف.
ولعبت المحكمة العليا الإسرائيلية دوراً حاسماً في إعاقة هذه المحاولات؛ إذ اعتبرت أن عقوبة الإعدام تتعارض مع "القيم الأساسية للنظام القضائي الإسرائيلي"، ومع التزامات إسرائيل الدولية، ورفضت في عدة أحكام سابقة توسيع تطبيقها خارج الحالات الاستثنائية المنصوص عليها في القانون. كما استندت المحكمة إلى مبدأ أنَّ الردع يمكن تحقيقه عبر العقوبات الطويلة الأمد، وأنَّ الإعدام "لا ينسجم مع المعايير الديمقراطية" التي تلتزم بها الدولة.
وبعد انتخابات 2022 وصعود اليمين المتشدد، تضمّن الاتفاق الائتلافي بين حزب "الليكود" وحزب "القوة اليهودية" بزعامة إيتمار بن غفير، بنداً صريحاً لسن قانون الإعدام خلال ولاية الكنيست الحالية.
بعد الحرب على غزة
ومع اندلاع الحرب على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، عاد المشروع بقوة إلى طاولة البحث، مدعوماً من وزراء وسياسيين في الائتلاف، بالرغم من استمرار معارضة قانونية وحقوقية واسعة.
ويمثل قانون الإعدام أحد أبرز مطالب بن غفير في الائتلاف، ويأتي دفعه به الآن في سياق المزايدات السياسية داخل الحكومة الإسرائيلية بعد انتهاء ملف الأسرى. كما يعكس محاولات استثمار أجواء الحرب على غزة لتشريع إجراءات عقابية قاسية بحق الأسرى الفلسطينيين، خصوصاً أولئك الذين شاركوا في عملية "طوفان الأقصى".
