قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إنه حذر نظيره الأميركي دونالد ترامب، من أن أيّة محاولة لكبح صادرات النفط الروسية، ستزعزع استقرار أسواق الطاقة العالمية وتنعكس سلباً على الولايات المتحدة نفسها.
وأضاف بوتين، اليوم الخميس، أن "أي انخفاض حاد في كميات نفطنا ومنتجاتنا النفطية المرسلة إلى الأسواق العالمية، سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار"، مؤكداً أن المستهلكين في محطات الوقود الأميركية سيتأثرون مباشرة بذلك.
عقوبات أميركية وأوروبية مشددة
وجاءت تصريحات بوتين بعد أن فرض الاتحاد الأوروبي حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية على روسيا، أضيفت إلى الإجراءات الأميركية التي أعلنها ترامب قبل يوم واحد ضد عملاقي النفط الروسي "روسنفت" و"لوك أويل"، اللتين تمثلان أكثر من 5% من الإنتاج العالمي.
واعتبر بوتين هذه الخطوة، "عملاً غير ودي" قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية، لكنه شدد على أنها "لن تؤثر على نحوٍ كبير على الاقتصاد الروسي".
وتأتي العقوبات الأميركية والأوروبية في إطار مساعٍ لتجفيف مصادر تمويل الحرب الروسية في أوكرانيا المستمرة منذ نحو أربع سنوات. وبالرغم من اعترافه بأن العقوبات الأميركية "خطيرة"، قال بوتين إن الاقتصاد الروسي "لن يخضع للابتزاز"، مؤكداً أن بلاده "لن تقدم أيّة تنازلات تحت الضغط".
ترحيب أوكراني وضغوط متصاعدة
ورحب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي دأب على حشد دعم دولي أشمل لمعاقبة روسيا، بالإجراءات الجديدة، قائلاً من بروكسل: "انتظرنا هذا طويلاً، بارك الله في الأمر، إنه مهم للغاية". وجاءت تصريحاته تزامناً مع قمة أوروبية أعلن خلالها قادة الاتحاد أحدث حزمة من العقوبات ضد موسكو.
وشملت العقوبات الأوروبية حظر واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي ابتداءً من 2027، ومنع دخول أكثر من 100 ناقلة جديدة من "الأسطول الظلي" الروسي إلى الموانئ الأوروبية، لتصل حصيلة السفن المحظورة إلى 557. كما استهدفت العقوبات التعامل بالعملات الرقمية، واستخدام أنظمة الدفع الروسية، إضافة إلى حظر خدمات الذكاء الاصطناعي والحوسبة المتقدمة، وتوسيع قائمة السلع المحظورة لتشمل مكونات إلكترونية وكيماويات ومعادن تُستخدم في الصناعات العسكرية.
ارتباك في أسواق الطاقة
وعلى وقع العقوبات، ارتفعت أسعار النفط العالمية أكثر من 5%، في حين أفادت تقارير بأن شركات التكرير الهندية، أكبر مستورد للنفط الروسي، تدرس تقليص وارداتها، كما علقت شركات النفط الصينية الكبرى مشترياتها مؤقتاً خشية التعرض للعقوبات الثانوية الأميركية.
ويرى خبراء أن العقوبات الأميركية، المقرر دخولها حيز التنفيذ في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، تمنح موسكو "نافذة زمنية" لزيادة مبيعاتها إلى آسيا قبل بدء تطبيقها. وقال كريس ويفر، مدير شركة "ماكرو-أدفايزوري" في لندن: "يمكن التأكد من أن كل مشترٍ آسيوي يحاول الآن الحصول على أكبر قدر ممكن من النفط الروسي قبل بدء تنفيذ العقوبات".
تراجع في العلاقات
يذكر أن ترامب، الذي كان قد أعلن سابقاً عزمه عقد قمة سريعة مع بوتين في بودابست لبحث إنهاء الحرب، ألغى الاجتماع واعتبر أنه "لن يكون مجدياً". وقال من البيت الأبيض: "ألغينا اللقاء مع الرئيس بوتين لأنه لم يكن سيحقق النتائج المرجوة، لكنه قد يُعقد مستقبلاً".
ورد بوتين قائلاً إن فكرة القمة جاءت من الجانب الأميركي، وإن الحوار "أفضل دائماً من المواجهة"، لكنه شدد على أن موسكو "لن تتخذ قراراتها تحت الضغط الخارجي". وأضاف أن محاولات الولايات المتحدة والغرب فرض شروط على روسيا "لن تجدي مع بلد يحافظ على كرامته".
تهديدات عسكرية
في موازاة ذلك، وجه بوتين تحذيراً شديد اللهجة من أن أيّة هجمات أوكرانية عميقة داخل الأراضي الروسية باستخدام صواريخ غربية بعيدة المدى ستُقابل برد "جدي للغاية، وربما ساحق". وقال: "إذا جرى استخدام مثل هذه الأسلحة لضرب أراضينا، فإن الرد سيكون بالغ القسوة… ليفكروا في العواقب".
كما أكدت موسكو أنها ستعتبر أي قيود على صادراتها النفطية أو الغازية تهديداً مباشراً لاستقرار الأسواق العالمية، وأنها سترد بخطوات "مؤلمة" في حال أقدمت أوروبا أو الولايات المتحدة على مصادرة أصولها المجمدة لتقديم قروض إلى أوكرانيا.
