صدرت مؤخراً أحكام غير معلنة بالسجن على عدد من المعتقلين الإسلاميين، في سجن حارم بريف إدلب، تراوحت مدتها بين 6 و10 سنوات. وقالت مصادر محلية إن النسبة الأكبر من المحكومين تنتمي إلى حزب التحرير.
محاكمات سرية
وقالت فاطمة العبود، زوجة أحد المعتقلين من الحزب، لـ"المدن"، إن "المحاكمات جرت بشكل سري، من دون معرفة القاضي أو السماح للمتهمين بالدفاع عن أنفسهم"، مضيفة أن "المعتقلين الذين تمت محاكمتهم حتى الآن وصل عددهم إلى 27 معتقل، بينما ينتظر آخرين دورهم في المحاكمات".
ومن بين المعتقلين الذين تمت محاكمتهم وصدرت أحكام ببراءتهم، 6 أشخاص، هم محمد الشيخ ومصطفى الأغا ومحمد عساف وفاتح ترمانيني وعبد القادر الحجي وعلي الصالح، وأطلق سراحهم خلال النصف الأول من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، رغم صدور قرارات بإخلاء سبيلهم قبل أكثر من شهر.
وبحسب العبود، "يقدم المعتقلون في محاكم سرية تحت الأرض، أمام قضاة ومحامين مجهولين، وتصدر الأحكام بناءً على المزاج، لا على العدل أو القانون، نحن نحتسب أمرنا إلى الله، ونشكو إليه ظلم السجون في إدلب التي تحاكم معتقلينا سراً وبإجراءات غامضة". وتابعت: "لأول مرة نرى قضاة ملثمين ومحامين ملثمين، في محاكمات تجرى وفق مواد قانونية وُضعت في عهد النظام السابق، وهي ذات المواد التي ثار الناس لتغييرها".
وأوضحت العبود أنها زارت زوجها في سجن حارم مؤخراً، وسألته عن الأوضاع بعد زيارة وزير الداخلية للسجون في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، فأخبرها أن "رفاقه يُعرضون على محاكم في سرمدا، تُصدر أحكاماً تصل إلى عشر سنوات".
محاكمات شكلية
وأفادت مصادر مقربة من ذوي المعتقلين في إدلب، بأن محاكمات سرية جرت مؤخراً بحق عدد من الموقوفين الإسلاميين، ممن كانوا قد اعتُقلوا قبل أكثر من عامين، ومن بين المحكومين، صبري عباس، الذي صدر بحقه حكم بالسجن لمدة 8 سنوات، بعد اعتقال دام أكثر من عامين.
ووفقاً لأقاربه، فإن تهمته الوحيدة كانت الهتاف ضد هيئة تحرير الشام سابقاً، خلال إحدى المظاهرات عندما كانت تسيطر على إدلب. كما شملت الأحكام علي دلو، الذي حُكم عليه بالسجن لمدة 6 سنوات بالتهمة ذاتها، أي المشاركة في احتجاجات مناهضة للهيئة في وقت سابق.
وقالت مصادر متابعة لـ"المدن"، إن أهالي المعتقلين تلقّوا نهاية شهر أيلول/سبتمبر الماضي، "أخباراً صادمة" خلال زيارتهم لذويهم، إذ علموا أن إدارة سجون إدلب أجرت محاكمات سريعة وسرية شارك فيها قضاة ومحامون ملثمون، وفي أماكن غير معلنة. وأضافت المصادر أن هذه المحاكمات جرت وفق "قوانين غير واضحة"، ورجّح بعض الأهالي أن تكون مستندة إلى مواد قانونية من عهد النظام السابق.
وبحسب ما نقلت المصادر، "لم تتجاوز جلسات المحاكمة العشر دقائق لكل معتقل"، وتخللها سوء معاملة لفظية وجسدية، حيث لعب القاضي دور القاضي والمحقق في آن واحد. وذكرت المصادر أن بعض المعتقلين طُلب منهم التوقيع على تعهدات بعدم انتقاد الحكومة المحلية أو الحديث عن ملفات حساسة مقابل وعود بالإفراج عنهم، إلا أنهم رفضوا ذلك، ليُبلَغوا لاحقاً بأحكامهم شفوياً.
معارضون سابقون
ويعود اعتقال معظم الذين بدأت محاكمتهم سراً في إدلب، إلى بداية عام 2023، حين أطلق جهاز الأمن العام حملة مداهمات واعتقالات استهدفت عدداً من أعضاء حزب التحرير. وخلال تلك الحملة، تعرضت إحدى مجموعات الأمن العام لكمينٍ مسلح أسفر عن مقتل عنصر وإصابة اثنين آخرين، ما دفع الهيئة إلى تصعيد حملتها الأمنية، متهمةً الحزب بالمسؤولية عن الهجوم و"الاعتداء على عناصرها"، في حين نفى حزب التحرير أي صلة له بالحادثة، مؤكداً أن عناصره غير مسلحين وأن نشاطهم يقتصر على العمل الدعوي والسياسي.
ومنذ ذلك الحين، احتُجز عشرات من أعضاء الحزب في سجون الهيئة بإدلب، وبقوا قيد الاعتقال حتى بعد سقوط النظام السابق. وتشير المعطيات إلى أن الموقوفين يُحاكمون حالياً بتهم تتعلق بالتحريض والمشاركة في أعمال قتل، وسط غموض يلف مجريات المحاكمات.
