تشهد مناطق شمال شرق سوريا، خصوصاً في محافظة الحسكة، توتراً متزايداً بين قبيلة شمر – إحدى أكبر القبائل العربية في المنطقة – وقوات سوريا الديمقراطية (قسد).
وقال مصدر مطلع، لـ"المدن"، فإن هذا التوتر يركز على حادثة مقتل الشاب محمد الهليل (المعروف أيضاً بمحمود الهليل الزوبعي الشمري) في قرية كرهوك، والتي أثارت غضباً واسعاً داخل القبيلة.
ولفت المصدر إلى أن الحادث يُعتبر امتداداً لسلسلة انتهاكات متواصلة، مما يهدد بانهيار العلاقات بين قسد وفصيل "الصناديد" التابع لها، والذي يتكون أساساً من أبناء قبيلة شمر ويبلغ عدده حوالي 5000 مقاتل – خصوصاً بعد إعلان القبيلة ولاءها الصريح للحكومة السورية.
العلاقة التاريخية
يُعد فصيل "الصناديد" جزءاً من قسد، ويضم مقاتلين من شمر يقاتلون تحت مظلتها ضد تنظيم "داعش" وغيره. ومع ذلك، أدى تراكم الشكاوى من انتهاكات قسد (مثل الاعتقالات التعسفية والمداهمات)، إلى احتقان متزايد، خصوصاً بين أبناء شمر.وفي قرية كرهوك (منطقة ربيعة)، قُتل محمد الهليل على يد عناصر تابعة لقسد (أسايش).
وُصفت الحادثة بأنها "استباحة للآمنين" و"عمل غير إنساني"، شملت ترويع النساء والأطفال واستخدام قوة مفرطة. وأكدت مصادر قبلية أن أبناء الضحية دافعوا عن منازلهم لساعات دون استسلام.
بيانات الشيوخ
أصدر الشيخ أحمد الجربة، بياناً رسمياً يدين الحادث بشدة، جاء فيه: "أدين بأشد عبارات الإدانة تغول قوات أسايش قسد، واستباحتها للآمنين في استعراض غير مسبوق للقوة الغاشمة في مهاجمة جحافلهم لقرية كرهوك الفزع، وقتلهم عن سابق عمد وإصرار للشهيد محمود الهليل الزوبعي الشمري، وترويع النساء والأطفال بدون وجه حق. والحقيقة أنه عمل غير إنساني ويفتقد إلى أبسط معايير شرعة حقوق الإنسان".
وتابع: "أدين بيان ما يسمى داخلية مقاطعة الجزيرة الذي صبّ الزيت على النار وأحتوى على الكثير من المغالطات وتشويه الحقائق". وحذر من أن إدخال "قوات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب في حوادث لا تمت للإرهاب بصلة، أمر خطير وستكون له تداعيات".
بدوره، أيّد الشيخ محمد مطلق الجربا، بيان ابن عمه أحمد الجربة، مطالبًا أبناء شمر باتخاذ موقف حاسم ضد انتهاكات "قسد". وشدد على عدم الوقوف على الحياد أو اتخاذ موقف "رمادي"، معتبراً الحادث مساً بكرامة القبيلة وحقوق أبنائها. ودعا إلى وحدة الصف وحفظ مكانة شمر، خاصة مع وجود فصيل كامل (الصناديد) يقاتل تحت كنف "قسد".
موقف شيخ القبيلة
وبحسب الباحث خالد العبدو، فإن هذا التطور بالغ الأهمية؛ إذ بعد عدم حضور الشيخ مانع الحميدي الجربا – شيخ القبيلة – اجتماعاً في الحسكة دعته إليه "قسد"، أكد موقف قبيلته الداعم للحكومة السورية الرسمية. ويُعتبر هذا التصريح إشارة واضحة إلى تحول محتمل في التحالفات القبلية بعيداً عن قسد.
وتوقع العبدو في حديث لـ"المدن"، أن يؤدي الاحتقان إلى انهيار كامل للعلاقة بين "قسد" وفصيل الصناديد، مما قد يضعف موقف "قسد" في المناطق العربية. ولفت إلى أن الحادث يمس كرامة القبيلة، ويستوجب تحركاً مسؤولاً لوحدة الصف، وقد يؤدي إلى مواجهات مسلحة أو انسحاب مقاتلي شمر من صفوف قسد.
ويُمثل مقتل محمد الهليل نقطة تحول في علاقة قبيلة شمر بـ"قسد". ويهدد الاحتقان الحالي الاستقرار في المنطقة، وقد يدفع القبيلة نحو تحالفات بديلة مع الحكومة السورية.
